مجزرة السودان بالصحف البريطانية: فظائع العسكر... والدور السعودي- الإماراتي "المضاد للثورات"
سلّطت الصحف البريطانية الضوء، اليوم الخميس، على تطورات الأوضاع في السودان، وأوردت تفاصيل عن الفظائع التي ارتكبتها قوات التدخل السريع بحق المتظاهرين، خلال مجزرة فض اعتصام العاصمة الخرطوم، وركّزت على الدور السعودي- الإماراتي "المضاد للثورات" ودعم المجلس العسكري.
وتوقفت صحيفة "ذي إندبندنت"، عند الأحداث الجارية على الأرض في الخرطوم، لا سيما التقارير التي أشارت إلى احتمال إخفاء الجيش السوداني جثث ضحايا الاعتداءات التي نفذها بحق المتظاهرين السلميين.
وقالت الصحيفة، في تقرير، نقلاً عن نشطاء في المعارضة السودانية، إنّ العشرات من جثث الضحايا قد تم سحبها من نهر النيل في الخرطوم إلى مكان مجهول، وذلك بعد مقتل أكثر من 100 شخص، خلال حملة القمع الأخيرة.
وأشارت إلى أنّ المتظاهرين يخشون من أن قوات التدخل السريع، قد قامت بسحب 40 جثة من النيل، يوم الثلاثاء، وفقاً للجنة أطباء السودان. وقال عدد منهم للصحيفة، إنّهم رأوا القوات غير النظامية ترمي بالجثث في النهر بعد إطلاق النار على المدنيين.
كما قال شهود عيان آخرون، للصحيفة، إنّ هذه المليشيات غير النظامية، قامت بإطلاق النار على المستشفيات، وجلد المتظاهرين بالسياط، وإحراق خيامهم الاحتجاجية، بينما أفاد أحد الأطباء، بوجود حالات اغتصاب خلال حملة العنف تلك.
Twitter Post
|
وبينما يقف رقم الضحايا عند 100 وقتيل، لفتت الصحيفة إلى أنّ الأعداد تتجه للارتفاع، منذ بدء قوات التدخل السريع حملة القمع، يوم الإثنين.
وأشارت "ذي إندبندنت"، إلى أنّ كلاً من الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج، قد أصدرت بياناً مشتركاً يدين الاعتداءات التي نفذتها قوات الأمن السودانية، بينما فشل مجلس الأمن في إصدار بيان يدين قتل المدنيين، بعد لجوء كل من روسيا والصين إلى استخدام حق النقض "الفيتو".
من جهتها، سلّطت صحيفة "ذا غارديان"، الضوء على النفوذ السعودي في السودان خصوصاً والمنطقة عموماً، لا سيما بعد أن طلبت الولايات المتحدة من الرياض، التدخل لوقف قمع الجيش السوداني للحراك المدني.
وأشارت، في تقرير، إلى أنّ الخارجية الأميركية كشفت أنّ الدبلوماسي ديفيد هيل، قد هاتف نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان، ليطلب منه استخدام نفوذ بلاده لوقف "القمع الوحشي" بحق المتظاهرين السلميين، من قبل المجلس العسكري السوداني.
ولففت الصحيفة إلى أنّ السعودية والإمارات قد وسعتا من إطار نفوذهما في السودان، بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير، في إبريل/ نيسان الماضي.
وقالت إنّ دور السعودية في السودان، يتماهى مع ما قامت به في دول أخرى في المنطقة، من خلال تهميش منافسيها قطر وإيران، ودعم أنظمة دكتاتورية مبنية على القمع.
Twitter Post
|
وأضافت الصحيفة أنّ "من النادر أن يقوم الأميركيون المقرّبون من السعودية، بالحديث علناً للرياض عن الحاجة إلى الحكم المدني والديمقراطية".
وتابعت أنّه "بينما يمكن للسعودية الادعاء أنّ القمع السوداني بادرة سودانية، إلا أنّ زيارة الرئيس المؤقت عبد الفتاح البرهان، إلى مصر والسعودية والإمارات، مؤخراً، تثبت عكس ذلك".
والأهم من ذلك أيضاً، بحسب "ذا غارديان"، أنّ نائب رئيس المجلس العسكري وقائد مليشيات التدخل السريع محمد حمدان دقلو؛ المعروف باسم "حميدتي"، قد التقى بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في جدة، يوم 24 مايو/ أيار، وتعهد بـ"الوقوف إلى جانب المملكة في وجه كافة المخاطر، بما فيها إيران"، وبأن تستمر القوات السودانية في القتال إلى جانب السعودية في اليمن.
ورأت الصحيفة أنّ دقلو "هو صاحب الكلمة الأخيرة في الخرطوم، والمسؤول عن تعطيل المفاوضات نحو الانتقال الديمقراطي في البلاد، ورفض مطالب المتظاهرين بالانضمام إلى الجسم الحاكم الانتقالي".
وقالت إنّه "ليس بالأمر المفاجئ أن يتجه دقلو إلى الرياض التي تعهدت بدفع 3 مليارات دولار للخرطوم بهدف دعم الاقتصاد والجيش".
وأشارت إلى أنّ الولايات المتحدة لم تتطرّق إلى نمو النفوذ السعودي في السودان، حتى عندما أغلق المجلس العسكري مكتب قناة "الجزيرة" في بداية قمعه للتظاهرات في الخرطوم، "إلا أنّ اتخاذ التطورات مساراً دموياً، دفع بواشنطن لتعديل نبرتها، والإعراب عن إحباطها من السياسة السعودية الخارجية"، بحسب الصحيفة.
وأوردت الصحيفة موقف مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، الذي غرد على "تويتر"، بعد الإعلان عن مكالمة هيل وخالد بن سلمان، بالقول إنّ "العنف غير المبرر الذي قامت به قوات الأمن السودانية ضد المتظاهرين السلميين في الخرطوم أمر فظيع. يجب أن يحترم المجلس العسكري حق التظاهر السلمي، وأن يسرّع من الانتقال إلى حكومة مدنية، والذي هو حق مشروع للشعب السوداني".
Twitter Post
|
ووضعت الصحيفة الدور السعودي- الإماراتي في السودان، ضمن استراتيجية "مضادة للثورات" يقودها البلدان في المنطقة، مشيرة إلى أنّهما استثمرا 13 مليار دولار في القرن الأفريقي، بين عامي 2000 و2017، جلّها في السودان وإثيوبيا.
ولفتت إلى أنّ السعودية لعبت دوراً في مفاوضات السلام بين إريتريا وإثيوبيا، العام الماضي، بينما منحت الإمارات أديس أبابا مساعدات واستثمارات بقيمة 3 مليارات دولار، بما فيها مليار دولار مودع في البنك المركزي الإثيوبي، في حين لا يخفى دور الدولتين في كل من اليمن وليبيا، ختمت الصحيفة.