مخاوف حقوقية من تعديلات قانون جامعات مصر

20 يناير 2015
بعد قمع الطلاب بدأ قمع الأساتذة (العربي الجديد)
+ الخط -



أعربت مؤسسة حرية الفكر والتعبير (منظمة مجتمع مدني مصرية) عن "قلقها البالغ" مما وصفته بـ"توجه السلطة التنفيذية لترهيب أعضاء هيئة التدريس" بشأن تعديلات قانون الجامعات الأخيرة.

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أصدر قرارا بقانون يتيح عزل أعضاء هيئة التدريس من مناصبهم الوظيفية بناءً على اتهامات غير محددة، ووسعت التعديلات من نطاق تطبيق المادة (110) ليشمل الهيئة المعاونة من المعيدين والمدرسين المساعدين والعاملين في الجامعة الخاضعين لأحكام قانون العاملين في الدولة، وذلك بعد أن كانت المادة مقتصرة على أعضاء هيئة التدريس فقط.

وصدر القرار بقانون رقم 3 لسنة 2015، في الجريدة الرسمية بتاريخ 15 يناير/كانون الثاني 2014، بشأن استبدال الفقرة الثانية من المادة (110) من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972. 
واعتبرت المؤسسة القرار "تهديداً لمستقبل الحرية الأكاديمية لأعضاء هيئة التدريس ودرجة تمتعهم بالأمان الوظيفي، بما يمكنهم من التعبير الحر عن الرأي والتفاعل مع القضايا المطروحة للنقاش داخل الجامعة".

ورأت أن التعديلات يشوبها العديد من الجوانب غير الدستورية؛ فقد جعلت ممارسة الأعمال الحزبية مخالفة تأديبية تستوجب العقاب بالعزل، وهو ما يعد مخالفًا لنص المادة (65) من الدستور المصري، والتي تكفل حرية الفكر والرأي، ووضعت قيوداً على حرية تعبير أعضاء هيئة التدريس عن أفكارهم. ولم يوضح التعديل ما هو المقصود "بالأعمال الحزبية"، من حيث طبيعة تلك الأعمال أو بيان علاقتها بالإضرار بالعملية التعليمية.


وتعد عقوبة عزل عضو هيئة التدريس بمثابة العقوبة الأكثر قسوة، ومن ثم لا يجوز توقيعها جزافًا، ولا تتناسب مع المخالفات التأديبية المبينة بالتعديل، بحسب بيان صادر عن المؤسسة صباح اليوم، الثلاثاء.

وشمل التعديل اعتبار "كل فعل يزري بشرف عضو هيئة التدريس أو من شأنه أن يمس نزاهته وكرامته وكرامة الوظيفة" من المخالفات التي تستوجب العزل، وهي بحسب المؤسسة "أوصاف لا توجد آلية واضحة لتحديدها، وبذلك فقد القرار موضوعيته بعد أن أصبح تفسير معاني الشرف والكرامة بحسب رؤية رئيس الجامعة وجهات التحقيق والتأديب، وليس وفقًا لنصوص قانونية محددة".

وتضمن التعديل توقيع عقوبة الإيقاف عن العمل لمدة لا تزيد على ستة أشهر والمنع من دخول الجامعة في غير أوقات التحقيق، على عضو هيئة التدريس المنسوب إليه ارتكاب مخالفات "العنف أو التحريض عليه أو ممارسة الأعمال الحزبية أو إدخال السلاح للجامعة"، مما يخالف مبدأ "المتهم بريء حتى تثبت إدانته" المنصوص عليه بالمادة (96) من الدستور المصري، فهذا التعديل يوقع عقوبات مسبقة على عضو هيئة التدريس قبل إدانته بشكل قانوني من خلال مجلس التأديب المختص بمجرد توجيه المخالفات إليه، وجعل قرار الوقف عن العمل جزاء يتم توقيعه بدلًا من أحد الإجراءات التي تتخذ أثناء التحقيق، مما يتعارض مع نص المادة (106) من قانون تنظيم الجامعات التي تنص على أنه إذا اقتضت مصلحة التحقيق يوقف عضو هيئة التدريس عن العمل لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر.

تجدر الإشارة إلى أن مقترح تعديل قانون تنظيم الجامعات بما يمنح رئيس الجامعة سلطة عزل أعضاء هيئة التدريس بقرار مباشر منه، بناءً على اتهامات بالتحريض وممارسة العنف وتعطيل العملية التعليمية، جاء في سبتمبر/أيلول 2014، وأثار حينها عاصفة من الانتقادات والاعتراضات أبداها أعضاء هيئة التدريس والحركات الجامعية، ما أدى إلى إعلان مجلس الوزراء تراجعه عن إقرار التعديل، في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2014، قبل أن يعيد المجلس مناقشة التعديل مكتفيًا فقط بحذف سلطة رؤساء الجامعات في العزل، من دون الالتفات إلى الاعتراضات على نصوص ومضمون المخالفات التأديبية.

وتقول دكتورة ليلى سويف عضو حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات لـ"العربي الجديد" إن التعديل الجديد وضع عقوبات تنفذ على الأستاذ الجامعي فورا من دون إحالته إلى مجلس التأديب، كما أنه منح رئيس الجامعة الحق في العزل الوجوبي لعضو هيئة التدريس قبل فتح التحقيق معه، وأضافت "هذا التعديل يشبه الحبس الاحتياطي الذي يوقع على المتهم حتى قبل صدور نتائج التحقيق في ما نسب إليه من تهم.

وفي ما يخص قانونية إصدار القرارات من رئيس الجمهورية يقول عاصم عبد المعطي، الوكيل السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، إن عدم وجود برلمان في مصر يعطي الفرصة للرئيس لإصدار القوانين من دون محاسبة من أحد، مضيفا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أصدر كثيرا من القوانين تباعاً منذ توليه الحكم.