ورغم أن الوزير الشاب لم يعلن عن ترشحه للرئاسيات، كما كان يتمنى أنصاره، إلا أنه أظهر طموحا سياسيا واضحا وحماسة لافتة في انتقاد حصيلة الأداء الحكومي، رغم أنه ما يزال على رأس أهم وزارة فيها.
وألقى ماكرون خطابا أمام حشد كبير من مناصريه، فصّل فيه رؤيته لـ"سياسة بديلة ومتجددة"، وأكد على طموحه في "كتابة تاريخ جديد" لفرنسا، داعيا إلى "توحد كل الذين يرغبون في إحداث تغيير إيجابي في البلاد"، حيث قال: "أعرف أن هذا التاريخ الجديد مزعج بالنسبة للبعض. لكن هذا لا مفر منه، لأنه تاريخ ضد النظام السائد". كما وعد مناصريه بأنه سيقود حركته "إلى النصر حتى 2017"، تاريخ الانتخابات الرئاسية، وسط تصفيقات وهتافات تطالبه بالترشح لها.
وبدا وزير الاقتصاد في حكومة فالس وكأنه منخرط في خطاب حملة انتخابية للرئاسيات، لكن من دون أن يتجاوز الخط الأحمر ويعلن ترشيحه، "لأن ذلك سيعني خروجه من الحكومة والدخول في معركة مباشرة مع الرئيس فرانسوا هولاند، ورئيس الحكومة".
وكان فالس قد استشاط غضبا أمام الكاميرات مساء أمس الثلاثاء، حين طُلب منه التعليق على تجمع ماكرون، وشدد على أنه "يجب وضع حد لهذه التصرفات".
ويكنّ فالس عداء شديدا لوزير الاقتصاد الشاب، الذي فرضه هولاند شخصيا عليه، وخاصة أن الرئيس يتعامل معه كـ"طفل مدلل"، حسب عدد من المراقبين، الذين يعتقد بعضهم أن "ماكرون يشتغل وفقا لأجندة "هولاندية" تتوخى إضعاف خصوم الرئيس في المعسكر الاشتراكي، وأيضا جذب تعاطف أنصار اليمين الذين يؤيدون توجهات ماكرون الليبرالية والإصلاحية. وهذا ما يفسر تشبت هولاند ببقاء ماكرون في الحكومة رغم كل ما يخلقه من جدل ومناوشات داخلها".
وأسس ماكرون (38 عاما)، الذي تولى منصبه كوزير عام 2014، حزب "ماضون قُدما" في أبريل/ نيسان الماضي، واعتبره "حركة سياسية وسطية وبديلة لا تنتمي لا إلى اليسار ولا إلى اليمين".
وفي نهاية مايو/أيار الماضي، دشن وزير الاقتصاد الفرنسي حملة لطرق الأبواب في عدة أنحاء في فرنسا، لتجمع حوالى مائة ألف من اقتراحات المواطنين للنهوض بفرنسا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.
ومنذ عدة شهور، أظهرت عدة استطلاعات للرأي شعبية ماكرون المتصاعدة، مقارنة بتدن غير مسبوق لشعبية هولاند وفالس.
كما أنه أطلق عدة تصريحات، في الآونة الأخيرة، لم يستبعد فيها أن يرشح نفسه للانتخابات الرئاسية، مستغلا حالة الغموض التي ترافقه وتحوله إلى ظاهرة غريبة في المشهد السياسي الفرنسي.
وتبقى نقطة الضعف الأساسية لدى ماكرون كونه شخصية تكنوقراطية صرفة، إذ لم يخض أبدا أي استحقاق انتخابي يمنحه شرعية صناديق الاقتراع.
كما أن عمله السابق في مصرف روتشيلد، وقربه الشديد من رجال الأعمال، وميوله الليبرالية، تضعف موقعه داخل "الحزب الاشتراكي"، الذي يتهيأ لخوض انتخابات تمهيدية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، سيشارك فيها هولاند كمرشح، إلى جانب عدد من مرشحي التيار اليساري الغاضبين على أداء الولاية الاشتراكية.