مختار جمعة... وزير أوقاف الانقلاب

28 فبراير 2014
+ الخط -

بعد تكليفة رسمياً من رئيس الحكومة المصرية الجديدة إبراهيم محلب بالاستمرار في منصبه، جدد وزير الأوقاف مختار جمعة "التزامه بتحسين أحوال الأئمة والدعاة المادية، وضبط الخطاب الديني الفترة المقبلة".

لم يكن غريباً أن يستمر الوزير في منصبه في حكومتي سلطة الانقلاب العسكري الحاكمة لمصر منذ 3 يوليو الماضي، عقب انقلاب الجيش على الرئيس المنتخب محمد مرسي، لما أصدره من قرارات تصب في صالح الانقلاب.

وكان أبرز هذه القرارات منع 55 ألفاً من الأئمة من الخطابة في المساجد، وإيقاف ونقل الآلاف من الأئمة الرافضين للانقلاب، وغلق المساجد عقب الصلوات مباشرة، ووضع خطبة جمعة موحدة في جميع المحافظات، ومنع صلاة الجمعة في الزوايا الأقل مساحة من 80 متراً.

قرارات أخرى أيضاً اتخذها وزير الأوقاف بهدف السيطرة على كل مساجد الجمعيات، سواء الجمعية الشرعية أو أنصار السنة المحمدية، حتى تصبح جميع مساجد مصر بوقاً لسلطة الانقلاب الحاكمة حالياً في البلاد.

جمعة قال، فى بيان له مساء أمس (الخميس)، إن "الأوقاف لن تسمح لأي شخص مهما كان موقعه أو مكانته باعتلاء المنبر إلا بتصريح كتابي مسبق من الوزارة، واعتبار المنبر أمانة ومسؤولية خاصة لإمام المسجد أو خطيبه، وهو غير مفوض بإنابة أحد عنه أو السماح بصعوده المنبر مهما كان وضع ومكانة هذا الشخص". كما شدد على ضرورة التزام الأئمة والخطباء بموضوع خطبة الجمعة الموحدة، والحرص على "نشر سماحة الإسلام الوسطي لمواجهة التشدد والتطرف والإرهاب"، مشيداً بحرص الأئمة على ألا يقتحم مجال الدعوة "دخيل" أو غير متخصص.

تطهير الوزارة!

وكيل وزارة الأوقاف محمد عبد الرازق قال لـ"العربي الجديد" إن "الوزارة مستمرة في خطتها لتطهير الوزارة من العناصر المتشددة التى تحاول توظيف المنبر لأغراض شخصية خاصة بجماعات متطرفة"، في إشارة واضحة إلى المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين أو المتعاطفين مع الرئيس "مرسي". ولفت إلى أن الأوقاف أرسلت عدة قوافل دعوية لعدد من المحافظات، وعلى رأسها محافظتا شمال وجنوب سيناء "وذلك من أجل ضبط الخطاب الديني، والقضاء على الفكر التكفيري المتطرف".

وجدير بالذكر أن محافظتي سيناء تشهدان العديد من العمليات الانتقامية ضد أفراد الجيش والشرطة، رداً على قصف الجيش لمساكن الأهالي بالطائرات، وقتل وتشريد أعداد كبيرة منهم بدعوى "الحرب على الإرهاب".

وفي سياق متصل، عقد الوزير اجتماعاً أمس مع وكلاء الوزارة بشأن قرار الأذان الموحد للمساجد، واختيار أفضل العناصر صوتاً، وتم الاتفاق خلال اللقاء على إعطاء مهلة لمدة أسبوع لوكلاء الوزارة: محمد عبد الظاهر (وكيل الوزارة في القاهرة)، جابر طايع (وكيل الوزارة في الجيزة)، وصبري يس (وكيل الوزارة في القليوبية)، لحصر جميع المساجد التي فيها أجهزة ومدى كفاءتها في العمل.

وزير الانقلاب

الوزير الذي طالما هاجم جماعة الإخوان، ورافضي الانقلاب، ولم يدن مقتل الآلاف منهم بدم بارد برصاص قوات الأمن عند فض اعتصاماتهم أو مواجهة تظاهراتهم، يخرج دوماً ليندد ويبكي مقتل أي فرد شرطي، ويحمّل "الإخوان" مباشرة مسؤولية اغتياله، دون انتظار للتحقيقات!

