لليوم الثالث على التوالي، شهد السودان أمس احتجاجات شعبية اعتراضاً على تدهور الأوضاع الاقتصادية، وسط انتشار مكثف لقوات الشرطة والأمن في شوارع العاصمة الخرطوم وباقي المناطق التي تشهد تحركات احتجاجية، تمركزت قرب المنشآت الحكومية ومحطات الوقود ومباني البنوك.
وقُتل 3 أشخاص في مدينة عطبرة، شمالي السودان، مع تجدد الاحتجاجات الشعبية في حين فرضت ولاية النيل الأبيض حالة الطوارئ، وأعلنت وزارة التعليم إغلاق الجامعات في العاصمة حتى إشعار آخر.
ووفقاً لشهود عيان، تحدثوا مع "العربي الجديد"، فإن مصلين في مسجد السيد عبد الرحمن المهدي بأم درمان (كبرى ولايات الخرطوم) يقدرون بالعشرات خرجوا بعد صلاة الجمعة منددين بموجة الغلاء، وطالبوا بسقوط النظام، قبل أن تفرقهم الشرطة باستخدام الغاز المسيل للدموع.
ويُعد مسجد السيد عبد الرحمن المهدي، أحد معاقل طائفة الأنصار الدينية الموالية لرئيس حزب الأمة القومي، الصادق المهدي الذي عاد إلى السودان الأربعاء الماضي من منفى اختياري امتد لنحو عام قضاه بين القاهرة ولندن.
اقــرأ أيضاً
كذلك، شملت الاحتجاجات شارع أوماك في حي امتداد ناصر في الخرطوم. كما شهدت أحياء الرميلة وجبرة (جنوب الخرطوم) والحاج يوسف شرق الخرطوم، احتجاجات مماثلة، استخدمت فيها الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريقها، ولم ترد تقارير عن إصابات وسط المتظاهرين.
وفي السياق نفسه، أعلنت وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم عن إغلاق مدارس التعليم الأساسي والثانوي ورياض الأطفال بالولاية لأجل غير مسمى. ولم يحدد منشور الوزارة الذي أذاعه تلفزيون الولاية الحكومي أسباب الإغلاق، لكن مصادر مطلعة قالت لـ"العربي الجديد" إن القرار اتخذته لجنة أمن الولاية، تحسباً لوقوع خسائر بين التلاميذ، والحد من مشاركة طلاب التعليم الثانوي في المظاهرات الشعبية.
وكانت السلطات السودانية قد بدأت منذ مساء الخميس تدريجياً في حجب خدمات الانترنت، والذي اكتمل تماما في التاسعة والنصف من صباح أمس الجمعة بالتوقيت المحلي، قبل أن تعود الخدمة ظهراً. وواجه مستخدمو مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي صعوبة في الدخول إليها، خصوصاً فيسبوك وواتساب المستخدمين من قبل النشطاء في بث المعلومات عن الاحتجاجات.
وتفيد مؤشرات الأيام الثلاثة الماضية بأن مصير الاحتجاجات مفتوح على احتمالات عدة، من بينها ازدياد رقعة الاحتجاجات لتشمل مدناً وولايات أخرى. وإذا كانت التظاهرات يوم الأربعاء الماضي بدأت في ثلاث مدن فقط هي عطبرة في الشمال وبورتسودان في الشرق والنهود في الغرب، ففي اليوم التالي دخلت أكثر من 7 مدن منها بربر وكريمة ومروي والخرطوم والقضارف. كما أنها شهدت أمس انضمام أحياء جديدة في ولاية الخرطوم الأكثر كثافة سكانية والأكثر تأثيراً على الأحداث.
وتسود تساؤلات حول الخيارات التي قد تعمد إليها الحكومة، وما إذا كانت ستقتصر على إجراءات أمنية وأخرى اقتصادية لاحتواء غضب المحتجين أم أنها ستتضمن إجراءات سياسية.
ولعل أول ما تبيّن في البيان الحكومي الذي أصدره المتحدث الرسمي باسم الحكومة، وزير الإعلام، بشارة جمعة ارور، رداً على الاحتجاجات هو وعد الحكومة للمحتجين بالقيام بمعالجة المشكلات الأساسية التي دفعت الغاضبين للخروج إلى الشوارع، ومنها الندرة في الخبز والوقود والسيولة النقدية. وذكر البيان أن الحكومة ظلت تبذل جهوداً مقدرة لتوفير السلع والخدمات الأساسية الضرورية، رغم ظروف الحصار وآثاره على الاقتصاد. وأكد البيان قيام الحكومة بدورها في توفير السلع والخدمات ومعالجة أزمة الوقود والخبز وأنها اتخذت قراراً باستمرار دعم الدقيق وتثبيت سعر قطعة الخبز للمواطن. وشدد على أن الجهود متواصلة لإحداث معالجات جذرية لكافة القضايا، بما فيها قضية توفير الأوراق النقدية.
