02 نوفمبر 2024
ما بعد معركة تكريت
لتكريت رمزية خاصة في العراق، عدا عن كونها مسقط رأس صلاح الدين الأيوبي وصدام حسين. رمزيتها الجيوبوليتيكية تسمح في ترسيخها نقطة استراتيجية وسط البلاد، ومحطة أساسية للانطلاق إلى الموصل لاحقاً. تخطت ضراوة المعركة وقوتها، تلك التي حصلت في ديالى. هناك، كانت المنطقة شبه ساقطة عسكرياً، لوجودها على تخوم الحدود الإيرانية التي منحت الدعم المطلق للجيش العراقي والمليشيات وقوات "البشمركة" الكردية لمواجهة "داعش". في تكريت، يغيب "البشمركة"، كما تبتعد المدينة عن الحدود الإيرانية.
لا يثني هذا حكومة حيدر العبادي عن محاولة السيطرة على المدينة، لاعتبارات شتّى. فسيسمح سقوط تكريت بيد الجيش العراقي والمليشيات في إعادة تنظيم المدينة قاعدة متقدمة في الحرب مع "داعش"، ومنطلقاً لمعركة الموصل التي يُراد منها إنهاء التنظيم في العراق. كما يسمح في إعادة التوازن للقوات الحكومية، لناحية الدفاع عن بغداد، ولمواجهة أي مخاطر في الأنبار. من جهة "داعش"، تعد المعركة اختباراً جدياً له، بعد تراجعه السريع في أنحاء متفرقة في العراق، على الرغم من قرعه أبواب بغداد في العام الماضي. سيعيد سقوط تكريت تموضع "داعش" في الموصل وجوارها، وبالتالي، سيُمهّد الطريق لمرحلة جديدة من الصراع العسكري. على أن أي انتصار ينوي العبادي وفريقه تحقيقه، يجب أن يكون سريعاً، على طريقة ديالى، وإلا فإن نموذج الفلوجة ما زال ماثلاً في الأذهان.
لا يعني تحقيق السيطرة السريعة على تكريت، في حال حصلت، درء الخلاف أو الاقتتال الداخلي. في ديالى، وقعت مجازر طائفية بعد تراجع "داعش"، في معركة تُعتبر سريعة، قياساً على العمل العسكري. كما أن المعارك طويلة الأمد، كالفلوجة مثلاً، جعلت من الجيش أقرب إلى المليشيات في تحرّكاته. وهو ما يُعزز بروز المخاوف الطائفية في تكريت.
وأبعد من المخاوف الطائفية، وإمكانية تجدّدها بناءً على وقع المعارك العسكرية، فإن ثلاث دول تتابع معركة تكريت من منظورها الخاص. إيران التي تقاتل مباشرة عبر أفراد من الحرس الثوري، وبإشراف قاسم سليماني، والولايات المتحدة التي تراقب مآل المعركة، لدرس أي تدخّل ميداني جديد لها، بعيداً عن الفرق الاستشارية، وتركيا المنهمكة في وضع آخر لمسات طيّ الخلاف الطويل مع حزب العمال الكردستاني.
ترغب إيران في إنهاء الوضع في تكريت بسرعة، بغية فتح معركة الموصل قبل نهاية مارس/آذار الحالي، وفصل الحدود العراقية عن الحدود السورية، لمحاولة تفكيك التنظيم عسكرياً، وللضغط في الملف النووي سياسياً. أما الولايات المتحدة، فتنتظر "الجزء الثاني" من المعركة، الذي سيفتح لها مجدداً باب "الهلال الخصيب" ميدانياً، تحديداً في شقه السوري. وقد يكون تثبيت المواقع "الاستشارية" للقوات الأميركية في العراق، بهدف "مشاهدة" ما يجري في سورية بالذات، لا في العراق. في صورة تُفسّر كيفية سير العلاقة بين واشنطن وطهران.
من جهة تركيا، ما يُرعبها حقاً أمران: الوجود الأميركي العسكري، مع ما سيعنيه من انخراط مباشر في يوميات الشرق الأوسط، كما حصل إبّان غزو العراق في العام 2003، والتقدّم الإيراني المباشر وغير المباشر في الأراضي العراقية، مع ما يعنيه ذلك من إضعاف للنفوذ التركي في الملفين العراقي والسوري، وإمكانية "ابتلاع" إيران حزب "العمال" الذي سيُشارك في الحرب ضد "داعش". ولعلّ كلام رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، حول "عدم المشاركة المباشرة" لبلاده في معركة الموصل، دليل على ترسيخ أنقرة مبدأ "عدم التدخّل في شمال العراق، إلا بأجندة تركية لا غير". في تكرارٍ لمعركة شمال العراق، في العام 2003، حين أيّدت تركيا الهجوم العسكري لإطاحة حكم البعث، وإسقاط صدام، من دون أن تشارك في العمليات. بالنسبة إلى "داعش"، ستشكل تكريت محطة فاصلة في وجوده، وسيضعه أمام خيار تحصين وجوده، سورياً فقط لا غير.
