وفاجأت انتفاضة "السترات الصفراء" ماكرون، عندما تفجرت الأحداث يوم 17 نوفمبر/ تشرين الثاني، وهي تمثل تحدياً هائلاً أمامه بينما يحاول إنقاذ شعبيته التي هوت بسبب إصلاحات اقتصادية ينظر إليها على أنها منحازة للأغنياء. وتضم الحركة أطيافاً من المؤيدين من مختلف الأعمار والمهن والمناطق، وبدأت على الإنترنت كرد فعل عفوي على رفع أسعار الوقود، لكنها تحولت إلى تعبير أوسع عن الغضب لارتفاع تكاليف المعيشة على أبناء الطبقة المتوسطة.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "هاريس إنترأكتيف" بعد اضطرابات يوم السبت أن التأييد الشعبي لـ"السترات الصفراء"، لا يزال مرتفعاً إذ يؤيد الاحتجاجات سبعة بين كل عشرة فرنسيين.
لكن ماكرون يقول إن الضرائب على المحروقات جزء من مسعاه لمحاربة تغير المناخ وإنه يريد إقناع السائقين الفرنسيين بالاستغناء عن السيارات التي تعمل بالديزل والإقبال على أنواع أقل تلويثا للبيئة. وأضاف يوم السبت أنه لن يحيد عن أهداف سياسته.
ودعا لوران فوكييه، رئيس حزب "الجمهوريين"، أكبر أحزاب المعارضة إلى استفتاء على خطة ماكرون الانتقالية للطاقة. ودعا جان لوك ميلينشون، رئيس حزب "فرنسا الأبية"، ومارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف، إلى حل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة.
واليوم الإثنين، نظم سائقو سيارات الإسعاف تظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس، قرب مبنى البرلمان، مطالبين بتحسين ظروف عملهم. وأضرم المتظاهرون النار في إطارات السيارات، حيث تسببوا بوقف حركة سير المركبات في المنطقة.
ورفع المتظاهرون لافتة كتب عليها "الدولة قتلتني"، ورددوا هتافات تطالب باستقالة الرئيس إيمانوئيل ماكرون. واتخذت قوات الأمن الفرنسية تدابير أمنية مكثفة في محيط منطقة المظاهرة.
وعلى الصعيد القضائي، أعلن رئيس شرطة باريس ميشال ديلبيش أنه سيتم الرد على أعمال العنف "غير المسبوقة" في العاصمة الفرنسية.
وستجري محاكمة عشرات المشتبه فيهم اعتباراً من الاثنين والثلاثاء، أمام محكمة الجنح في باريس خلال جلسات مثول فوري.
ومن المقرر عقد خمس جلسات الاثنين وأربع الثلاثاء بدل ثلاث في الأوقات الاعتيادية، كما سيضاعف عدد جلسات المثول مع الإقرار مسبقاً بالذنب، وفق آلية تسمح بتفادي محاكمات، وفق ما أفاد مدعي الجمهورية في باريس ريمي هاينز.
وأسفرت أحداث السبت عن توقيف 378 شخصا في باريس وأفادت وزيرة العدل نيكول بيلوبيه أن "حوالى ثلثي" هؤلاء الموقوفين سيحالون على القضاء. ويواجه الموقوفون تهم ارتكاب "أعمال عنف ضد أشخاص يتولون السلطة العامة" و"أعمال تخريب ضد أملاك ذات منفعة عامة" و"التجمع بغية ارتكاب أعمال عنف" و"حمل سلاح"، وهي جرائم يُعاقب عليها بالسجن لمدة تتراوح بين ثلاث وسبع سنوات، بحسب ما أوضح المدعي العام.