محمد دحلان يقود الإمارات إلى صربيا

19 اغسطس 2014
دراسة مشروع اماراتي في صربيا (أندري ايساكوفيتش/فرانس برس/Getty)
+ الخط -
وصلت العلاقات العسكرية بين الإمارات وصربيا، في الأعوام الأخيرة، في مختلف المجالات الأمنية، حتى تكنولوجيا المعلومات والإنترنت والاتصالات، إلى ذروتها، وهو ما خصص له موقع "ميدل إيست آي" تحقيقاً موسعاً كشف ضلوع القيادي المطرود من حركة "فتح"، محمد دحلان، في تلك الصفقات من خلال موقعه المقرب جداً من ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.

وتتحدث المعلومات عن أن "الإمارات مهتمة بالصناعات العسكرية المزدهرة في صربيا، لكن استثماراتها امتدت إلى العديد من القطاعات الاقتصادية الصربية". فقد استثمرت الإمارات على مدى العامين الماضيين، مليارات الدولارات في صربيا، واستحوذت شركة "طيران الاتحاد"، المملوكة لحكومة أبوظبي، على 49 في المئة من أسهم الشركة الوطنية للطيران "اير صربيا"، كما وقّعت شركة الأسلحة الصربية "يوغوامبورت" وشركة "الإمارات القابضة للبحوث والتكنولوجيا المتطورة" (ايرث)، العام الماضي اتفاقاً بقيمة 200 مليون دولار.

وبالرغم من إحاطة أبوظبي استثماراتها في صربيا، بسريّة تامة، فإن مصادر صربية أكدت أن "الاستثمارات الإماراتية ترمي إلى ما هو أبعد من الأرباح المالية المحتملة". وتتّهم تقارير متابعة لنشاط الإمارات في صربيا، ولي عهد إمارة أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بالعمل كـ"وكيل للولايات المتحدة وإسرائيل في أوروبا الشرقية".

وتقول التقارير إن دحلان "هو الذي يسهّل التواصل بين الإمارات وشخصيات نافذة في الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية، من جهة، والإمارات وكبار المسؤولين في جمهوريتي صربيا ومونتينيغرو من جهة ثانية، تحت غطاء شركات الاستثمار الاقتصادية". ويفخر المسؤولون الصرب بالاستثمارات الإماراتية، ويقدمونها دليلاً على دور بلدهم، باعتباره لاعباً إقليمياً رئيسياً في منطقة البلقان.

وفي هذا الصدد، رأى المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء والمرشح لبلدية بلغراد، سينيسا مالي، في مقابلة مع موقع "بلومبرغ" في مارس/آذار الماضي، أن "الإماراتيين يقدّرون الاستقرار السياسي في صربيا، ويُثّمنون رأسمالنا من المؤهلات البشرية، واستثماراتهم هي نتيجة أثمرت عن الصداقة والتفاهم بين رئيس الوزراء الصربي، ألكسندر فوسيتش، والشيخ محمد".

وتعتبر مصادر صربية أن "الإمارات تستخدم علاقاتها الوثيقة والاستثمارية في صربيا، لإحباط محاولات تركيا إقامة موطئ قدم لها ومد نفوذها الاقتصادي والجيوسياسي في منطقة البلقان، وربما يتم ذلك بناء على توجيه من الولايات المتحدة وإسرائيل". وتضيف المصادر أن "هدف تحجيم النفوذ التركي ينسجم أيضاً مع سياسات الصرب". وينقل "ميدل إيست آي" عن الصحفي الصربي، فلاديمير بيكتش، قوله إنه "ينبغي أن ندرك أن صربيا الأرثوذكسية، لا ترغب في تجدد نفوذ تركيا في البلقان، على عكس البوسنة ذات الغالبية المسلمة".

ويلفت إلى أنه "ربما تفضل الولايات المتحدة أن ترى الإمارات، حليفتها، تستثمر في صناعات صربيا العسكرية، مما يضمن بقاء بلغراد، التي ترفض الانضمام لحلف الأطلسي، بعيدة عن الوقوع في براثن روسيا". ويرى آخرون أن "الإمارات تسعى من خلال استثماراتها، إلى تعزيز قوتها في الشرق الأوسط، عبر إمداد حلفائها في الشرق الأوسط بأسلحة صربية". ويقول أصحاب هذا الرأي إن "الأطراف المتصارعة في الشرق الأوسط، تحتاج إلى سلاح متطور، موجود في صربيا، وسط أنظمة وقوانين تصدير مرنة، وتستثمر الإمارات هذه المعادلة".

