وأكدت مصادر مطلعة، لـ"العربي الجديد"، أنّ الاعتراض الأميركي حول إصدار مجلس الأمن بياناً مشتركاً، أدى إلى فشل المجلس في الاتفاق على صيغة توافقية تدين الممارسات الإسرائيلية، واستشهاد المدنيين الفلسطينيين.
وعندما بات واضحاً أنّ مجلس الأمن لن يتمكّن من التوصّل إلى صيغة مشتركة للبيان، طلبت الكويت، بصفتها الدولة العربية العضو في المجلس، عقد جلسة طارئة إضافية، على أن تكون مفتوحة لتتمكّن الدول الأعضاء من تسجيل مواقفها.
وكان مجلس الأمن التأم بدعوة من الكويت، لمناقشة آخر التطورات في غزة، حيث اندلعت مواجهات مع خروج عشرات الآلاف من سكان القطاع في مسيرة قرب السياج الحدودي، في ذكرى "يوم الأرض"، أسفرت عن استشهاد 16 فلسطينياً وإصابة مئات آخرين، في أسوأ يوم من أعمال العنف الإسرائيلي، منذ حرب غزة عام 2014.
وأعربت الولايات المتحدة وبريطانيا، عن أسفهما لموعد انعقاد الاجتماع، بسبب تزامنه مع عيد الفصح اليهودي، الذي بدأ الاحتفال به مساء الجمعة، والذي كان ذريعة لعدم حضور أي دبلوماسي إسرائيلي الاجتماع الطارئ الذي عُقد على مستوى مساعدي السفراء.
وطالب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، في بيان وصلت "العربي الجديد" نسخة منه، بـ"إجراء تحقيق مستقل وشفاف في عمليات القتل التي شهدتها غزة"، داعياً "جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي أعمال تؤدي إلى سقوط مزيد من الضحايا وتلحق الضرر بالمدنيين".
ووصف سفير فلسطين لدى مجلس الأمن، رياض منصور، ما حدث في غزة بـ"المجزرة"، مناشدا مجلس الأمن القيام بمهامه كمنظمة دولية مسؤولة عن حفظ الأمن والسلم الدوليين.
كما طالب منصور بتقديم الحماية الدولية للفلسطينيين، مشيراً إلى أنّ "ما يحدث في فلسطين يهدّد الأمن والسلم الدوليين، وعلى مجلس الأمن اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية شعب أعزل".
وحذّر نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، تاي بروك زيرهون، خلال إحاطته، في بداية الجلسة الطارئة، من استمرار تدهور الأوضاع في قطاع غزة. وقال إنّ "إسرائيل تتحمّل مسؤوليتها، كدولة قائمة بالاحتلال، بموجب القانون الدولي والقانون الإنساني، بعدم استخدام القوة المفرطة إلا كملاذ أخير"، وطالب بإجراء تحقيق في هذا السياق.
أما السفير الكويتي لدى المجلس، منصور العتيبي، فأشار إلى "سياسة البطش والقمع الإسرائيلي، عندما خرج عشرات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني، في ممارسة سلمية للتعبير عن تمسّكهم بأرضهم وهويتهم الوطنية، والتأكيد على حقوقهم السياسية المشروعة غير القابلة للتصرف، في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي، والتوسع الاستيطاني، في انتهاك صريح لقرارات مجلس الأمن والقرارات ذات الصلة".
وأكد أنّ دولة الكويت تدين ما يحدث من ممارسات إسرائيلية ضد الفلسطينيين، مشدداً على "ضرورة عدم الفصل بين ما يحدث اليوم عن الصورة العامة، ومن ضمنها استمرار الاحتلال، وحصار غزة، وسوء وتدهور الأوضاع الإنسانية".
وتجدر الإشارة إلى أنّ صدور بيان عن مجلس الأمن، يحتاج موافقة جميع الدول الأعضاء في المجلس.
وحضرت الولايات المتحدة، الاجتماع، بتمثيل دبلوماسي منخفض، ليس على مستوى سفراء أو نواب سفراء، كما بقية الدول.
وقدّم الدبلوماسي الأميركي وولتر ميلر، كلمة مقتضبة، باشرها بالتعذّر لإسرائيل لأنّها قررت عدم حضور الاجتماع بحجة تزامنه مع عيد الفصح اليهودي. ثم وجّه الاتهامات للفلسطينيين عندما تحدّث عن "عناصر سيئة تستغل الاحتجاجات كستار للتحريض على العنف".
في المقابل، حذّر المندوب الفرنسي في الأمم المتحدة، من أنّ "خطر تصعيد (التوتر) حقيقي. هناك إمكانية لاندلاع نزاع جديد في قطاع غزة".
كما وجّه ممثل السفير السويدي، انتقادات حادة للجانب الإسرائيلي، لاستخدامه القوة المفرطة، ووصف الوضع في غزة بأنّه "مقلق للغاية". وقال إنّ "غزة على مشارف الانهيار، ويجب إنهاء الحصار عليها، ولا يمكن فصل غزة عن بقية السياق الفلسطيني".
وأفادت وزارة الصحة في قطاع غزة، بأنّ 16 فلسطينياً استُشهدوا، أمس الجمعة، وأُصيب أكثر من 1400 آخرين، برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال "مسيرة العودة".
وحمّل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الحكومة الإسرائيلية، "المسؤولية الكاملة" عن سقوط الضحايا الفلسطينيين، مطالباً المجتمع الدولي "بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني الأعزل". وتزامنت "مسيرة العودة"، مع إحياء "يوم الأرض"، الذي يخلّد كل 30 آذار/مارس، مقتل 6 فلسطينيين دفاعاً عن أراضيهم المصادرة من سلطات الاحتلال الإسرائيلي سنة 1976.
ومن المقرر أن تستمر حركة الاحتجاج هذه ستة أسابيع، وذلك للمطالبة بتفعيل "حق العودة" للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي طُردوا منها، وللمطالبة أيضاً برفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة.