ماكرون يبحث في اليابان التعاون الاستراتيجي والملف الإيراني

26 يونيو 2019
أول زيارة رسمية لماكرون كرئيس لليابان (Getty)
+ الخط -
وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الأربعاء، إلى اليابان، في زيارة رسمية تستغرق يومين، قبل أن يشارك في قمة مجموعة الـ20، التي ستنعقد في مدينة أوساكا يومي 28 و29 يونيو/حزيران الحالي. وهذه أول زيارة رسمية لماكرون إلى اليابان، وسيحظى فيها باستقبال من قبل الإمبراطور ناروهيتو، وهو تشريف لم يَحظ به حتى الآن سوى الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

ومن المتوقع أن تستعرض الزيارة ملفات عدة، سياسية واقتصادية تهم البلدين، في المقدّمة منها الشأن السياسي الدولي، التوتر الأميركي الإيراني ومصير الاتفاق النووي.

الاقتصاد وحقوق الإنسان

وليس سراً أن العلاقات الاقتصادية بين فرنسا واليابان ستشكل المحور الرئيسي لهذه الزيارة، إذ كان ماكرون قد عبّر عن أمله في تثبيت خطة عمل لخمس سنوات مقبلة، تهدف إلى تعزيز العلاقات الصناعية والأمنية والثقافية بين البلدين، وأيضاً تعزيز التعاون الثنائي في إطار تعاون أشمل في محور "الهادئ الهندي"، الذي بدأ يكتسي أهمية كبرى في الآونة الأخيرة.

كما سيحضر في محادثات رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي وماكرون مستقبل العلاقات بين شركتي "رونو" الفرنسية و"نيسان" اليابانية للسيارات، التي ترغب باريس بتحقيق تحالف بين الجانبين حولها، ما سيمر، بالضرورة، عبر تهدئة المخاوف اليابانية من امتلاك الحكومة الفرنسية 15 في المائة من أسهم الشركة الفرنسية.

وعلى الرغم من عدم وضع ملف كارلوس غصن، الذي نجح في إنقاذ شركة "نيسان" من إفلاس محقق وجعلها قادرة على المنافسة وتحقيق الأرباح، على طاولة محادثات الزعيمين، رسمياً، بسبب حساسية القيادة اليابانية، وموجة الكراهية التي يتعرض لها كارلوس غصن في الشارع الياباني، بعد اعتقاله، إلا أن هذا الملف سيكون حاضراً، بصيغة أو بأخرى، خصوصاً أن زوجة غصن كانت قد وجهت رسالة إلى الرئيس الأميركي للتدخل في قضيته لدى القيادة اليابانية.

إلى ذلك، تحضر القضايا الإنسانية في هذه الزيارة الرسمية، حيث سيحاول ماكرون معرفة آخر المستجدات بشأن المواطنة الفرنسية تيفان فيرون (36 سنة)، التي اختفت منذ يوليو/تموز 2018. ويعتبر اختفاء فيرون، الذي اعتبره الرئيس الفرنسي "مأساة" إنسانية، لُغزاً حقيقياً، خاصة مع الفعالية والمهنية المعروفة لدى الشرطة اليابانية.   

حضور النووي الإيراني

ويبقى الملف النووي الإيراني الأكثر إلحاحاً على طاولة البحث بين الجانبين الفرنسي والياباني، مع كل ما يرتبط به من توتر كبير في منطقة الخليج، يخشى منه أن يتحوَّل إلى نزاع مسلح بين الإيرانيين والأميركيين، وهو ملف يشغل الفرنسيين باعتبارهم طرفاً في الاتفاق النووي مع إيران وأحد ضامنيه، كما يشغل اليابانيين الذين توجد لديهم مصالح طاقة استراتيجية في الخليج، الذي يتأجج فيه التوتر بين إيران والولايات المتحدة.  


وسيتطرق الرئيس الفرنسي ورئيس الحكومة اليابانية شينزو آبي، خلال لقاءاتهما الثنائية، لهذه القضية المستعجلة، خاصة أن رئيس الحكومة اليابانية كان قد عاد أخيراً من زيارة تاريخية لإيران، حاول فيها نقل رسالة أميركية للقيادة الإيرانية، رفضتها الأخيرة. وسيحاول الطرفان الفرنسي والياباني، اللذان يدافعان معاً عن الاتفاق النووي، تنسيق موقفيهما من أجل إطلاق وساطة بين الإيرانيين والأميركيين، خاصة مع حضور ترامب لقمة مجموعة الـ20.

ولن يجد الزعيمان الفرنسي والياباني صعوبة في إقناع أطراف عديدة في تغليب الحوار والوساطة، لكن إقناعَ ترامب يظلّ أمنية صعبةً، إن لم تكن مستحيلة، حاول الرئيس الفرنسي تحقيقها في بداياته في الإليزيه، من دون أن ينجح، على الرغم من رغبته حينها في إدراج السلاح البالستي الإيراني والتدخلات الإيرانية في الشرق الأوسط في المعادلة لإغواء ترامب، وهو ما أثار في حينه انتقاد القادة الإيرانيين.