خلال المناظرة التلفزيونية الوحيدة التي تواجه فيها مايك بينس المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس الأميركي مع منافسه الديمقراطي تيم كاين، خلّف حاكم إنديانا انطباعاً إيجابياً في أوساط المحافظين في الحزب الجمهوري، المستائين من فضائح المرشح الرئاسي من صفوفهم، دونالد ترامب وخطابه الشعبوي، ولكنهم مرعوبون في الوقت عينه، من فكرة وصول آل كلينتون مجدداً إلى البيت الأبيض وفوز الديمقراطيين بولاية رئاسية ثالثة متتالية، في عَهدَي الرئيس الحالي، باراك أوباما.
بدايات بينس المولود عام 1959، كانت في انتسابه إلى الحزب الجمهوري، أيام دراسته الجامعية، على الرغم من انتماء عائلته إلى الحزب الديمقراطي. وبعد فشله في الوصول إلى الكونغرس في ثمانينيات القرن الماضي، اختار الرجل المحسوب على المحافظين الانخراط في السياسة والشأن العام من باب الإعلام، تحديداً من خلال برنامج إذاعي كانت تنقله خلال التسعينيات 18 محطة إذاعة في ولاية إنديانا. وفي عام 2000 انتخب للمرة الأولى عضواً في مجلس النواب الأميركي، ثم ترأس اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري عام 2009، قبل أن ينتخب عام 2012 حاكماً لإنديانا.
وقد حقق المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس إنجازات اقتصادية مهمة في إنديانا، متبعاً سياسات محافظة في قضايا العائلة والإجهاض، فضلاً عن رفضه تشريع زواج المثليين في الولاية، وكان من أول حكام الولايات الجمهورية الذين اتخذوا إجراءات مشددة، وأصدر تشريعات تمنع السلطات الفدرالية من إسكان اللاجئين السوريين في ولاياتهم. وذلك على الرغم من اختلاف وجهة نظره عن ترامب في القضية السورية، فبينس يدعو لأن توجّه الولايات المتحدة ضربات عسكرية، من أجل فرض منطقة آمنة في سورية، بعد الهجوم الذي شنّته قوات النظام السوري والقوات الروسية على المدينة.
مع ذلك، فإن حاكم إنديانا، يبدو متمايزاً، منذ اختياره من قبل ترامب، عبر تقديمه خطاباً جمهورياً محافظاً، يختلف في الكثير من العناوين مع خطاب ترامب الشعبوي. كما تجنّب الدفاع عن سجل ترامب الفضائحي مع الضرائب والنساء وعنصريته ضد المهاجرين اللاتينيين والمسلمين، وتجنّب التعليق أيضاً على آراء ترامب في السياسة الخارجية والأمن القومي وحتى في العلاقة المثيرة للجدل التي تربط مرشح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. أكثر من ذلك، ظهر تمايز بينس عن ترامب، ومحاولة تصوير نفسه كـ"حكيم" على عكس ترامب "المتهور"، من خلال إطلاقه مواقف "هادئة" أبرزها كان بقوله إنه "على روسيا أن تواجه عواقب وخيمة في حال ثبت اختراقها لأمن البريد الإلكتروني الأميركي". ووصل به الحال إلى التعهد بأن حملة ترامب ستقبل "نتيجة واضحة للانتخابات الرئاسية مع أن الحملتين تحتفظان بخيارات قانونية إذا كانت النتيجة غير حاسمة ومثار جدل".
لا يختلف اثنان على صعوبة المهمة الملقاة على بينس من أجل إقناع الناخبين الجمهوريين بالتصويت لصالح مرشح الحزب للرئاسة، لكن ما سيكون أكثر صعوبة هو القدرة على التوفيق بين وجهات نظر الرئيس ونائبه فيما لو سكن الجمهوريون البيت الأبيض.