لا يثني هذا حكومة حيدر العبادي عن محاولة السيطرة على المدينة، لاعتبارات شتّى. فسيسمح سقوط تكريت بيد الجيش العراقي والمليشيات في إعادة تنظيم المدينة قاعدة متقدمة في الحرب مع "داعش"، ومنطلقاً لمعركة الموصل التي يُراد منها إنهاء التنظيم في العراق. كما يسمح في إعادة التوازن للقوات الحكومية، لناحية الدفاع عن بغداد، ولمواجهة أي مخاطر في الأنبار. من جهة "داعش"، تعد المعركة اختباراً جدياً له، بعد تراجعه السريع في أنحاء متفرقة في العراق، على الرغم من قرعه أبواب بغداد في العام الماضي. سيعيد سقوط تكريت تموضع "داعش" في الموصل وجوارها، وبالتالي، سيُمهّد الطريق لمرحلة جديدة من الصراع العسكري. على أن أي انتصار ينوي العبادي وفريقه تحقيقه، يجب أن يكون سريعاً، على طريقة ديالى، وإلا فإن نموذج الفلوجة ما زال ماثلاً في الأذهان.
لا يعني تحقيق السيطرة السريعة على تكريت، في حال حصلت، درء الخلاف أو الاقتتال الداخلي. في ديالى، وقعت مجازر طائفية بعد تراجع "داعش"، في معركة تُعتبر سريعة، قياساً على العمل العسكري. كما أن المعارك طويلة الأمد، كالفلوجة مثلاً، جعلت من الجيش أقرب إلى المليشيات في تحرّكاته. وهو ما يُعزز بروز المخاوف الطائفية في تكريت.
وأبعد من المخاوف الطائفية، وإمكانية تجدّدها بناءً على وقع المعارك العسكرية، فإن ثلاث دول تتابع معركة تكريت من منظورها الخاص. إيران التي تقاتل مباشرة عبر أفراد من الحرس الثوري، وبإشراف قاسم سليماني، والولايات المتحدة التي تراقب مآل المعركة، لدرس أي تدخّل ميداني جديد لها، بعيداً عن الفرق الاستشارية، وتركيا المنهمكة في وضع آخر لمسات طيّ الخلاف الطويل مع حزب العمال الكردستاني.
ترغب إيران في إنهاء الوضع في تكريت بسرعة، بغية فتح معركة الموصل قبل نهاية مارس/آذار الحالي، وفصل الحدود العراقية عن الحدود السورية، لمحاولة تفكيك التنظيم عسكرياً، وللضغط في الملف النووي سياسياً. أما الولايات المتحدة، فتنتظر "الجزء الثاني" من المعركة، الذي سيفتح لها مجدداً باب "الهلال الخصيب" ميدانياً، تحديداً في شقه السوري. وقد يكون تثبيت المواقع "الاستشارية" للقوات الأميركية في العراق، بهدف "مشاهدة" ما يجري في سورية بالذات، لا في العراق. في صورة تُفسّر كيفية سير العلاقة بين واشنطن وطهران.
من جهة تركيا، ما يُرعبها حقاً أمران: الوجود الأميركي العسكري، مع ما سيعنيه من انخراط مباشر في يوميات الشرق الأوسط، كما حصل إبّان غزو العراق في العام 2003، والتقدّم الإيراني المباشر وغير المباشر في الأراضي العراقية، مع ما يعنيه ذلك من إضعاف للنفوذ التركي في الملفين العراقي والسوري، وإمكانية "ابتلاع" إيران حزب "العمال" الذي سيُشارك في الحرب ضد "داعش". ولعلّ كلام رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، حول "عدم المشاركة المباشرة" لبلاده في معركة الموصل، دليل على ترسيخ أنقرة مبدأ "عدم التدخّل في شمال العراق، إلا بأجندة تركية لا غير". في تكرارٍ لمعركة شمال العراق، في العام 2003، حين أيّدت تركيا الهجوم العسكري لإطاحة حكم البعث، وإسقاط صدام، من دون أن تشارك في العمليات. بالنسبة إلى "داعش"، ستشكل تكريت محطة فاصلة في وجوده، وسيضعه أمام خيار تحصين وجوده، سورياً فقط لا غير.