ووصل إجمالي إيرادات الدولة إلى 627 مليار جنيه، وبلغ إجمالي المصاريف 936 مليار جنيه، (حوالي 71 مليار دولار)، بعجز يصل إلى 309 مليارات جنيه (حوالي 35 مليار دولار). وحاز بندا الأجور والدعم على نحو 70 في المائة من الإيرادات، إذ ابتلعت الأجور في الجهاز الإداري للدولة نحو 228 مليار جنيه (حوالي 26 مليار دولار)، ووصل الدعم إلى 210 مليارات جنيه (حوالي 24 مليار دولار)، الذي انخفض بواقع 21 مليار جنيه (حوالي 2.5 مليار دولار) عن الموازنة الحالية، ما يُنذر بموجة غلاء، وارتفاع فواتير الكهرباء، والمياه، والغاز عن المواطنين، في إطار خطة الحكومة لرفع الدعم.
ولم تلتزم الموازنة الجديدة بالنسبة التي ألزم بها الدستور لرفع الإنفاق الحكومي على مجالات الصحة، والتعليم، والتعليم العالي، والبحث العلمي بواقع 10 في المائة من الناتج القومي الإجمالي، ما يعد مخالفة دستورية واضحة. في حين رفعت بند الأجور عن الموازنة الحالية بنحو 10 مليارات جنيه (حوالي مليار دولار)، ذهبت جميعها لمخصصات وزارات الدفاع، والداخلية، والعدل، بحسب مصدر برلماني مطلع.
ويقول مصدر برلماني لـ"العربي الجديد" إنّ رئيس مجلس النواب علي عبد العال، سيخطر أعضاءه في جلسة، اليوم الأحد، بتلقي المجلس مشروعَي الموازنة وخطة التنمية، وإحالتهما إلى لجنة الخطة والموازنة فور تشكيلها هذا الأسبوع، بعد إصدار السيسي لمشروع قانون اللائحة الجديدة، وتشكيل اللجان النوعية فور نشر القرار في الجريدة الرسمية. ويضيف المصدر أن "الخطة والموازنة ستقدمان تقريراً عاماً عن المشروعَين عقب مناقشتهما داخلياً لمدة تتراوح بين أسبوعين وثلاثة أسابيع في حضور الوزراء المختصين، و24 رئيساً للجان النوعية، و16 ممثلاً للهيئات البرلمانية للأحزاب تحت القبة، تمهيداً لطرح الموازنة للمناقشة في الجلسات العامة، والتصويت عليها، والتأشيرات الملحقة بها، ثم التصويت على مشروع القانون بمجموعه في مدة تصل إلى أسبوعين آخرين".
من جهته، يوضح البرلماني كمال أحمد لـ"العربي الجديد"، أن "الخطة والموازنة" ستشكل لجاناً فرعية متخصصة من بين أعضائها فور البدء في مناقشة الموازنة، بحيث تعد كل مجموعة تقريراً عن أعمالها، للاستعانة بها عند عرض التقرير العام للجنة، مشيراً إلى ضرورة عدم استعجال المجلس في إقرار الموازنة، ومناقشة بنودها باستفاضة، خصوصاً أن البرلمان يملك وقتاً حتى الثلاثين من يونيو/حزيران المقبل لإقرارها، ولو قبل يوم واحد من بدء السنة المالية في الأول من يوليو/تموز المقبل، وفقاً للأحمد.
ويضيف النائب ذاته، أنّه لا بد من وجود تعاون مرن بين النواب والحكومة عند مناقشة الموازنة داخل اللجان، حتى يمكن تعديل بعض بنودها، وفقاً لرؤية النواب بشأن احتياجات الأهالي في دوائرهم، وتمويل بعض المشاريع المتعلقة بهم، شرط طرح آليات لتدبير الموارد، من دون اختلال بين مصاريف وإيرادات الدولة، على أن تعدّل في حينها في إطار من التوافق بين السلطَتين، قبل طرح المشروع النهائي للتصويت.
ويجوز لكل لجنة نوعية تقديم اقتراحات بتعديل النفقات الواردة في مشروع الموازنة، عدا تلك التي ترد تنفيذاً لالتزام محدد على الدولة، والمتعلقة بفوائد القروض. فإذا ترتب على الاقتراحات المقدّمَة من اللجان زيادة في إجمالي نفقات الدولة، وجب على اللجنة أن تضمن في تقريرها وسائل تدبير مصادر الإيرادات، وفقاً لنصوص اللائحة. وعن عدم تخصيص النسبة الدستورية المقرّرة لقطاعات الصحة والتعليم، يقول الأحمد إنّ "هذا أمر معيب، ويعرّض مشروع الموازنة للطعن بعدم الدستورية، لأن الادعاء بعدم وجود موارد للإنفاق على تلك القطاعات مسؤولية البرلمان، بل مسؤولية الحكومة أيضاً، وعليها أن تبحث عن مصادر تمويل متنوعة"، لافتاً إلى أن تمرير النواب موازنة مخالفة للدستور "يطعن شرعيته في مقتل".
وتؤيد النائبة المعينة بسنت فهمي، كلام الأحمد، مشيرة إلى أن نصوص دستور 2014، هي الحاكمة بشأن تمرير النواب للموازنة من عدمه، خصوصاً المتعلقة بالنسب المخصصة للخدمات والبرامج التنموية. وتؤكد لـ"العربي الجديد" أن الحكومة تستطيع تدبير موارد لتلك القطاعات الحيوية عبر ترشيد إنفاقها، والبحث عن سبل، وآليات فعالة لتشجيع الاستثمار، وتنشيط السياحة.
وتنصّ مواد عدة من الدستور على أن تخصص الدولة "نسبة من الإنفاق الحكومي للصحة لا تقل عن 3 و4 في المائة للتعليم من الناتج القومي الإجمالي، ونسبة 2 في المائة للتعليم الجامعي، و1 في المائة مخصصة للبحث العلمي، تتصاعد جميعها تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية".
من جانبه، يرجح المتحدث باسم كتلة حزب "الوفد"، محمد فؤاد، حدوث خلافات بين النواب والحكومة بشأن تفسير النصوص الدستورية الخاصة بالموازنة، ورغبة النواب في زيادة موازنات الصحة والتعليم، مقابل رفض الحكومة لتلك الزيادات بدعوى أنها ستحدث عجزاً في بنود أخرى، في ظل العجز الكبير في الناتج المحلي. ويقول فؤاد لـ"العربي الجديد"، إنّ أعضاء اللجان المختصة سيجهزون ملاحظاتهم بمجرد توزيع نسخ الموازنة عليهم لعرضها على "الخطة والموازنة" في أسرع وقت، لمواجهة وزراء الحكومة بها، والوصول إلى تعديلات توافقية على بنود الموازنة.
بدوره، يشير رئيس الهيئة البرلمانية لحزب "الحركة الوطنية"، محمد البدراوي، إلى ضغط النواب على الحكومة لمراجعة بنود الموازنة، وتقليل العجز بين الإيرادات والمصروفات، لتجنب الصدام بينهما تحت القبة، خصوصاً أن النواب لن يقبلوا بشكل الموازنة الحالي التي تخالف الدستور وتنحاز للطبقات الرأسمالية على حساب محدودي الدخل من المواطنين، على حدّ قوله.