لكن سؤالاً جوهرياً يبرز من ضمن ثنايا تلك التعهدات حول مدى قدرة الحكومة على الإيفاء بها، وإذا كانت فعلاً قادرة على ذلك فلماذا لم تفعل ذلك من قبل؟ إذ إن رباعية الأزمات (الخبز، السيولة، الوقود، الدواء) ليست وليدة اليوم إنما بدأت مع بداية العام الحالي قبل أن تستفحل في الأسابيع الأخيرة، إذ تضاعف عاملا الندرة والغلاء فيما بدأت أسعار الألبان المجففة والسكر تتصاعد بصورة غير مسبوقة.
ويرى البعض أن بإمكان الحكومة الدفع بمسكنات لحظية تهدئ الأوضاع أياماً، كما فعلت في مدينة عطبرة يوم الخميس الماضي، عندما أرسلت كميات من الدقيق إلى المدينة لسد الفجوة في ندرته، أو كما فعلت في مدينة بورتسودان لمّا تراجعت عن الزيادة التي أعلنتها السلطات المحلية في سعر قطعة الخبز من جنيه واحد(الدولار يساوي 50 جنيهاً تقريباً) إلى 3 جنيهات.
كذلك، يتوقع الكثيرون أن تؤجل الحكومة تنفيذ خططها برفع الدعم عن المحروقات، بعدما بدأ عدد من المسؤولين التمهيد لذلك، في تصريحاتهم خلال الأيام الماضية، بمن فيهم الرئيس عمر البشير نفسه الذي قال في بداية الأسبوع إنه لن يكون هناك إصلاح حقيقي إلا برفع الدعم خاصة عن المحروقات وبصفة أخص عن البنزين.
ومن اللافت أن الحكومة بدأت في التراجع عن هذا الحديث، سواء عبر بيان المتحدث الرسمي أو من خلال خطوات عملية عبر نشر تقارير صحافية عن نية الحكومة زيادة دعمها لجوال (كيس) الدقيق (وزنه 25 كليوغراماً) من 350 جنيهاً إلى 450 جينهاً.
قد يكون كل ذلك في الجانب الاقتصادي، لكن الحكومة تدرك فعلاً أن هناك بُعداً سياسياً في الاحتجاجات تمظهر في كثير من الشعارات والهتافات التي رفعها المتظاهرون على شاكلة "الشعب يريد إسقاط النظام" و"حرية حرية ضد العسكر والديكتاتورية". ودوماً ما تلجأ الحكومة وحزبها الحاكم (المؤتمر الوطني العام) في مثل هكذا حالات إلى استخدام استراتيجية ضد الأحزاب المعارضة، التي قد تكون وراء تلك الشعارات وغالباً ما تركز أكثر وأكثر على الحزب الشيوعي السوداني.
وهنا لا يستبعد مراقبون قيام السلطات بحملة اعتقالات واسعة في صفوف المعارضة وربما تشمل ناشطين سياسيين وناشطي مواقع التواصل الاجتماعي، هذا فضلاً عن توجيه أسلحتها الإعلامية ضد تلك الأحزاب وتشكيل رأي عام سلبي تجاهها.
وبدا هذا التوجه واضحاً في بيان الحكومة الذي أشار إلى أن "بعض الجهات السياسية برزت، في محاولة استغلال هذه الأوضاع لزعزعة الأمن والاستقرار تحقيقاً لأجندتها السياسية".
وكان عدد كبير من أحزاب المعارضة، بما فيها حزب الأمة المعارض بزعامة رئيس الوزراء الأسبق الصادق المهدي، أصدرت بيانات دعم للاحتجاجات الشعبية مع تشجيع للمتظاهرين على المواصلة في تحركاتهم حتى يسقط النظام. كذلك، أيدت جماعات متمردة الاحتجاجات.
