مع استمرار المواجهات المسلحة والقصف على المعسكرات ومخازن السلاح وتوسّع رقعتها، تتزايد مخاطر انتشار مخلفات الحرب والذخائر غير المنفجرة في أنحاء اليمن، باستثناء المحافظات التي لا تطاولها الحرب.
منذ الآن، يجد عدد كبير من المواطنين صعوبة في تمييز الأجسام والكتل غير المنفجرة التي، وبمجرد العبث بها قد تنفجر بهم. وتزيد هذه المخاطر لتهدّد بشكل أكبر الأطفال الذين قد يصادفونها في الشوارع أو على أسطح المنازل، وكذلك رعاة الأغنام في القفار والوديان.
علي الحاشدي مزارع، يعبّر عن مخاوفه من إمكانية وجود أجسام وألغام غير منفجرة في محيط مواقع معسكرات مدينة عمران (شمال) وبعض الجبال المحيطة، حيث اندلعت مواجهات مسلحة عنيفة بين جماعة أنصار الله (الحوثيون) وألوية تابعة للجيش اليمني في العام الماضي. ويقول لـ "العربي الجديد" إن "أسراً كثيرة تسكن في هذه المواقع، تمنع أطفالها من التحرّك بحريتهم خارج المنازل، خوفاً من تلك الأجسام". يضيف أن "أطفال قرية بني ميمون في محافظة عمران على سبيل المثال عثروا على بعض الأجسام التي لم تنفجر بعد في إحدى المزارع. ولأنهم يجهلون ما هي، أخذوها إلى منازلهم".
أما في مدينة حجة (غرب)، فقد سبق وانفجر عدد من مخلفات الحرب التي كانت قد اندلعت خلال الأعوام الماضية ما بين جماعة الحوثي والقبائل، فنتج عن ذلك وفيات وجرحى أكثرهم من الأطفال.
إلى ذلك، أدى استهداف مخازن الأسلحة في المعسكرات الموجودة في مدن يمنية مختلفة من قبل مقاتلات التحالف العربي بقيادة السعودية، إلى تطاير أجسام قابلة للانفجار مثل الصواريخ وقذائف المدفعية والقنابل اليدوية وقذائف الهاون والذخائر الصغيرة وغيرها.
عبدالله الصعفاني من سكان منطقة أسفل جبل نقم في صنعاء الذي استُهدفت مخازن الأسلحة فيه أكثر من مرة، يؤكد لـ "العربي الجديد" أن "القذائف وكتلاً كثيرة لم تنفجر، وتناثرت في بعض الأحياء المجاورة. صحيح أن بعضها أزيل، إلا أن كثيرة هي التي ما زالت في مكانها". ويقول إن "عدداً كبيراً من الأهالي لا يملكون الوعي الكافي للتعامل مع هذه المواد، بل إن بعضهم يعتبرونها فرصة لكسب المال، فيجمعونها لبيعها".
إلى ذلك، يشكو كثيرون من أهالي مناطق عطان ونقم وشارع الأربعين في العاصمة صنعاء، من عدم حضور الجهات المعنية لمعاينة تلك المخلفات والذخائر غير المنفجرة ورفعها.
من جهته، كان مدير المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام العميد علي القادري قد أشار في تصريحات صحافيّة، إلى أن "المتضررين من الألغام ومخلفات الحروب في تزايد، مع استمرار الصراعات المسلحة التي تُستخدم فيها الألغام والعبوات الناسفة". وقال إن عدم استتباب الأمن في المناطق الملوثة بالألغام والمتفجرات يعدّ أبرز العوائق لوصول الفرق المكلفة نزعها.
إلى ذلك، يوضح الناطق الرسمي باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في اليمن، محمد الأسعدي، أن "الحرب التي يشهدها اليمن خلفت كثيراً من بقايا المتفجرات بالإضافة إلى أجسام غريبة قد تؤذي الأطفال، بحسب ما رصدته الفرق الميدانية التي تعمل لصالح اليونيسف، مثل الشظايا والقذائف غير المنفجرة والأجسام الغريبة كقطع الصواريخ وغيرها". يضيف لـ "العربي الجديد" إن ثمّة "ضحايا من الأطفال بسبب هذه المخلفات التي يصطدمون بها وهم يبحثون عن أشيائهم بين الأنقاض أو مرورهم بالقرب منها وملامستها ومحاولة العبث بها وأحياناً الاحتفاظ بها".
ويلفت الأسعدي إلى أن "اليونيسف تنفذ حملات مع الشركاء سواء أكانوا من الجانب الحكومي أو من منظمات المجتمع المدني المحلية أو الدولية، تهدف إلى توعية أولياء الأمور والأطفال حول مخاطر العبث بالقذائف غير المنفجرة أو ملامستها". ويوضح أن المنظمة "نفذت حلقات دعم نفسي واجتماعي للنازحين". وبسبب تعطّل وسائل الإعلام في المناطق الجنوبية خصوصاً، أتت التوعية في المساجد، كذلك "فُعّلت خطوط ساخنة في صنعاء للمناطق الشمالية وفي عدن للمناطق الجنوبية، بالتنسيق مع البرنامج الوطني لنزع الألغام".
اقرأ أيضاً: مسنّو اليمن تحت القصف