أنهت مختلف القوى السياسية في لبنان تعبيد الطريق إلى "جنة الإنماء" قبل الانتخابات النيابية المقبلة، مع اللجوء إلى خطاب أقرب إلى التهديد بوقف شلال الإنجازات التي تدفّقت على كل لبنان خلال الولاية الحالية لمجلس النواب، والتي تم تمديدها قسرياً بحجج أمنية عديدة تلطت خلفها الأحزاب بانتظار بعض الهدوء الإقليمي.
9 سنوات مرت على إجراء آخر انتخابات نيابية في لبنان، فماذا قدمّت الكتل البرلمانية للمواطنين خلال هذه السنوات؟ وهل فعلاً يمكن البناء على مشاريعها الانتخابية التي يتوالى إعلانها هذه الأيام؟ التجربة تجزم بالنفي. فشل البرلمان اللبناني على مختلف الأصعدة السياسية والتشريعية خلال ولايته الممددة. حتى أن ذريعة "الآثار السلبية للجوء السوري على البنى التحتية وعلى الاقتصاد" فقدت صلاحيتها خلال هذه السنوات.
فشل البرلمان أوّلا عندما عطّلت الاجندات السياسية انتظام عمله، وبات حضور جلسات انتخاب رئيس الجمهورية خياراً للنواب بدلاً من أن يكون واجباً عليهم. عطّل إغلاق المجلس عشرات مشاريع القوانين الحياتية إلى جانب تعطيل إقرار التشريعات النفطية التي أخّرت انضمام لبنان إلى النادي النفطي لخمس سنوات.
كما كذبت معظم الكتل السياسية على جمهورها عندما أكدت التصويت بـ"نعم" لخفض سن الاقتراع، قبل أن تظهر النتائج أن الـ"لا" كانت أصدق. ولم تُقدّر القوى السياسية أهمية عودة الانتظام المالي ولو على قاعدة "عفا الله عن عقد كامل مع الإنفاق الاستثنائي"، إلا عندما دهمت المؤتمرات الدولية المُخصصة لدعم لبنان مالياً. وهي مؤتمرات تحولت إلى عنوان أوّل في البرامج الانتخابية لبعض القوى التي نسبت ترتيب هذه المؤتمرات لنفسها، في حين قدّمت قوى أخرى فواتيرها القديمة في الأمن والتنمية المنقوصة لجمهورها الطائفي. وقد أظهر تسجيل مصوّر فجاجة المستوى الطائفي لخطاب أحد النواب في كتلة "حزب الله" النيابية (الوليد سكريّة) الذي تباهى أمام جمهوره بعرقلة تزفيت طريق إحدى البلدات (تقطنها غالبية مذهبية لا ينتمي إليها النائب) في دائرته. وعلى درب التشريع سقطت حقوق موظفي القطاع العام مع إقرار نسخة مُشوهّة من سلسلة الرتب والرواتب، وإقرار تهجير المُستأجرين القُدامى بالقانون من دون مراعاة لظروفهم المالية أو الاجتماعية. تطول قائمة الإخفاقات، لكن المطلوب منا كلبنانيين أن نُصدّق الوعود. وبعضنا سيُصدّق للأسف.