وتشير مصادر مطلعة في كلٍ من "جيش الفتح" و"المجلس المحلي" في الزبداني، إلى أنّ "هناك احتمالاً كبيراً لنجاح الهدنة هذه المرة، ولفترة زمنية طويلة قد تمتد لستة أشهر". إلّا أنّ أياً من المصادر الرسمية المعنية بالهدنة لم تنف ولم تؤكد ما تم تداوله من قبل نشطاء ميدانيين عن هدنة تتضمن 25 بنداً تمتد لستة أشهر، قالوا إن المفاوض الإيراني اقترحها على "جيش الفتح".
ويؤكد مصدر من المكتب الإعلامي لحركة "أحرار الشام" في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "هناك تكتماً شديداً من قبل الأطراف التي تتفاوض حول بنود الهدنة"، مشيرة إلى أنّه "حتى الآن، لم يتم الإعلان بشكل رسمي عن بنود محدّدة". وفيما يخص البنود الـ25 المسرّبة، يلفت المصدر نفسه إلى أنّ "وسائل إعلام مقرّبة من النظام سرّبت هذه البنود، ثمّ تم تداولها بين نشطاء المعارضة"، موضحاً أنه "لا يستطيع نفي أو تأكيد أي منها".
وبغض النظر عن شروط الهدنة، يبدو أن هناك تذمُّراً لدى معظم عناصر فصائل المعارضة والسكان، خصوصاً في مدينة بنش، بحسب مصادر مطلعة، من توقيع هدنة في هذا الظرف مع بلدتي الفوعة وكفريا، إذ إنّهم يعتبرون أن الظرف الحالي مناسب جداً للسيطرة على هاتين البلدتين، مشيرين إلى أنّ إيران لا تقبل بهدنة ليست لصالحها، ومن دون أن تكون الأخيرة في وضع حرج.
ويؤكد الناشط سعد الحاج علي لـ"العربي الجديد"، أنّ هناك شبه إجماع في المناطق المحيطة ببلدتي الفوعة وكفريا على ضرورة السيطرة عليهما والتخلص من القاعدة العسكرية الموجودة فيهما، مبيّناً أنه في حال تمّت الموافقة على هدنة ضمن البنود الـ25 المسرّبة، فإن بعض هذه البنود قد يتسبب بفتنة بين الفصائل والمناطق، باعتبار أنّ أحد البنود يتضمن وقف إطلاق النار في كل من "الزبداني، ومضايا وبقين وسرغايا والقطع العسكرية المحيطة بها في ريف دمشق".
كما يشمل البند وقف إطلاق النار في "الفوعة وكفريا وبنش وتفتناز وطعوم ومعرة مصرين، ومدينة إدلب، ورام حمدان، وزردنا، وشلخ في إدلب وريفها"، وهو ما جعل البعض يخلص إلى أنّ ضربات الطيران التي كانت تتقاسمها مناطق ريف إدلب، ستتركز في مناطق محدّدة، مثل سراقب وجبل الزاوية، الأمر الذي يعطي انطباعاً بأن الهدنة جاءت لمصلحة مناطق على حساب أخرى، وفقاً للناشط.
اقرأ أيضاً ساعات حاسمة على مفاوضات الزبداني: المعارضة الطرف الأقوى
ويرى مراقبون أن أحد البنود الذي ينصّ على خروج كامل المقاتلين والراغبين من عائلاتهم من بلدة الزبداني، يتماشى مع المخطط الإيراني في إجراء تغيير ديمغرافي، بما يتناسب مع تشكيل مكوّن سكاني موالٍ لتوجهات إيران، ضمن ما تسميه الأخيرة، "سورية المفيدة"، وخصوصاً أن البند الذي يليه، ينصّ على أن الوجهة الوحيدة لخروج الشرائح كافة من منطقة الزبداني (مسلحون، جرحى، عائلات)، هي إدلب حصراً.
ومن البنود الأخرى التي نصّ عليها مقترح الهدنة المسرب، إخراج عائلات الزبداني التي هربت بطريقة غير قانونية إلى لبنان، وإعادتهم إما إلى سورية مباشرة أو إلى تركيا، شرط أن يكون العدد بين أربعين وخمسين عائلة فقط، وأن يتم ذلك خلال المرحلة الأولى، مقابل خروج الراغبين من النساء والأطفال ما دون الثامنة عشرة، والرجال ما فوق الخمسين، من منطقتي الفوعة وكفريا، بحيث لا يزيد العدد عن عشرة آلاف مواطن سوري، بالإضافة إلى خروج كامل الجرحى قيد العلاج، على أن يحتسب عددهم من ضمن العشرة آلاف.
وينص بند آخر، على التعهد والالتزام بإطلاق سراح 500 معتقل من سجون النظام بعد إنجاز المرحلة الأولى، والبدء بمباحثات المرحلة الثانية وتفصيل هذا العدد بين 325 امرأة، و25 حدثاً (ما دون 18 من العمر)، و150 رجلاً، من دون الالتزام بأسماء محدّدة أو مناطق معينة، على أن تكون تواريخ اعتقالهم سابقة لشهر يوليو/تموز الماضي.
كما ينصّ أحد البنود، على أن يتم تنفيذ الاتفاق برعاية وإشراف وحضور الأمم المتحدة، بشرط أن يضمن كل طرف الأمن والسلامة خلال سير العمل داخل مناطق سيطرته، على أن يتم خلال 48 ساعة من تاريخ الموافقة على بنود الهدنة الـ25 والتي ينتهي اليوم التحضير اللوجستي لبدء تنفيذ الاتفاق، إذ يتم تشكيل مجموعة عمل تشمل مندوباً من الأمم المتحدة، ومندوباً من إيران، وآخر من طرف المسلحين، لتعتبر مرجعية لمتابعة تنفيذ الاتفاق، وحلّ أي مشاكل قد تطرأ، وأن يتواجد مندوبو الأمم المتحدة وإيران في دمشق، ويكون التواصل مع مندوب المسلحين.
ومع انتهاء المرحلة الأولى، تبدأ المرحلة الثانية التي تشمل إطلاق سراح الـ500 معتقلة ومعتقل، وتثبيت هدنة لمدة ستة أشهر في المناطق التي ذكرت. لكن يبدو المشهد في الزبداني مختلفاً قليلاً عنه في محافظة إدلب. فالمحاصرين في بلدة الزبداني، يبدون أكثر استعداداً لقبول الهدنة حتى ضمن هذه البنود المسربة، بحسب عدد من المصادر داخل البلدة، التي تلفت في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه تم تسريب البنود عمداً، قبل الإعلان عنها بشكل نهائي، بهدف جس نبض الحاضنة الشعبية لكلا الطرفين ومعرفة ردود الفعل قبل تطبيقها بشكل فعلي.
اقرأ أيضاً سورية: إيران ترضخ للهدنة بعد انهيار دفاعات كفريا والفوعة