مبادرة جعجع للهروب من التمديد: خلاصتها التمديد

04 نوفمبر 2014
جعجع يحرّك القوات اللبنانية في موقع المعارضة (حسين بيضون)
+ الخط -

للمرة الأولى منذ تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام، في فبراير/شباط الماضي، اتّخذ حزب القوات اللبنانية موقع المعارضة. عند استحقاق التمديد للمجلس النيابي، وجد رئيس الحزب، سمير جعجع، الظرف مؤاتياً للهجوم على من في السلطة من قوى 8 آذار و14 آذار على حدّ سواء. فحمّل الطاقم السياسي الحاكم مسؤولية تعطيل الانتخابات النيابية، وعدم العمل على إقرار الهيئات القانونية اللازمة وتحضير الكادر البشري واللوجيستي لإجراء الاستحقاق الانتخابي.

ولكون رفض التمديد تحوّل إلى مادة للمزايدة بين القوى المسيحية، رفع جعجع سقف النقد والهجوم على "الفريق المعارض للتمديد، والمشارك في الحكومة في آن"، تحديداً تكتل الإصلاح والتغيير برئاسة النائب، ميشال عون. أبدى تفهمه لامتناع حزب الله وتيار المستقبل عن العمل لإجراء الانتخابات، "لانشغال الأول في الحرب السورية، بينما يرى المستقبل أن الظروف غير مؤاتية للانتخابات". كان الحزب والمستقبل واضحين في مواقفهما، فانصب الهجوم على عون لكون تكتله لم يفرض إجراء الانتخابات من داخل الحكومة. وفي الوقت عينه، الاتهام نفسه يمكن توجيهه إلى حليف جعجع في فريق 14 آذار، حزب الكتائب. ليكون رئيس القوات قد أصاب عدة عصافير بحجر واحد. أولاً، برّأ نفسه وحزبه من الفشل السياسي المستمر في أداء السلطة، وعجزها عن انتخاب رئيس للجمهورية، وإيصال البلد إلى تمديد نيابي ثانٍ بعد التمديد الأول في يونيو/حزيران 2013 . ثانياً، وضع منافسيه على الساحة المسيحية أمام حقيقة ازدواجية مواقفهم وأفعالهم، الأمر الذي يُحسب لجعجع على المستوى الشعبي. ثالثاً، صنع جعجع للقوات اللبنانية موقعاً متمايزاً بين حلفائها ومع خصومها، يمكنها من خلاله التحرك بأي اتجاه كان، دون أن تكون مربوطة بالسلطة أو بخريطة تحالفاتها.

حمّل جعجع الجميع مسؤولية التمديد المتوقع في الجلسة العامة للمجلس النيابي، المقررة الأربعاء، لكن في الوقت عينه خطا خطوة في اتجاه التصويت لهذا التمديد. ففي ظلّ غياب التحضيرات والمراسيم اللازمة فإنّ الانتخابات حكماً مؤجلة، وبالتالي أصبح التمديد أمراً واقعاً حتى لا يقع الفراغ. توقف جعجع عند هذا الحدّ ولم يكمل خلاصة المعادلة، فبدل أن يقول إنّ القوات اللبنانية تفضّل التمديد على الفراغ الدستوري، تقدّم بمبادرة الساعات الأخيرة. وقالت مبادرة جعجع الآتي: "انتخاب رئيس للجمهورية في جلسة الأربعاء بدل التمديد، وبعد الانتخاب نصوّت مباشرة على قانون تعديل المهل المقدم من قبلنا من أجل إجراء الانتخابات النيابية".

يعلم فريق القوات اللبنانية ومسؤولوها أنّ هذا الطرح لن يلقى التجاوب اللازم من قبل سائر الأطراف، تحديداً النائب عون. لكن في هذا الطرح مَخرج للقوات في اتجاه التمديد، إذ إنّ الخلاصة تقول الآتي: "جعجع قدّم ما في استطاعته تقديمه، وطرح المبادرة لكن خصمه المسيحي الأول لم يستجب، وأصبح مضطراً إلى السير بالتمديد هرباً من الفراغ"، بحسب أحد مسؤولي القوات اللبنانية.

إذاً انضمّت القوات بشكل أو بآخر إلى قافلة التمديد، أما الكتل النيابية الرافضة له، فتستمرّ في قطف الثمار السياسية والشعبية. ولو أنّ منطق الأمور يقول إنّ الاستقالة من الحكومة ومن المجلس النيابي هما أفضل الصيغ لانسجام رافضي التمديد مع أنفسهم ومع مواقفهم. وهو ما يجب تعميمه على كل الكتل المسيحية. 

المساهمون