صادق مجلس الوزراء الجزائري على المسودة النهائية للدستور الجديد، اليوم الأحد، في أول خطوة من مسار إقرار دستور جديد للبلاد، يتضمن قواعد وتعديلات جديدة تخص مجال صلاحيات الرئيس والحكومة والديمقراطية والحريات والقضاء، قبل عرضه على استفتاء شعبي في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وأكد الرئيس تبون، خلال الاجتماع، أن الدستور الجديد يدخل ضمن تطبيق الوعود الانتخابية التي قدمها للجزائريين في انتخابات 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي، "وهي التزامات صادقة شرعت في تجسيدها في الميدان وفق رؤية استراتيجية واضحة، ورزنامة محدّدة"، وطالب القوى السياسية والمدنية بـ"التحلي بالواقعية والابتعاد عن الانغماس في الجزئيات والشكليات، على حساب الأمور الجوهرية ذات العلاقة بالأسس الدائمة للدولة".
وأكد الرئيس الجزائري أنه سعى لأن يكون "الدستور في صيغته الجديدة توافقياً في مرحلة إعداده على أوسع نطاق، من خلال تمكين مختلف الأطياف الشعبية وصنّاع الرأي العام من مناقشته طيلة أكثر من أربعة أشهر، بالرغم من القيود التي فرضتها الأزمة الصحية، ويلبي مطالب الحراك الشعبي، ويوفر كل الضمانات لنزاهة الانتخابات، ويمنح فرصاً متكافئة للجميع في التصويت والترشح حتى يحترم صوت الناخب، و يحصن البلاد من الانحراف إلى الحكم الفردي، وينسجم مع متطلبات بناء الدولة العصرية".
واعتبر نفس المصدر أن الدستور الجديد يستهدف معالجة أبرز أزمة تعاني منها الجزائر، وهي أزمة الثقة بين الشعب ومؤسسات الدولة، وقال: "ما ينشر عن جلسات المحاكم من أشكال الفساد الذي يعدّ من أسباب سقوط الدول، يكشف عن درجة الانحلال الأخلاقي، وعمق الضرر الذي لحق بمؤسسات الأمة، وثرواتها، ويفسّر في ذات الوقت حدّة أزمة الثقة القائمة بين الحاكم والمحكوم؛ وعليه، فإنّ زوال هذه الأزمة شرط أساسي لبناء الجزائر الجديدة التي لن يكون فيها أحد محمياً بحصانته ونفوذه"، مشدداً على أنه "يتوجب أن يشعر كل مواطن والشباب بأنّ شيئاً قد تغيّر فعلاً في البلاد".
وستلي موافقة الشعب على الدستور الجديد حزمة إصلاحات ومراجعات تتعلق بتكييف عدد من القوانين مع المرحلة الجديدة، بينها قوانين الأحزاب والجمعيات والانتخابات، قبل الذهاب إلى تنظيم انتخابات نيابية ومحلية مبكرة، تضمن نزاهتها السلطة المستقلّة لمراقبة الانتخابات التي أصبحت هيئة دستورية، إضافة إلى "تقنين صارم للتمويل السياسي، للحفاظ على حرية الإرادة الشّعبية، ومنح فرص متكافئة للجميع في التصويت والترشّح حتى يُحترم صوت الناخب، ويتعزز المشهد السياسي بجيل جديد من المنتخبين؛ لذلك، كان الواجب يقتضي تسبيق التعديل الدستوري، لأنّه ليس من المعقول أن نجدّد الهيئات المنتخبة بقوانين مرفوضة شعبياً"، بحسب الرئيس تبون الذي ثمن جهود اللجنة الدستورية التي تولت صياغة المسودة.
وقال رئيس الحكومة عبد العزيز جراد، خلال الاجتماع، إن اللجنة تلقت 5018 وثيقة مقترحات دستورية من الشخصيات الوطنية والقوى السياسية والمدنية، مشيراً إلى أن المسودة الدستورية "تضع أسس الديمقراطية الجديدة والتغيير الجذري لنمط الحكم وآلياته عبر توسيع الصلاحيات الرقابية للبرلمان، والأجهزة الرقابية، والوقاية من الفساد وتكريس التعددية الإعلامية الحرّة والمسؤولة، وتشجيع الشباب على المشاركة في الحياة السياسية، وتدعم عناصر تدعم وحدة الأمة وثوابتها، وتُكرّس احترام الإرادة الشعبية، وتُعزّز الانسجام الوطني، ومبدأ الفصل بين السلطات والتوازن بينها، والتداول السلمي على السلطة وأخلقة الحياة السياسية، والشفافية في إدارة المال العام وتُجنِّب البلاد أي انحراف استبدادي وتحمي حقوق وحريّات المواطن".
ولم تنشر الرئاسة بعد المسودة الدستورية للعلن، وأحيل الدستور الجديد اليوم مباشرة بعد مصادقة مجلس الوزراء عليه من قبل مجلس الوزراء إلى البرلمان، حيث انعقد مكتب الأخير الذي قرر إحالة المسودة إلى لجنة الشؤون القانونية والحريات لصياغة تقرير بشأنه قبل جلسة تصويت عامة مشتركة مع مجلس الأمة، تعقد يوم الخميس المقبل.