في المقابل، يتوقع آخرون أن تقود الاحتجاجات الشعبية الحكومة وحزبها المؤتمر الوطني إلى السعي بعد مدة نحو تحقيق اختراقات سياسية في عملية التفاوض مع الجهات المعارضة، سواء مع حزب الأمة القومي الذي فتحت الحكومة سلفاً قنوات الاتصال معه ولم تنفذ أوامر قبض صادرة من نيابة أمن الدولة في حق رئيسه، الصادق المهدي، الذي عاد أخيراً إلى السودان من منفاه الاختياري الذي قضى فيه نحو عام. كما أن للحكومة في الخامس عشر من شهر يناير/كانون الثاني المقبل، في الدوحة، موعداً مع مفاوضات مرتقبة مع الحركات المتمردة في دارفور، برعاية قطرية. وبالتزامن، يواصل الاتحاد الأفريقي مشاورات لاستئناف التفاوض مع الحركة الشعبية التي تقاتل في جنوب كردفان والنيل الأزرق. وقد تنتهز الخرطوم كل تلك المنابر لتقديم تنازلات كبيرة لم يكن ممكناً تقديمها قبيل الاحتجاجات، من أجل تخفيف الأعباء السياسية، على الرغم من أن رئيس الوزراء، معتز موسى، استبعد هذا الخيار في تصريح صحافي له الأربعاء الماضي حينما قال إن الحكومة ليس لديها ما تتنازل عنه. بيد أن تجربة احتجاجات سابقة تؤكد إمكانية حدوث ذلك؛ فبعد الاحتجاجات الشعبية في سبتمبر/أيلول 2013 بثلاثة أشهر فقط، دعا الرئيس السوداني عمر البشير لأوسع عملية حوار سياسي. ولا تزال الحكومة ترى في توصيات الحوار مخرجاً سياسياً من كل الأزمات.
أما الخيار الثالث، وهو الأقرب للتكتيك من جانب الحكومة، فيتمثل في استغلال أي مظهر تخريبي مصاحب للاحتجاجات بتضخيمه وتصويره كمؤشر لعواقب الانهيار الذي سيحدث بذهاب الحكومة. هذه "الفزاعة" كان لها مفعولها خلال احتجاجات سابقة مماثلة. وبالفعل، بدا هذا الخيار مطروحاً في أول بيان للحكومة رداً على الاحتجاجات، إذ ذكرت أن التظاهرات السلمية انحرفت عن مسارها وتحولت بفعل من وصفهم البيان بالمندسين إلى نشاط تخريبي استهدف المؤسسات والممتلكات العامة والخاصة بالحرق والتدمير وحرق بعض مقار الشرطة.
وبحسب الحكومة، فإن "التخريب والاعتداء على الممتلكات وإثارة الذعر والفوضى العامة أمر مرفوض ومستهجن ومخالف لصريح القانون"، مؤكدة "أنها لن تتسامح مع ممارسات التخريب، ولن تتهاون في حسم الفوضى، وانتهاك القانون".
ويُعد مسجد السيد عبد الرحمن المهدي، أحد معاقل طائفة الأنصار الدينية الموالية لرئيس حزب الأمة القومي، الصادق المهدي الذي عاد إلى السودان الأربعاء الماضي من منفى اختياري امتد لنحو عام قضاه بين القاهرة ولندن.
وفي السياق نفسه، أعلنت وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم عن إغلاق مدارس التعليم الأساسي والثانوي ورياض الأطفال بالولاية لأجل غير مسمى. ولم يحدد منشور الوزارة الذي أذاعه تلفزيون الولاية الحكومي أسباب الإغلاق، لكن مصادر مطلعة قالت لـ"العربي الجديد" إن القرار اتخذته لجنة أمن الولاية، تحسباً لوقوع خسائر بين التلاميذ، والحد من مشاركة طلاب التعليم الثانوي في المظاهرات الشعبية.
كذلك، نقلت وكالة رويترز عن شهود أن الشرطة السودانية أطلقت الغاز المسيل للدموع على عشرات المحتجين في عطبرة وشمال كردفان. وفي مدينة ربك عاصمة ولاية النيل الأبيض (جنوب)، أضرم محتجون النيران، في مقر حزب المؤتمر الوطني الحاكم في الولاية. وقال شهود عيان إن قوات الأمن منعتهم من الاقتراب من مقر حكومة الولاية.
وفي مدينة القضارف، حيث سقط أول من أمس الخميس 6 قتلى في الاحتجاجات، قال شهود عيان في حديث مع "العربي الجديد"، إن الهدوء عاد إلى المدينة منذ صباح أمس، وذلك بعد انتشار أمني كثيف في محيط سوق المدينة. وأشار المواطن محمد عبد العظيم إلى أن محلات تجارية تعرضت للنهب والسرقة ليل الخميس - الجمعة، مبيناً أن بعض مصابي الأحداث تم نقلهم إلى مدينة ودمدني (وسط السودان).وكانت السلطات السودانية قد بدأت منذ مساء الخميس تدريجياً في حجب خدمات الانترنت، والذي اكتمل تماما في التاسعة والنصف من صباح أمس الجمعة بالتوقيت المحلي، قبل أن تعود الخدمة ظهراً. وواجه مستخدمو مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي صعوبة في الدخول إليها، خصوصاً فيسبوك وواتساب المستخدمين من قبل النشطاء في بث المعلومات عن الاحتجاجات.
