بدأت تجربة شارل أزنافور (1924 - 2018) بمراقبته لعروض أبيه الموسيقية منذ طفولته، وقادته عاطفته تجاه الموسيقى إلى ترك المدرسة واكتساب الخبرة العملية من خلال التجوال. أبوه، مغني الباريتون، صاحب الصوت الغليظ، لم يمرر إليه قدراته الصوتية؛ فكان صوته بعيداً عن الغلظة وأقرب إلى حدة اللكنة الفرنسية، رغم كونه من الأرمن المهاجرين.
عبر مشواره، التقى بكاتب الأغاني الذي كون معه فريقاً (بيير روشيه)، ولاحقاً سيكوّن فريقاً مع إديت بياف ليصنع لها الأغاني الأشهر، ويجول العالم معها ليؤدّي عروضاً افتتاحية لحفلاتها، قبل أن يقرر الانفراد.
برغم اشتغاله بالتمثيل إلى جانب الرقص والموسيقى، فإن أزنافور من الظواهر الموسيقية التي تمكن تسميتها بـ أصحاب الأغنية الواحدة؛ أي الذين يصنعون أغنية ثم تتكرّر في كل أعمالهم، سواءً على شكل جملة، أو توزيع، أو غناء. بالاستماع إلى أعماله عبر مراحل حياته الغنائية، تسهل ملاحظة أنه يستخدم نفس المساحة من صوته في أغلب الأغاني، ويبدأها من نفس الطبقة على اختلاف سلالمها الموسيقية التي تتكوّن منها. وهذا أمر محير قليلاً؛ فهو يضع التنويع الموسيقي خلال الأغنية على عاتق كورال المرددين أو الأصوات الثانية. وفي ظل قدرته الأدائية على التنويع، يُثار تساؤل حول ما إذا كان يعتبر نفسه مغنياً، أم مجرّد مؤدٍ لأغان يصنعها. الأمر مشابه في حالة بياف أيضاً. يثير الأمر تساؤلا آخر حول علاقة اللغة الفرنسية بصنع الأغاني في هذه الحالة، والتي تجعل الغناء دائماً أقرب إلى الأداء النغمي المتجرد، أو رص الكلمات المنغم تنغيماً بسيطاً فيما يشبه الراب في إطار من الموسيقى والزمن (التوقيت) الذي يخضع له المؤدي، ويتضاءل هذا التساؤل عند التعرض إلى عماله باللغات الأخرى، خاصة الإنكليزية.
لا شك، طبعاً، أن أزنافور ممن كان لهم دور كبير في صنع ما نسميه الآن بـ موسيقى النوستالجيا؛ وهي التركيبة الموسيقية التي نعرفها عن موسيقى أواخر الخمسينيات والستينيات وأوائل السبعينيات، والتي نقلتها لنا الأفلام، خاصة المصرية، على شكل موسيقى تصويرية في الأغلب؛ وهي تتألف من الإيقاع البطيء، والبيانو، والجمل الطويلة للغاية، أو القصيرة للغاية، إلى جانب أصوات الآت النفخ الحية أو المسجلة المكتوبة بشكل أوركسترالي. وربما كان احتفاظه بخلفية كلاسيكية موسيقية هو ما جعله مصمماً على شكل شبه موحد لأغانيه، قلما بعد عنه، ليقترب من الجاز الكلاسيكي أيضاً، أو رغبته في صنع صوت خاص له كذلك، أو عثوره على هذا الصوت وتمسكه به.
لم يفت شارل أزنافور مواكبة عصره، حتى لا يُزال عرشه من تحته، ولعل تجربته "الثنائيات"، التي اشتبكت مع رموز غنائية لثقافة البوب حول العالم، مثل جوش غروبان، وستينغ، وبول إنكا، وسيلينديون، هي خير دليل على ذلك. كان أزنافور يحاكي، في التوزيعات، العصر الذي يقدم له متخلياً عن الصوت المجمل الذي ميز أعماله الموسيقية لزمن طويل، ولكنه تخلٍّ جزئي في حدود. كما يُعرف له سعيه خارج نطاقه من خلال التعاون مع المغني السنغالي يوسو ندور.