فقد عانت أبو ظبي من بعض المصاعب عندما مدّت القوات المعارضة للنظام السوري، بأسلحة مستوردة من سويسرا، مما دعا الأخيرة إلى وقف تصدير الأسلحة إلى الإمارات. ومعروف عن فوسيتش، كراهيته الشديدة للمسلمين، وقد نُقل عنه قوله في عام 1995، "يجب على صربيا قتل مائة مسلم، مقابل كل صربي مات أثناء الحرب الأهلية". بعدها تغيّر فوسيتش، وبات مرتبطاً بـ"صداقة شخصية وثيقة"، على حد تعبيره، مع ولي عهد أبو ظبي.

وبحسب التحقيق نفسه، لم تكن هذه العلاقة لتبصر النور، لولا محمد دحلان. ويقول الموقع إنه "شاع أن دحلان بات المستشار الأمني للشيخ محمد، وكان محور تحسين العلاقات بين صربيا والإمارات في عام 2012 بعد توترها بسبب اعتراف أبوظبي، كأول دولة عربية، باستقلال كوسوفو".

وتوافقت العلاقة مع تطلعات دحلان، في أوروبا الشرقية، وتحديداً في مونتينيغرو التي حصل على جنسيتها في عام 2012. الأمر الذي وصفه بيكتش، بـ"إجراء غريب في ظلّ سياسة تقييدية جداً، لا تسمح بازدواجية الجنسية". وبينما يرفض مسؤولو مونتينيغرو، ذكر أسباب منح دحلان الجنسية، يلفت مصدر صربي إلى أن السبب يعود إلى حجم الاستثمارات التجارية المربحة، التي يملكها دحلان، في بودغوريتشا.

وادعى أن "هناك أدلّة قوية على استخدام دحلان، مونتينيغرو، لغسل الأموال التي اختلسها أثناء عمله في السلطة الفلسطينية". ويملك دحلان العديد من الشركات المسجلة في بودغوريتشا، بما في ذلك "شركة الشرق الأوسط الدولية"، والمسجلة للقيام بأعمال الاستشارات والإدارة، وشركة "المنارة القابضة"، التي أُنشئت لتطوير المشاريع العقارية. ويُقال إن دحلان استخدم علاقاته بالمسؤولين في مونتينيغرو، لتسهيل زيارة قام بها رئيس الوزراء، ميلو دوكانوفيتش، إلى الإمارات العام الماضي. وأشاد فوسيتش، بالزيارة، واعتبرها "مفتاح تحسين العلاقات بين صربيا ومونتينيغرو"، عندما أثنى على ما قاله دوكانوفيتش، أمام المسؤولين الإماراتيين عن صربيا، وأهمية الاستثمارات الإماراتية فيها.

و"ردّاً للجميل"، منح الرئيس الصربي، توميسلاف نيكوليتش، في أبريل/نيسان 2013، دحلان، وسام العلم الصربي لـ"مساهمته في تدعيم العلاقات بين صربيا والإمارات". ويرتبط دحلان، بحسب مصدر استخباراتي صربي، رفض الكشف عن هويته، بـ"علاقة حميمة" مع مدير وكالة الاستخبارات الأميركية السابق، جورج تينيت، وبـ"علاقات" مع قائد الجيش الإسرائيلي السابق، أمنون شاحاك، ورئيس جهاز "الشاباك" السابق، يعقوب بيري، ويملك شبكة اتصالات مع عملاء إسرائيليين، في أوروبا الشرقية، من خلال علاقته بعميل الموساد، الفلسطيني، عدنان ياسين، الذي يعيش حالياً في العاصمة البوسنية، ساراييفو، وسبق أن اعتقل في تونس في 1993، لتعاونه مع الموساد، وأُطلق سراحه بضغط من إسرائيل.
المساهمون