نشر الفنان السوري محمد خياطة على صفحته الخاصة على فيسبوك التالي: "علمت منذ يومين أن بعض المتظاهرين في أميركا- لوس أنجليس اقتحموا صالة العرض التي تعرض بعضاً من أعمالي وأخذوا كل الأعمال الخاصة بي. يبدو أن اللوحات ستعيش مغامرات جديدة وقدراً مختلفاً عما تصورته لها".
لا يشير خياطة بدقة إلى تفاصيل السرقة، لكنها حكاية مثيرة للاهتمام أن يكون هناك لص يقتنص اللوحات من المعارض، أو على العكس قد تكون حكاية مبتذلة، مجموعة من الأفراد رأوا واجهة الصالة وقرروا تحطيمها وسرقة ما فيها من دون أن يعلموا قيمة الأعمال.
المثير للاهتمام أن الأعمال الفنيّة وسوق الفن هو السوق الوحيد الذي لا يتأثر بالتقلبات الاقتصاديّة، هو أقرب إلى فقاعة لم تنفجر بعد، ويعود ذلك إلى الحرب العالميّة الثانيّة، حيث نهب النازيون المنازل والمتاحف، واستفادوا من سوق الفن. وحينها اشترت الصالات والمتاحف، والأهم البنوك، الأعمال وخزنتها في الأقبيّة، بعضها عاد إلى أصحابه، وبعضها الآخر مخبأ إلى الآن.
مع ظهور الفن الحديث، والعدد الكبير من الأعمال التي ينتجها الفنان، تحوّل اقتناء العمل الفني إلى استثمار، تعمل الصالات بالتنسيق مع البنوك على حفظ قيمته، خصوصاً أن "التسعير" يخضع لهوى أصحاب الصالة أو الفنان نفسه، بل تحولت السخرية من أسعار الأعمال الفنيّة إلى جزء من هذا السوق؛ موزة على الجدار، تواليت مصنوع من ذهب، ماكينات كهربائية قديمة، كلها "فنّ".. لكنها في النهاية استثمارات يتم التلاعب بأسعارها لإرضاء المتهربين من الضرائب.
بالعودة إلى السرقة، ولا نقصد سرقة أعمال خياطة، بل سرقة عمل فنيّ أثناء أحداث شغب، حقيقة، لن يخسر أحد في هذه السرقات، فالأعمال مؤمنة، ولا يتطابق سعر أي عمل حرفياً مع كلفة تنفيذه، البيع والشراء أساسه شهرة الفنان وعلاقات صاحب الصالة. وهنا تبدو سرقة العمل الفنيّ منطقية، أي سعر يمكن أن يحصل عليه اللص يعتبر "ربحاً"، خصوصاً إن كنا نتحدث عن الفن المعاصر والحديث، لا عن أعمال المعلّمين الذين شكّلوا تاريخ الفن.
اقــرأ أيضاً
من وجهة نظر أخرى، سرقة عمل فني أثناء الاحتجاج تبدو شديدة المنطقيّة، لا قيمة للفن أمام نظام سياسي فاسد أو قمعي، بل مجرد استعراضه، يتحول إلى شكل من أشكال ترسيخ الشكل القائم. التنزه بجانب الصالات وتأمل اللوحات والتدخين على الرصيف بجانب الصالة، ليس إلا إهانة، خصوصاً أن الأرصفة نفسها يخنق عليها المواطنون من قبل جهاز الشرطة الذي يحمي "الممتلكات الخاصة"، بل يستخدم العنف للحفاظ على هذه الممتلكات.
هناك خرافة وتأوهات تحيط بعمل فنّي مسروق. نعم العمل لا يمكن أن يماثله شيء آخر، وله قيمة فنيّة وجمالية لا يمكن وصفها، لكن تاريخ الفن لا يستثني الأعمال المسروقة أو ينسى أمرها، بل هي جزء جوهري من التاريخ نفسه، ما هو مفقود وضائع أو مخرب يشغل حيزاً كبيراً من القسم "النظري" للفن، في حين أن هذه الأعمال خارج سياق المقتنين وغاسلي الأموال لا يراها الفرد إلا مرات معدودة، خصوصاً إن كانت تنتمي للمعلمين. بالتالي، في لحظة الاحتجاج السياسي، يمكن النظر إلى الفن كذهب مرمي في الشارع، لا قيمة له أمام رأس الملك.