رحل شارل أزنافور بعد أن جال العالم بموسيقاه، وكتب أكثر من ثمانية آلاف عمل موسيقي.
عبر مشواره، التقى بكاتب الأغاني الذي كون معه فريقاً (بيير روشيه)، ولاحقاً سيكوّن فريقاً مع إديت بياف ليصنع لها الأغاني الأشهر، ويجول العالم معها ليؤدّي عروضاً افتتاحية لحفلاتها، قبل أن يقرر الانفراد.
برغم اشتغاله بالتمثيل إلى جانب الرقص والموسيقى، فإن أزنافور من الظواهر الموسيقية التي تمكن تسميتها بـ أصحاب الأغنية الواحدة؛ أي الذين يصنعون أغنية ثم تتكرّر في كل أعمالهم، سواءً على شكل جملة، أو توزيع، أو غناء. بالاستماع إلى أعماله عبر مراحل حياته الغنائية، تسهل ملاحظة أنه يستخدم نفس المساحة من صوته في أغلب الأغاني، ويبدأها من نفس الطبقة على اختلاف سلالمها الموسيقية التي تتكوّن منها. وهذا أمر محير قليلاً؛ فهو يضع التنويع الموسيقي خلال الأغنية على عاتق كورال المرددين أو الأصوات الثانية. وفي ظل قدرته الأدائية على التنويع، يُثار تساؤل حول ما إذا كان يعتبر نفسه مغنياً، أم مجرّد مؤدٍ لأغان يصنعها. الأمر مشابه في حالة بياف أيضاً. يثير الأمر تساؤلا آخر حول علاقة اللغة الفرنسية بصنع الأغاني في هذه الحالة، والتي تجعل الغناء دائماً أقرب إلى الأداء النغمي المتجرد، أو رص الكلمات المنغم تنغيماً بسيطاً فيما يشبه الراب في إطار من الموسيقى والزمن (التوقيت) الذي يخضع له المؤدي، ويتضاءل هذا التساؤل عند التعرض إلى عماله باللغات الأخرى، خاصة الإنكليزية.
لا شك، طبعاً، أن أزنافور ممن كان لهم دور كبير في صنع ما نسميه الآن بـ موسيقى النوستالجيا؛ وهي التركيبة الموسيقية التي نعرفها عن موسيقى أواخر الخمسينيات والستينيات وأوائل السبعينيات، والتي نقلتها لنا الأفلام، خاصة المصرية، على شكل موسيقى تصويرية في الأغلب؛ وهي تتألف من الإيقاع البطيء، والبيانو، والجمل الطويلة للغاية، أو القصيرة للغاية، إلى جانب أصوات الآت النفخ الحية أو المسجلة المكتوبة بشكل أوركسترالي. وربما كان احتفاظه بخلفية كلاسيكية موسيقية هو ما جعله مصمماً على شكل شبه موحد لأغانيه، قلما بعد عنه، ليقترب من الجاز الكلاسيكي أيضاً، أو رغبته في صنع صوت خاص له كذلك، أو عثوره على هذا الصوت وتمسكه به.
لم يفت شارل أزنافور مواكبة عصره، حتى لا يُزال عرشه من تحته، ولعل تجربته "الثنائيات"، التي اشتبكت مع رموز غنائية لثقافة البوب حول العالم، مثل جوش غروبان، وستينغ، وبول إنكا، وسيلينديون، هي خير دليل على ذلك. كان أزنافور يحاكي، في التوزيعات، العصر الذي يقدم له متخلياً عن الصوت المجمل الذي ميز أعماله الموسيقية لزمن طويل، ولكنه تخلٍّ جزئي في حدود. كما يُعرف له سعيه خارج نطاقه من خلال التعاون مع المغني السنغالي يوسو ندور.
رحل شارل أزنافور بعد أن جال العالم بموسيقاه، وكتب أكثر من ثمانية آلاف عمل موسيقي.