احتلّت الأخبار القادمة من مدينة نيس الساحلية صفحات الجرائد الفرنسية، فالأحداث المتعلّقة بانتهاك المدارس وتخريبها في المدينة شكّلت صدمة في الوسط الفرنسي، خاصّة أنّ المدينة المعنية تمتاز بمستوى رفيع من الأمن والهدوء، ما جعلها المقصد الرئيسي للسيّاح في فصل الصيف.
أربع مدارس تعرّضت للسرقة والتخريب في محافظة الألب-ماريتيم (Alpes-Maritimes)، ثلاث منها في مدينة نيس (Nice) وواحدة في القضاء المحاذي للمدينة تحديداً في أحد أحياء سان-لوران-دو-ڤار (Saint-Laurent-du-Var)، في سابقة هي الأولى من نوعها، تتزامن مع التحضير لبدء العام الدراسي في الأول من شهر أيلول/سبتمبر.
التحقيقات التي بدأت صباح أمس لا زالت مستمرّة، وكانت المتحدّثة باسم شرطة المحافظة قد أدلت بتصريح لجريدة لو فيغارو، عبّرت فيه عن الجديّة التي تتخذها التحقيقات، وقالت "إننا نأخذ هذه الاعتداءات بشكل جدّي، الشرطة العلمية تشرف على سير التحقيقات والفاعلون سيتعرضون للقصاص".
في تصريح لصحيفة Nice-matin المحليّة وصف رئيس بلدية نيس كريستيان استروزي هذه الأعمال بالمشينة، وأضاف: "منذ ثمانية أشهر تعرّضت إحدى المدارس للتخريب على يد مراهقين بين الـ 14 و 16 عاماً، طُردوا من مدارسهم، لكن التحقيقات لم تذهب حتى اللحظة لتؤكد ما إذا كان هنالك علاقة بين الحدثين".
تصريحات رئيس البلدية أشعلت غضب منافسه الاشتراكي، المستشار البلدي المعارض باتريك ألمان الذي اتهّم إدارة المدينة بالتقصير، وقال ألمان: "6 مدارس تعرّضت للتخريب منذ بداية العام 2015 في ظلّ إهمال البلدية لموضوع أجهزة المراقبة وتشديد الحراسة ووضع برنامج أمني محلّي يحمي المؤسسات العامة في المدينة". لم تمضِ دقائق على تصريحات ألمان حتى ردّ أستروزي، رئيس البلدية الحالي، متّهماً ألمان بالتصويت ضد مشروع تنصيب كاميرات-مراقبة كان لها الدور الكبير في الكشف عن أعمال تخريبية تعرّضت لها مدرسة محلية في الربيع الماضي.
أما الصوت الرسمي فقد عبّر عنه اريك سيوتي، نائب المدينة عن حزب الجمهوريين (حزب الرئيس السابق نيكولا ساركوزي) الذي دعا إلى "تشديد العقوبات ضد الفاعلين لأن ذلك يعتبر جرماً ضد مؤسسات عامة هدفها تربوي وتعليمي بحت". بدورها قالت وزيرة التربية الوطنية نجاة بلقاسم "هذه الاعتداءات بحق صروح أكاديمية تعتبر مراكز للعيش المشترك والمعرفة والتنشئة المدنية، لن تمرّ مرور الكرام".
على أنّ تسليط الضوء على تلك الظاهرة التي بدأت تنتشر في فرنسا في الآونة الأخيرة، شهدت اهتماماً إعلامياً، خاصةً من الإعلام الرسمي، فقد عرضت BFM Tv تقريراً مساء أمس أجرت فيه مقابلات مع رئيس البلدية ومع مستشارين تربويين دعوا إلى إيلاء القضية أهمية لا تقل شأناً عن التهديدات الأمنية التي تتعرّض لها البلاد. في حين علّقت معظم الصحف المكتوبة بشكل مقتضب على الخبر باستشناء لوفيغارو ولوموند اللتين نشرتا تحقيقات عن تاريخ الظاهرة في مدينة نيس، محاولتين البحث عن الأسباب التي أدّت إليها.
اقرأ أيضاً: السعودية تُقونن الصحافة الإلكترونيّة