واتخذت الرباط قراراً بمنع ولد بوعماتو من دخول أراضيها، وذلك على خلفية اتهامه بنشر صور جوازات سفر مغربية مزعومة على الشبكات الاجتماعية، على أنها "تعود للرئيس الموريتاني، وأحد أفراد عائلته".
وأعلنت الخارجية المغربية، في بيان نشر أمس الخميس، عن رفض المغرب "بشدة هذا التجاوز الشنيع"، مضيفة أن "التحريات الأولية مكنت، بالفعل، من تأكيد أن هذه الجوازات المزعومة غير موجودة على مستوى قاعدة بيانات المصالح المغربية المختصة". وأضاف البيان أنه "طبقاً لنهجها القانوني، ستمضي المملكة المغربية قدماً بالتحقيق القضائي الذي باشرته بخصوص هذا الفعل الدنيء إلى نهايته. وسيمنع السيد ولد بوعماتو، المتورط في هذه القضية، من دخول التراب المغربي، مع الاحتفاظ بحق المتابعات الجنائية التي قد تفتح ضده".
وخلص البيان إلى التأكيد على أن المغرب "المتشبث بالروابط التاريخية القوية بين الشعبين، وبالعلاقات الأخوية وحسن الجوار بين البلدين الشقيقين، لن يسمح، بأي شكل من الأشكال، باستغلال ترابه بغرض المس باستقرار موريتانيا أو استهداف مؤسساتها العليا".
وتباينت مواقف الرأي العام الوطني في موريتانيا، بعيد قرار المغرب، بين من رأى في القرار ثمنًا لتحسن علاقات المغرب وموريتانيا، وتجاوب المغرب مع قرار الرئيس الموريتاني القاضي بالضغط على رجل الأعمال المعارض، وطرده من المغرب، بينما رأى آخرون أن علاقات المغرب بموريتانيا كانت المتضرر الأكبر من إقامة ولد بوعماتو، وأن الرباط صححت ما وصفوه بـ"بالخطأ" عبر وقف الحماية لأبرز معارض موريتاني يخشاه النظام الحالي.
ويرى الكاتب والإعلامي الموريتاني محمد حيدره مياه، أنه "قبل فترة بدأت العلاقات المغربية الموريتانية تتحسن، وكان نتيجة ذلك على ما يبدو تنفيذ أحد مطالب الرئيس الموريتاني، وهي ولد بوعماتو من المغرب والتضييق على نشاطاته التجارية والسياسية".
وأشار مياه، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "بعد حادثة اعتقال عضو مجلس الشيوخ المنحل محمد ولد غده في موريتانيا، وما جاء من معلومات في عملية تسريبات هاتفه من طرف الأمن، اتضح وقوف رجل الأعمال المقيم في المغرب وراء عدد من الحملات السياسية القوية تجاه الرئيس ولد عبد العزيز، ما جعل الأخير يستثمر ملف تحسين العلاقات بين البلدين، الذي تطور إلى تبادل السفراء، في التضييق على رجل الأعمال المعارض.
واعتبر مياه أنه "ربما هناك طبخة أو صفقة يهيئها الرئيس الموريتاني متعلقة بالانتخابات الرئاسية في موريتانيا منتصف عام 2019، وقد طلب مساعدة المغرب من خلال إبعاد ولد بوعماتو وزيادة الضغط عليه ومنعه من أي حراك من شأنه المساهمة في التأثير على المشهد السياسي 2019".
وخلص الإعلامي الموريتاني إلى القول إنه "يمكن فهم أن ما قامت به المغرب ضد رجل الأعمال الموريتاني كان ثمنا لتعزيز العلاقات بين البلدين"، ورأى أن "المبررات التي قدمها المغرب ليست مقنعة بما فيه الكفاية لمنع رجل بحجم ولد بوعماتو من دخول المغرب، وإنما يمكن فهم وتحليل الأمر على أنه في إطار تجاوب الرباط مع مطالب موريتانيا للتضييق على رجل الأعمال المعارض".
وكانت السلطات الموريتانية قد جمدت أرصدة وحسابات لرجل الأعمال المعارض محمد ولد بوعماتو في البنوك الموريتانية، وذلك بعد أو وجهت طلباً لـ"إنتربول" من أجل اعتقاله بتهمه بتقديم رشى لبعض الفاعلين السياسيين.
وكانت النيابة العامة في موريتانيا قد وجهت تهمة الرشوة وقبولها إلى أعضاء سابقين في مجلس الشيوخ، وإعلاميين، ونقابيين، تزامناً مع التعديلات الدستورية الأخيرة، في ما بات يعرف بـ"ملف ولد غده".