وتفيد مؤشرات الأيام الثلاثة الماضية بأن مصير الاحتجاجات مفتوح على احتمالات عدة، من بينها ازدياد رقعة الاحتجاجات لتشمل مدناً وولايات أخرى. وإذا كانت التظاهرات يوم الأربعاء الماضي بدأت في ثلاث مدن فقط هي عطبرة في الشمال وبورتسودان في الشرق والنهود في الغرب، ففي اليوم التالي دخلت أكثر من 7 مدن منها بربر وكريمة ومروي والخرطوم والقضارف. كما أنها شهدت أمس انضمام أحياء جديدة في ولاية الخرطوم الأكثر كثافة سكانية والأكثر تأثيراً على الأحداث.
ولعل أول ما تبيّن في البيان الحكومي الذي أصدره المتحدث الرسمي باسم الحكومة، وزير الإعلام، بشارة جمعة ارور، رداً على الاحتجاجات هو وعد الحكومة للمحتجين بالقيام بمعالجة المشكلات الأساسية التي دفعت الغاضبين للخروج إلى الشوارع، ومنها الندرة في الخبز والوقود والسيولة النقدية. وذكر البيان أن الحكومة ظلت تبذل جهوداً مقدرة لتوفير السلع والخدمات الأساسية الضرورية، رغم ظروف الحصار وآثاره على الاقتصاد. وأكد البيان قيام الحكومة بدورها في توفير السلع والخدمات ومعالجة أزمة الوقود والخبز وأنها اتخذت قراراً باستمرار دعم الدقيق وتثبيت سعر قطعة الخبز للمواطن. وشدد على أن الجهود متواصلة لإحداث معالجات جذرية لكافة القضايا، بما فيها قضية توفير الأوراق النقدية.
لكن سؤالاً جوهرياً يبرز من ضمن ثنايا تلك التعهدات حول مدى قدرة الحكومة على الإيفاء بها، وإذا كانت فعلاً قادرة على ذلك فلماذا لم تفعل ذلك من قبل؟ إذ إن رباعية الأزمات (الخبز، السيولة، الوقود، الدواء) ليست وليدة اليوم إنما بدأت مع بداية العام الحالي قبل أن تستفحل في الأسابيع الأخيرة، إذ تضاعف عاملا الندرة والغلاء فيما بدأت أسعار الألبان المجففة والسكر تتصاعد بصورة غير مسبوقة.
ويرى البعض أن بإمكان الحكومة الدفع بمسكنات لحظية تهدئ الأوضاع أياماً، كما فعلت في مدينة عطبرة يوم الخميس الماضي، عندما أرسلت كميات من الدقيق إلى المدينة لسد الفجوة في ندرته، أو كما فعلت في مدينة بورتسودان لمّا تراجعت عن الزيادة التي أعلنتها السلطات المحلية في سعر قطعة الخبز من جنيه واحد(الدولار يساوي 50 جنيهاً تقريباً) إلى 3 جنيهات.
كذلك، يتوقع الكثيرون أن تؤجل الحكومة تنفيذ خططها برفع الدعم عن المحروقات، بعدما بدأ عدد من المسؤولين التمهيد لذلك، في تصريحاتهم خلال الأيام الماضية، بمن فيهم الرئيس عمر البشير نفسه الذي قال في بداية الأسبوع إنه لن يكون هناك إصلاح حقيقي إلا برفع الدعم خاصة عن المحروقات وبصفة أخص عن البنزين.
ومن اللافت أن الحكومة بدأت في التراجع عن هذا الحديث، سواء عبر بيان المتحدث الرسمي أو من خلال خطوات عملية عبر نشر تقارير صحافية عن نية الحكومة زيادة دعمها لجوال (كيس) الدقيق (وزنه 25 كليوغراماً) من 350 جنيهاً إلى 450 جينهاً.
قد يكون كل ذلك في الجانب الاقتصادي، لكن الحكومة تدرك فعلاً أن هناك بُعداً سياسياً في الاحتجاجات تمظهر في كثير من الشعارات والهتافات التي رفعها المتظاهرون على شاكلة "الشعب يريد إسقاط النظام" و"حرية حرية ضد العسكر والديكتاتورية". ودوماً ما تلجأ الحكومة وحزبها الحاكم (المؤتمر الوطني العام) في مثل هكذا حالات إلى استخدام استراتيجية ضد الأحزاب المعارضة، التي قد تكون وراء تلك الشعارات وغالباً ما تركز أكثر وأكثر على الحزب الشيوعي السوداني.
