يوم السبت 21 سبتمبر/ أيلول الجاري يبدأ رسمياً العام الدراسي الجديد في عدد من المحافظات المصرية، في حين أنّ مدارس كثيرة تبدو غير مستعدة لاستقبال التلاميذ بطريقة لائقة تضمن لهم عملية تعليمية ملائمة.
قبل أيام من انطلاق العام الدراسي الجديد في مصر، تعاني مئات المدارس في مختلف المحافظات مشكلات تتكرر سنوياً، لعلّ أبرزها وأخطرها قلّة عدد مدرّسي مختلف المواد، والفشل في التعاقد مع مدرّسين جدد مثلما حدث في خلال الفصل الثاني من العام الدراسي الماضي، بالإضافة إلى أنّ مدارس كثيرة في حاجة إلى صيانة لم تُنفّذ على الرغم من الإجازة الصيفية التي استمرّت نحو أربعة أشهر.
وكما في كل عام، تبدو مدارس عدّة أشبه بمبانٍ متهالكة قد تسقط أسقفها على رؤوس التلاميذ والمدرّسين والإداريين. أخرى تفتقر إلى نوافذ وأسوار، أو دورات المياه فيها لا تصلح للاستخدام البشري. وثمّة غرف صفوف في بعض المدارس مقاعد تلاميذها في حالة متردية، فيما تحاصر أكوام النفايات مدارس أخرى فتشكّل مصدراً لأمراض مختلفة، لا سيّما مع انتشار الحشرات والقوارض وانبعاث الروائح الكريهة.
وقد حذّر مديرو المدارس في المحافظات الأجهزة المعنية من خطورة استقبال التلاميذ في عدد من المدارس في خلال العام الدراسي الجديد، فيما رفع بعضهم المسؤولية عن أنفسهم في ما يتعلّق بتدهور البنى التحتية للمدارس وعدم قدرتها على استيعاب الطلاب، من خلال خطابات رسمية أُرسلت إلى وكلاء الوزارات في كل محافظة وإلى محافظ الإقليم كذلك. وتتضمّن تلك الخطابات شرحاً لما تعانيه كلّ مدرسة على حدة، بالإضافة إلى تحذيرات أبرزها أنّ ثمّة أسقف مبانٍ خطرة على التلاميذ لأنّها متهالكة ومعرّضة للانهيار في أثناء هطول الأمطار في موسم الشتاء المقبل. وفي السياق، طالب عدد من مديري المدارس بصيانة شاملة لدورات المياه والأرضيات وشبكات الصرف الصحي، بالإضافة إلى حلّ مشكلة "التابلت" عبر توفير شبكات الإنترنت السريع للمدارس وغير ذلك. ويشير أحد مديري المدارس لـ"العربي الجديد" إلى أنّ ردّ أحد المسؤولين كان "أعمل بما هو متاح فقط ولا داعي للشوشرة والبلبلة".
من جهتهم، توجّه أعضاء من مجلس النواب المصري إلى وزارة التربية والتعليم، مشددين على ضرورة الاستعداد الجيّد للعام الدراسي الجديد. وقد أكّد عضو لجنة التعليم والبحث العلمي النائب عبد الرحمن برعي أنّ ثمّة نقاطاً كثيرة تحتاج إلى توضيح من قبل وزارة التربية والتعليم، خصوصاً آليات تطبيق المنظومة الجديدة وتعديل قانون الثانوية العامة في ما يخص تطبيق النظام التراكمي للامتحانات، موضحاً أنّ اللجنة سوف تتابع مع الوزارة آخر المستجدات المتعلقة بالمباني المدرسية وتطوير المدارس وتقليل كثافة الفصول، بالإضافة إلى مصير قانون التعليم الخاص واستعدادات الوزارة لتلافي المشكلات التي واجهت نظام التابلت في العام الماضي وتطوير البنية الإلكترونية للمدارس. كذلك تقدّم عضو مجلس النواب النائب أحمد أبو خليل بطلب إحاطة إلى وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي حول استعدادات وزارته للعام الدراسي الجديد، مبيّناً أنّ مئات المدارس في مختلف محافظات مصر آيلة للسقوط في أيّ وقت وتحتاج بالتالي إلى أعمال صيانة حتى لا تقع كارثة ويُفاجأ الجميع بسقوطها على رؤوس التلاميذ، مشدداً على أنّ تلك المدارس تمثّل خطراً كبيراً على حياة هؤلاء.
