في منتصف الخمسينيات، التقى الطفلان محمد خان وسعيد شيمي لأول مرة حيث جمعتهما صداقة لن تنتهي برحيل الأول (1942 – 2016) الذي أصبح أحد أبرز المخرجين المصريين. ويسعى الشيمي (1943) الذي يُعد من أبرز مديري التصوير في بلاده لتوثيق هذه العلاقة بالصورة والكلمة.
أصدر شيمي كتاباً من جزأين يضمّ خطابات صاحب فيلم "فارس المدينة" يعود فيه إلى طفولتهما؛ حيث كانا يذهبان سوية برفقة عائلتيهما إلى قاعات السينما الصيفية في وسط البلد في القاهرة، وكانا حينها يقلّدان أبطالاً من الأفلام التي يشاهدانها.
الفنانان اللذان سيفترقان أول مرة سنة 1959، بعد أن سافر خان إلى لندن مع عائلته، سيتبادلان رسائل ستصبح عادة يعودان إليها كلّما أحسا بحاجتهما إلى تبادل وجهان النظر في لحظة ما، كما ستجمعهما كواليس عدد من الأفلام التي اشتركا في صنعها، سجّلتها عدسة الكاميرا في مئات الصور التي تضمّن بعضَها معرضٌ أقيم صيف العام الماضي.
حتى السابع والعشرين من الشهر الجاري، يتواصل معرض خاص لمجموعة من الصور لكواليس أعمال المخرج الراحل محمد خان في "غاليري لمسات" في القاهرة، والذي افتتح أول أمس الإثنين ويضمّ أعمالاً فوتوغرافية احتفظ بها شيمي على مدار أكثر من أربعين عاماً.
يقدّم المعرض جانباً من الظروف التي أحاطت بفيلمهما الأول "ضربة شمس" عام 1978، والذي شاركهما فيه الفنان نور الشريف الذي قرر إنتاجه ولعب دور البطولة معاً، وكانت مغامرة للفنانين الثلاثة في لحظة لم يتبيّن بعد مصير أي منهما في عالم السينما.
لا يكتفي شيمي بتقديم كواليس أربعة وعشرين فيلماً، بل يقدّم أيضاً صوراً عديدة لمحمد خان خلال تنقّله وسط ميدان التحرير أو جلوسه في المقهى، إضافة إلى العديد من تفاصيل حياته اليومية، ومنها صورة مقرّبة تكشف تفاصيل وجهه في لحظة بكاء عند تكريمه على فيلم "فتاة المصنع".
الرغبة في أرشفة تجربة استثنائية في السينما المصرية لم تكن لدى شيمي وحده، إذ أن خان نفسه كان محبّاً للتوثيق بشكل جعله يؤرشف كل تفاصيل مسيرته السينمائية، من خلال دفتر يوميات لكل فيلم أخرجه يضم كل تفاصيل العمل اليومي والملاحظات والنقاشات مع شركاء الفيلم.
يُذكر أن شيمي ولد عام 1943، وقد صوّر حوالي 75 فيلماً تسجيلياً وقصيراً و108 أفلام روائية طويلة، من أبرزها "جحيم تحت الماء"، و"العار"، و"البريء"، و"الحب فوق هضبة الهرم".