وبدا هذا التوجه واضحاً في بيان الحكومة الذي أشار إلى أن "بعض الجهات السياسية برزت، في محاولة استغلال هذه الأوضاع لزعزعة الأمن والاستقرار تحقيقاً لأجندتها السياسية".
وكان عدد كبير من أحزاب المعارضة، بما فيها حزب الأمة المعارض بزعامة رئيس الوزراء الأسبق الصادق المهدي، أصدرت بيانات دعم للاحتجاجات الشعبية مع تشجيع للمتظاهرين على المواصلة في تحركاتهم حتى يسقط النظام. كذلك، أيدت جماعات متمردة الاحتجاجات.
في المقابل، يتوقع آخرون أن تقود الاحتجاجات الشعبية الحكومة وحزبها المؤتمر الوطني إلى السعي بعد مدة نحو تحقيق اختراقات سياسية في عملية التفاوض مع الجهات المعارضة، سواء مع حزب الأمة القومي الذي فتحت الحكومة سلفاً قنوات الاتصال معه ولم تنفذ أوامر قبض صادرة من نيابة أمن الدولة في حق رئيسه، الصادق المهدي، الذي عاد أخيراً إلى السودان من منفاه الاختياري الذي قضى فيه نحو عام. كما أن للحكومة في الخامس عشر من شهر يناير/كانون الثاني المقبل، في الدوحة، موعداً مع مفاوضات مرتقبة مع الحركات المتمردة في دارفور، برعاية قطرية. وبالتزامن، يواصل الاتحاد الأفريقي مشاورات لاستئناف التفاوض مع الحركة الشعبية التي تقاتل في جنوب كردفان والنيل الأزرق. وقد تنتهز الخرطوم كل تلك المنابر لتقديم تنازلات كبيرة لم يكن ممكناً تقديمها قبيل الاحتجاجات، من أجل تخفيف الأعباء السياسية، على الرغم من أن رئيس الوزراء، معتز موسى، استبعد هذا الخيار في تصريح صحافي له الأربعاء الماضي حينما قال إن الحكومة ليس لديها ما تتنازل عنه. بيد أن تجربة احتجاجات سابقة تؤكد إمكانية حدوث ذلك؛ فبعد الاحتجاجات الشعبية في سبتمبر/أيلول 2013 بثلاثة أشهر فقط، دعا الرئيس السوداني عمر البشير لأوسع عملية حوار سياسي. ولا تزال الحكومة ترى في توصيات الحوار مخرجاً سياسياً من كل الأزمات.
وبحسب الحكومة، فإن "التخريب والاعتداء على الممتلكات وإثارة الذعر والفوضى العامة أمر مرفوض ومستهجن ومخالف لصريح القانون"، مؤكدة "أنها لن تتسامح مع ممارسات التخريب، ولن تتهاون في حسم الفوضى، وانتهاك القانون".
ومن المفارقات أن البيان أشاد بتعامل قوات الشرطة والأمن مع التظاهرات بصورة حضارية ودون كبحها أو اعتراضها، بحكم أن المواطنين يمارسون حقاً دستورياً مكفولاً لهم، رغم مقتل 8 أشخاص على الأقل.
ويرجح كثيرون أن خيار الحسم سيكون هو الخيار الأقرب لدى الحكومة، نظراً لتجاربها السابقة. فمنذ مجيء حكومة الرئيس عمر البشير إلى الحكم في العام 1989، تعددت تجارب محاولات الاحتجاجات الشعبية. أولاها في العام 1995 وآخرها وأعنفها في سبتمبر/أيلول 2013، ولقي يومها 80 شخصاً مصرعهم، بحسب ما تقدر الحكومة، و200 شخص بحسب تقديرات منظمات حقوقية.
ويرجح كثيرون أن خيار الحسم سيكون هو الخيار الأقرب لدى الحكومة، نظراً لتجاربها السابقة. فمنذ مجيء حكومة الرئيس عمر البشير إلى الحكم في العام 1989، تعددت تجارب محاولات الاحتجاجات الشعبية. أولاها في العام 1995 وآخرها وأعنفها في سبتمبر/أيلول 2013، ولقي يومها 80 شخصاً مصرعهم، بحسب ما تقدر الحكومة، و200 شخص بحسب تقديرات منظمات حقوقية.