في السياق، تُسجَّل حالة قلق بين أولياء الأمور قبيل العام الدراسي الجديد، نتيجة سوء أحوال مدارس كثيرة في محافظات مختلفة وصعوبة الوصول إلى عدد منها نتيجة عدم توفّر طرقات الآمنة، إمّا بسبب تهالكها وإمّا لبُعد المدارس عن البيوت بالمناطق النائية. كلّ ذلك يزيد من أعباء المواطنين وهمومهم، فيشكون من ذلك الواقع. ويحمّل عبد الحكيم علي، وهو عضو مجلس الآباء في إحدى المدارس، "وزارة التربية والتعليم والمحافظين مسؤولية تدهور أحوال المدارس وعدم صيانتها وتحديثها، باستثناء عدد قليل منها"، موضحاً لـ"العربي الجديد" أنّ "ثمّة مدارس تحتاج إلى تدخُّل وإلى اتخاذ قرارات سريعة لإيحاد الحلول المناسبة للمشكلات". ويتحدّث علي عن "مشكلة الصرف الصحي في محافظات الصعيد خصوصاً، فهناك ثمّة مدارس تغرق في المياه الآسنة"، مضيفاً أنّ "مدارس عدّة مهددة بانهيار مبانيها على رؤوس التلاميذ والعاملين بها، بالإضافة إلى العجز في عدد المدرّسين الذي لم يجد المعنيون حلاً له بعد". أمّا عبد الناصر سيد، وهو من أولياء الأمور، فيقول لـ"العربي الجديد" إنّ "مدارس جنوب محافظة القاهرة، خصوصاً منطقتَي دار السلام والبساتين، تحيط بها أكوام من النفايات على الرغم من اقتراب موعد بداية العام الدراسي. وتغيب كلياً عمليات التنظيف ورفع المخلفات، الأمر الذي يمثّل خطراً على تلاميذ المدارس". يضيف سيد أنّ "محيط عشرات من المدارس تحوّل إلى مواقف لسيارات الأجرة أو مرائب للسيارات الخاصة أو أسواق رغم أنف رؤساء الأحياء".
من جهته، يؤكد أحمد إبراهيم، وهو مسؤول في إحدى مدارس محافظة الجيزة، لـ"العربي الجديد"، أنّه "على الرغم من اقتراب موعد انطلاق العام الدراسي الجديد، فإنّ مدارس كثيرة تشكو من غياب الخدمات فيها. فأبنيتها ضيّقة على سبيل المثال، ودورات المياه فيها لا تكفي التلاميذ، بالإضافة إلى عدم وجود فناء مدرسي للرياضة. كذلك ثمّة مدارس من دون أسوار، الأمر الذي يجعل التلاميذ عرضة لتهديدات الكلاب الضالة أو انتهاكات أخرى بما أنّ حرمها مفتوح". ويطالب إبراهيم بـ"تدخّل مسؤولي الوزارة لإنقاذ أبنائهم من تهالك المباني، خصوصاً أنّ ثمّة أولياء أمور يمتنعون عن إرسال أولادهم إلى المدراس خوفاً على حياتهم، من جرّاء احتمال انهيار تلك المباني. وأولياء أمور آخرون يخشون على أولادهم من الحشرات والثعابين في بعض المدارس". وفي هذا الإطار يشكو ناصر السيد، أحد أولياء الأمور في إحدى محافظات الصعيد، لـ"العربي الجديد" من "قرب مدارس عدّة من الأراضي الزراعية فيما شُيّد بعضها في مناطق جبلية، وهذا أمر يؤدّي إلى انتشار الثعابين والعقارب والحشرات المختلفة في أرجائها. فهي تتسلل عبر الأسوار المتصدّعة، علماً أنّ ثمّة تصدّعات كذلك في الجدران الداخلية لعدد من المدارس في محافظات الصعيد".