أمام هذا الواقع، برزت لدى المسؤولين الألمان خشية من التغيير الواضح في الاستراتيجية الأوروبية في حال تمديد "بريكست"، وتساؤلات بخصوص انسحاب متأخر لبريطانيا.
ويدعو هؤلاء إلى توخي الحذر لضمان ألا تتورط السياسة الأوروبية ككل في الفوضى البريطانية، وفي حال بقائها لفترة أطول ضمن التكتل الأوروبي، فإن الأمر قد يزداد صعوبة لأن النواب البريطانيين في البرلمان الأوروبي قد ينقضون ميزانية الاتحاد الأوروبي ويمنعون تشكيل محتمل لجيش أوروبي موحد، وكذا خطط الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بخصوص الإصلاحات في أوروبا، وهذا ما برز أخيرا في مواقف عدد من النواب البريطانيين المتشددين.
وفي هذا السياق، برز موقف صريح لوزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، أمس الجمعة، من فرنسا على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع اعتبر فيه أنه على بريطانيا تقديم الكثير من الإيضاحات حول العديد من النقاط بعد طلبها إرجاء موعد خروجها من التكتل الأوروبي.
ويعتبر خبراء في الشؤون الاستراتيجية الأوروبية أن التمديد يجب أن يتم وفق أسس واضحة، وأن يحصل فقط ضمن ما يمكن تسميته "التخلص التدريجي"، إذا ما قدموا خطة واضحة مع أسباب تبريرية منطقية مثل الإقدام على انتخابات جديدة أو استفتاء ثان، وهو ما أشارت إليه نائبة رئيس البرلمان الأوروبي المنتمية إلى "الحزب الاشتراكي الديمقراطي"، افيلين غيبهارت في حديثها، اليوم السبت، لإذاعة "هايلبرونر"، حيث رفضت فكرة تأجيل خروج بريطانيا من الاتحاد إذا لم تقدّم بحلول 12 إبريل/ نيسان الحالي كيفية المضي قدما وبشكل ملوس في عملية مغادرتها التكتل الأوروبي، قبل أن تضيف أن هناك استعدادا للانتظار حتى نهاية العام، ولكن فقط اذا كان من الواضح أن هناك حلا.
في المقابل، قال النائب في برلمان ولاية راينلاند بفالس، هندريك هيرينغ، في حديث لوكالة الأنباء الألمانية إنه قد يكون من "الأذكى" الموافقة على تمديد خروج بريطانيا من التكتل لمدة عامين، انطلاقا من أن الواقع برهن أنه لا إمكانية حاليا للتوصل إلى حل في بريطانيا كما أن الوضع زاد تعقيدا؛ ومدة العامين قد تكون كافية للبريطانيين لإيجاد حل جذري مقبول عبر مناقشة القضية بهدوء، وربما إعادة انتخاب برلمانهم، على حدّ قوله.
وهنا يرى المراقبون أن تكتيكات ماي لتليين نواب مجلس العموم لا تخدم، والتمديد القصير ليس سوى لتوتير الأعصاب ويعرض لندن وأوروبا لاستنزاف سياسي واقتصادي مدمر ومن غير المنطقي تحديد موعد جديد كل ستة أسابيع ومشاركتهم في انتخابات البرلمان الأوروبي ولمجرد التوصل إلى صفقة سيتم سحبهم واستبدالهم بزملاء من دول أوروبية أخرى.
من جهة ثانية، يعتبر محللون، أنه إذا لم تنسحب بريطانيا حتى موعد انتخابات البرلمان الأوروبي نهاية مايو/ أيار المقبل، لن يكون هناك مخاوف قانونية للكثير من الدول الأعضاء من أن تتعرض الانتخابات للطعن لأن المملكة المتحدة ستشارك في الانتخابات بصفتها عضوا فعليا في الاتحاد الأوروبي، إنما وفي جميع الحالات فإن تصويت البريطانيين لن يتم في ظروف طبيعية لأنه من الغريب أن يتم الطلب إلى المواطنين البريطانيين إعطاء تفويض لنواب يمثلونهم داخل البرلمان الأوروبي وهو ما لا يريدونه حقا، مبرزين أن مشاركة البريطانيين في الانتخابات الأوروبية وعودة 73 برلمانيا بريطانيا إلى البرلمان الأوروبي مزحة سيئة، وربما قد تكون بمثابة كابوس للكثيرين.