قد تبدو المقاربة السابقة طفولية أو طائشة، لكن في كلّ مرة "التراث الإنساني" ينتصر على حيوات الأفراد، وأشد ما يثير الغيظ أن الكثير من المنتجات الفنيّة حاليّا لا تختلف عن هاتف آيفون أو محفظة غاليّة الثمن، ما يجعل التخريب والتحطيم والنهب، سواء كان لغاليريات الفنّ المعاصر أو محلات أبل ستور يبدو أقرب إلى فعل مقاومة منه إلى جريمة يعاقب عليها القانون.
المثير للاهتمام أن الأعمال الفنيّة وسوق الفن هو السوق الوحيد الذي لا يتأثر بالتقلبات الاقتصاديّة، هو أقرب إلى فقاعة لم تنفجر بعد، ويعود ذلك إلى الحرب العالميّة الثانيّة، حيث نهب النازيون المنازل والمتاحف، واستفادوا من سوق الفن. وحينها اشترت الصالات والمتاحف، والأهم البنوك، الأعمال وخزنتها في الأقبيّة، بعضها عاد إلى أصحابه، وبعضها الآخر مخبأ إلى الآن.
مع ظهور الفن الحديث، والعدد الكبير من الأعمال التي ينتجها الفنان، تحوّل اقتناء العمل الفني إلى استثمار، تعمل الصالات بالتنسيق مع البنوك على حفظ قيمته، خصوصاً أن "التسعير" يخضع لهوى أصحاب الصالة أو الفنان نفسه، بل تحولت السخرية من أسعار الأعمال الفنيّة إلى جزء من هذا السوق؛ موزة على الجدار، تواليت مصنوع من ذهب، ماكينات كهربائية قديمة، كلها "فنّ".. لكنها في النهاية استثمارات يتم التلاعب بأسعارها لإرضاء المتهربين من الضرائب.
بالعودة إلى السرقة، ولا نقصد سرقة أعمال خياطة، بل سرقة عمل فنيّ أثناء أحداث شغب، حقيقة، لن يخسر أحد في هذه السرقات، فالأعمال مؤمنة، ولا يتطابق سعر أي عمل حرفياً مع كلفة تنفيذه، البيع والشراء أساسه شهرة الفنان وعلاقات صاحب الصالة. وهنا تبدو سرقة العمل الفنيّ منطقية، أي سعر يمكن أن يحصل عليه اللص يعتبر "ربحاً"، خصوصاً إن كنا نتحدث عن الفن المعاصر والحديث، لا عن أعمال المعلّمين الذين شكّلوا تاريخ الفن.
من وجهة نظر أخرى، سرقة عمل فني أثناء الاحتجاج تبدو شديدة المنطقيّة، لا قيمة للفن أمام نظام سياسي فاسد أو قمعي، بل مجرد استعراضه، يتحول إلى شكل من أشكال ترسيخ الشكل القائم. التنزه بجانب الصالات وتأمل اللوحات والتدخين على الرصيف بجانب الصالة، ليس إلا إهانة، خصوصاً أن الأرصفة نفسها يخنق عليها المواطنون من قبل جهاز الشرطة الذي يحمي "الممتلكات الخاصة"، بل يستخدم العنف للحفاظ على هذه الممتلكات.
هناك خرافة وتأوهات تحيط بعمل فنّي مسروق. نعم العمل لا يمكن أن يماثله شيء آخر، وله قيمة فنيّة وجمالية لا يمكن وصفها، لكن تاريخ الفن لا يستثني الأعمال المسروقة أو ينسى أمرها، بل هي جزء جوهري من التاريخ نفسه، ما هو مفقود وضائع أو مخرب يشغل حيزاً كبيراً من القسم "النظري" للفن، في حين أن هذه الأعمال خارج سياق المقتنين وغاسلي الأموال لا يراها الفرد إلا مرات معدودة، خصوصاً إن كانت تنتمي للمعلمين. بالتالي، في لحظة الاحتجاج السياسي، يمكن النظر إلى الفن كذهب مرمي في الشارع، لا قيمة له أمام رأس الملك.
قد تبدو المقاربة السابقة طفولية أو طائشة، لكن في كلّ مرة "التراث الإنساني" ينتصر على حيوات الأفراد، وأشد ما يثير الغيظ أن الكثير من المنتجات الفنيّة حاليّا لا تختلف عن هاتف آيفون أو محفظة غاليّة الثمن، ما يجعل التخريب والتحطيم والنهب، سواء كان لغاليريات الفنّ المعاصر أو محلات أبل ستور يبدو أقرب إلى فعل مقاومة منه إلى جريمة يعاقب عليها القانون.