محكمة مصرية تلغي سجن ضابطي التعذيب بالمطرية وتعيد محاكمتهما

01 أكتوبر 2016
الضابطان فرا بعد إخلاء سبيلهما (محمد الشاهد/ فرانس برس)
+ الخط -
قضت محكمة النقض المصرية، اليوم السبت، بإلغاء الحكم الصادر بالسجن المشدد 5 سنوات على ضابطي شرطة بجهاز الأمن الوطني المصري، لقيامهما بتعذيب المحامي كريم حمدي حتى الموت داخل قسم شرطة المطرية، لإجباره على الاعتراف بجرائم لم يرتكبها وهتك عرضه، وقررت المحكمة إعادة محاكمتهما من جديد أمام دائرة أخرى.


وكانت محكمة جنايات القاهرة، أول درجة، قضت بالسجن المشدد 5 سنوات على الضابطين، وقد تغيّب المتهمان عن حضور جلسة النطق بالحكم وقتها، كونهما مخلى سبيلهما على ذمة القضية، وهربا من مقر سكنيهما، في الوقت الذي طلبت فيه المحكمة إلقاء القبض عليهما.

وطالب ممثل النيابة العامة في مرافعته أمام المحكمة، بتوقيع أقصى عقوبة على المتهمين استنادا إلى ارتكابهما جريمة بشعة بداخل أحد أقسام الشرطة التي تختص بتأمين وحماية المواطنين، وأنهما ارتكبا جريمة شنيعة وهي جريمة زهق روح بدون ذنب.

وأكد ممثل النيابة العامة أن قسم المطرية أصبح الآن مثل معتقلات التعذيب بالقرون الوسطى لاستجواب المتهمين ونزع اعترافات منهم، وأنهما أغفلا حقوق الإنسان وحقوق الإنسانية، وأن المجتمع المصري لا يغفل دور الجهاز الشرطي لحفظ سلام وأمن المجتمع الداخلي، وأن المسؤول عن الحفظ والأمان أصبح الآن قاتلا، وهو ما يعمل على إهدار والنيل من هيبة الشرطة وزعزعة الثقة بين أفراد المجتمع وأعضاء جهاز الشرطة.

وأضافت النيابة أن أقوال شهود الإثبات أكدت أن ضباط مباحث القسم أفرغوا للمتهمين الضابطين غرفة بالقسم ليتوليا التحقيق مع المجني عليه، وما أن ظفرا به تعديا عليه بالضرب بمختلف أنحاء جسده، وفقا لتقرير الطب الشرعي.

وتابع ممثل النيابة قائلا: "إننا لا نصدق أن وسيلة جمع المعلومات من المتهمين في جهاز الأمن الوطني هي التعذيب بدنياً، وأن وكيل النيابة الذي قرر حبس المجني عليه احتياطيا على ذمة القضية المتهم فيها لم يكن يعلم بأنه أصدر عليه حكما بالإعدام لوقوعه فريسة للمتهمين، وأنه فور الانتهاء من تعذيب المتهم ونقله لمحبسه ظل يتوجع ويشعر بالبرد، وفي صباح اليوم الثاني فوجئ مأمور القسم بأن المجني عليه في حالة صحية سيئة، واستأذن النيابة العامة لنقل المتهم للمستشفى، وفور وصوله للمستشفى لقي مصرعه لتأثره من حفلة التعذيب".

وأضاف ممثل النيابة أن وكيل النيابة فور التحقيق مع المجني عليه في القضية التي كان متهما فيها، أثبت أنه يتمتع بصحة جيدة ولا يوجد أي إصابات ظاهرية به، وأنه عقب عودته للقسم واصطحابه بمعرفة ضباط المباحث أثبتوا عند إحضاره للمتهمين ضابطي الأمن الوطني للتحقيق معه بأنه بصحة جيدة ولا توجد به أي إصابات، وأن تقرير الطب الشرعي والصفة التشريحية أكدا صحة أقوال الشهود من أن المجني عليه توفي بسبب واقعة التعذيب التي تعرض لها.

وفي سياق متصل، استمعت المحكمة لنقيب المحامين المصري، سامح عاشور، بصفته دفاع المدعين بالحق المدني "المجني عليه"، والذي طالب في بداية مرافعته بانضمام دفاع المدعين بالحق المدني إلى مرافعة النيابة العامة وطلباتها في توقيع أقصى عقوبة على المتهمين، وبخاصة أن المتهمين ارتكبا جريمة تمثل عارا على الحكومة وهي جريمة التعذيب.

وأضاف أنه لا يجب أن ننسى أن سبب اندلاع ثورة 25 يناير هو انحراف ضباط الشرطة.

وتحدث عاشور عن المخالفة القانونية التي ارتكبها المتهمان بداية من التحقيق مع المتهم بدون وجود إذن من النيابة العامة واحتجازه بغرفة منفردين به بداخل القسم لتعذيبه، وأن تلك الواقعة تدل على وجود نية لدى المتهمين لارتكاب جريمتهما وليس بحجة جمع التحريات من المتهم وفقا لما ذكره المتهمان في تحقيقات النيابة العامة.

وقد وجهت النيابة العامة إلى الضابطين المتهمين تهمة تعذيب المجني عليه حتى الموت، بعد أن توافرت الأدلة الكافية ضدهما.

وكاد أن يتم "التكتيم" على القضية بتواطؤ من النيابة العامة المصرية، من خلال إصدار قرار من النائب العام بحظر النشر، بخاصة في ظل ظهور صور للمجني عليه وبها آثار التعذيب، إلا أن المحامين نظموا وقفات احتجاجية أمام مكتب النائب العام، وخرجت منظمات حقوقية لتدين الواقعة، وكان ذلك بمثابة الضغط الذي أدى إلى استكمال التحقيقات وإدانة الضابطين المتهمين.

والغريب في القضية أن غرفة المشورة بمحكمة شمال القاهرة بالعباسية، قررت في وقت سابق، إخلاء سبيل الضابطين بكفالة 10 آلاف جنيه، رغم تقرير الطب الشرعي الذي أدانهما، والأدلة ضدهما.