وكانت انتقادات عدة قد وُجهت للوزير في حكومة الانقلاب، وقراراته الخادمة للسلطة، واعتبرت جبهة "علماء ضد الانقلاب" قرار إيقاف شعيرة صلاة الجمعة بإغلاق آلاف المساجد "حرباً ممنهجة ضد الإسلام ورموزه وشعائره".

وبحسب "علماء خارج البلاد"، فإن المتعارف عليه في كل دول العالم الإسلامي أن المؤهل العلمي هو الأساس في الإبقاء على خطباء المساجد أو عزلهم.

"تسييس" الخطب

وعلى الرغم من تصريحاته المتلاحقة بإبعاد ساحات المساجد عن الصراعات السياسية، والعودة بها إلى التعبد وذكر الله، إلا أنه بدا جلياً في الخطبة الموحدة من الوزارة "تسيسها"، وتأميمها لصالح السلطة الحالية.

ففي آخر جُمَع شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، التالية لإقرار قانون التظاهر (صدر يوم 25 من الشهر نفسه)، حددت الوزارة محوراً من محاور الخطبة الأربعة تحت عنوان "التأكيد على إيثار المصلحة العليا للوطن على أي مصلحة حزبية، أو فئوية، أو شخصية".

وعقب أحداث تفجير مديرية أمن المنصورة، كان عنوان الخطبة "براءة الإسلام من العمليات الانتحارية والتفجيرية والتخريبية"، وأصدرت الوزارة نصاً كاملاً للخطبة الموحدة، ولم تكتف بذكر الأفكار والمعاني.

ومع تصريح وزير الكهرباء السابق بأن القطاع على وشك الانهيار، كان عنوان خطبة جمعة الثالث من يناير "الامتناع عن سداد فواتير الكهرباء أكل للسحت وخيانة للوطن".

أما خطبة المولد فكانت قبل أيام قليلة من موعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية، فجاء عنوان الخطبة "المشاركة الإيجابية والوفاء للوطن في حياة النبي!".

وجاءت الفقرة الأخيرة من الخطبة صراحة للتأكيد أن "المشاركة الإيجابية في الاستفتاء على الدستور عمل شرعي وواجب وطني".

ومع ذكرى ثورة 25 يناير، ودعوة تحالف دعم الشرعية ورفض الانقلاب، مع عديد من القوى الثورية إلى التظاهر بهدف استرداد الثورة، خرجت الخطبة تحت عنوان "نعمة الأمن والاستقرار"، في إشارة إلى أن "الثورة تعني الفوضى، وبقاء النظام الحالي يعني الاستقرار"، وتحدثت الخطبة صراحة عن عودة الأمن الشرطي، وكيف ذاق المصريون ويلات غيابه عقب ثورة يناير.

علاقاته بالأمن

مستشار وزير الأوقاف السابق، ورئيس الهيئة البرلمانية لحزب البناء والتنمية في مجلس الشعب المنحلّ، محمد الصغير، قال إن وزير الأوقاف الحالي في حكومة الانقلاب كان معلوماً للجميع علاقاته الوطيدة بجهاز أمن الدولة –الأمن الوطني حالياً - وكان عيناً له قبل الثورة داخل الجمعية الشرعية.

وأوضح الصغير في تصريحات إعلامية سابقة أنه بعد نجاح ثورة 25 يناير، وإسقاط حسني مبارك، خرج شباب الجمعية الشرعية ليطالب بتطهير الجمعية الشرعية، وإقالة "جمعة"، وهو ما حدث بالفعل حينها.

ولفت الصغير – حول تاريخ الوزير ــ إلى إنه ذهب بعدها إلى مكتب شيخ الأزهر أحمد الطيب ــ والذي كان عضواً في لجنة سياسات الحزب الوطني الحاكم أيام مبارك ــ وترقّى ليصبح عميداً لكلية الدراسات الإسلامية، ثم جاء الانقلاب العسكري "فوقف يدافع عنه علناً، فكانت مكافأته الحقبة الوزارية".

المساهمون