أقرّ مجلس الأمن الدولي، مساء اليوم السبت، بالإجماع، مشروع القرار 2401 الذي قدّمته الكويت والسويد، ويتضمّن إعلان هدنة في سورية بدون تأخير لمدة 30 يوماً.
وقال المندوب الكويتي لدى الأمم المتحدة، منصور العتيبي، الذي تترأس بلاده مجلس الأمن هذا الشهر، إن الهدنة تشمل جميع أنحاء سورية، بما في ذلك الغوطة الشرقية.
وأضاف العتيبي: "نحن على قناعة تامة أن هذا القرار لا يمكنه إنهاء معاناة السوريين بشكل كامل، ولكنه إشارة مهمة وواضحة لدعم المدنيين. إن القرار الذي اعتمدناه اليوم يأتي في إطار الحلول المؤقتة، على اعتبار أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد للتوصل إلى حل دائم وفقاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة". وأشار كذلك إلى أن التحدي الآن هو حول حيثيات تنفيذ القرار.
ويطالب القرار بوقف إطلاق النار في جميع أنحاء سورية لمدة ثلاثين يومًا، على الأقل، والعمل على إيصال المساعدات الإنسانية، وتسهيل إخلاء الجرحى والمرضى في جميع أنحاء سورية بدون تأخير.
ويشدد على ضرورة استمرار الهدنة الإنسانية لثلاثين يومًا متواصلة على الأقل في كافة أنحاء سورية. لكن وقف إطلاق النار لا يشمل تنظيمي "القاعدة" و"داعش"، أو "الأفراد والتنظيمات المرتبطة بتنظيمات إرهابية مدرجة على لائحة مجلس الأمن".
ويناشد القرار جميع الأطراف احترام وتنفيذ القرار 2268 (2015)، المتعلق بإدخال المساعدات الإنسانية من مناطق عبور محددة بدون إعاقة من أي جهة.
ويطالب القرار جميع الدول ذات التأثير على أطراف النزاع باستخدام نفوذها لوقف الأعمال العسكرية، ويدعوها إلى التعاون من أجل مراقبة وقف إطلاق النار.
وتشدد الفقرة الخامسة من مشروع القرار على تسهيل وصول المساعدات الإنسانية والطبية وعمليات الإخلاء.
كذلك يطالب المشروع الأمين العام للأمم المتحدة بتقديم تقرير خلال 15 يوماً من صدور القرار حول تنفيذه.
ورداً على سؤال لـ"العربي الجديد"، قال منصور العتيبي إن "النقاش الذي دار يوم أمس وقبله تمحور حول هذا الموضوع بالذات. مجلس الأمن يطالب جميع الأطراف بوقف العمليات القتالية دون تأخير وهذا يعني دون تأخير، وبالنسبة لنا هذا يعني بشكل فوري".
وأضاف: "هناك آليات للمتابعة والقرار في الفقرة الأخيرة يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة إعداد تقرير حول الموضوع خلال 15 يوماً وعرضه على مجلس الأمن لمراقبة الالتزام بوقف إطلاق النار".
وأكد أن "الغوطة الشرقية مشمولة في وقف الأعمال العدائية مع استثناء الجماعات المصنفة إرهابية من قبل الأمم المتحدة ومجلس الأمن".
وقبل التصويت، قال المندوب السويدي، أولاف سكوغ، "لقد عملت كل من السويد والكويت بشكل مكثف من أجل سد الهوة بين الأطراف المختلفة. الأمر الأساسي في مشروع القرار يعتمد على وقف إطلاق النار وتقديم المساعدات الإنسانية والطبية. ويطالب مشروع القرار جميع الأطراف برفع الحصار عن جميع المناطق في سورية. هذا القرار بشكل رئيسي قرار حول الوضع الإنساني من أجل السماح بتقديم المساعدات وتخفيف المعاناة عن المدنيين".
وفي كلمتها بعد التصويت، وجّهت السفيرة الأميركية لمجلس الأمن، نيكي هيلي، انتقادات حادة إلى روسيا، متهمة إياها بـ"تعمد" تأخير موعد التصويت، كما شكّكت في التزام النظام السوري بالقرار.
وكانت هيلي قد قالت للصحافيين قبيل دخول قاعة مجلس الأمن: "سنرى اليوم إذا ما كان لدى روسيا ضمير أم لا".
من جهته، اعتبر المندوب الهولندي، كيفن أوستروم، أن أي تأخير في اعتماد مجلس الأمن قرار الهدنة في سورية سيؤدي إلى مزيد من الموت، وعلينا أن نصوّت للهدنة الآن.
أما المندوب الروسي، فاسيلي نيبينزيا، فاعتبر أنه "من المستحيل تطبيق الهدنة في سورية من دون اتفاقات ملموسة بين جميع الأطراف". وبعد الجلسة، أصر المندوب الروسي، في تصريحات للصحافيين، على أن وقف إطلاق النار سيدخل حيز التنفيذ دون تأجيل ورفض أن يتم تفسير ذلك على أنه "بشكل فوري".
من جانبه، قال المندوب الفرنسي، فرانسوا ديلاتير، إن اعتماد هذا القرار "يعكس جهودنا جميعاً وهو خطوة متأخرة بالنظر إلى ما يحصل في الغوطة وأماكن أخرى"، داعياً إلى مضاعفة الجهود لإيجاد بيئة محايدة لإنجاح تسوية في سورية.
وجاء القرار بعد مفاوضات مكثّفة شهدها مجلس الأمن منذ يوم الخميس، أسفرت عن تأجيل التصويت، بدفع روسي، لمرات عدّة، إذ نصّت الصيغة الأولية لمشروع القرار، التي تقدمت بها الكويت والسويد، على أن يتم وقف إطلاق النار بشكل فوري بعد 72 ساعة من تبني مجلس الأمن للقرار. إلا أن الطرف الروسي أصرّ على تغييرها لتشمل "وقف إطلاق النار في أقرب وقت ممكن".
وأمس الجمعة، قرر أعضاء مجلس الأمن إرجاء التصويت على مشروع قرار لوقف إطلاق النار في سورية لمدة شهر إلى اليوم السبت، وذلك بعد إرجائه لأكثر من مرة من أجل "مزيد من المباحثات". كذلك تأخرت الجلسة اليوم بسبب تحفظات روسية.