كبيرة هي المسؤوليّة الملقاة على عاتق مدرّسي بريطانيا اليوم، هؤلاء الذين لم يتوقّفوا عن الالتحاق بعملهم، وإن اختلفت طبيعته بعض الشيء، في خلال أزمة كورونا الأخيرة التي تتخبّط بها البلاد، كما العالم كلّه
لا يتعامل المدرّسون مع المرضى مباشرةً، ولا يصنَّفون من أولئك الذين يواجهون فيروس كورونا الجديد في الصفوف الأمامية، بيد أنّهم يضعون أنفسهم وعائلاتهم في خطر حين يتعاملون مع أطفال أولئك العاملين الأساسيين في البلاد الذين قد يلتقطون العدوى وينقلونها إلى أبنائهم. هم أشبه بالجندي المجهول الذي يخدم بصمت من دون أن تُسلَّط أضواء الإعلام عليه، علماً أنّ لولاهم لما استطاع الأهالي الاستمرار في تقديم خدماتهم.
في العشرين من مارس/ آذار الماضي، أغلقت مدارس بريطانيا أبوابها بناءً على قرار من الحكومة للمساهمة في الحدّ من انتشار الفيروس، غير أنّ القرار لم يشمل جميع التلاميذ، واستمرّ المدرّسون، بمعظمهم، وأبناء العاملين في الوظائف الأساسية في البلاد بالذهاب إلى المدارس. ونشرت الحكومة قائمة بهؤلاء الذين رأت أنّهم يؤدّون دوراً حاسماً في مكافحة فيروس كورونا، من أمثال العاملين في الخدمات الصحية الوطنية وموظفي السوبرماركت وسائقي خدمات التوصيل وعاملي النظافة في المستشفيات وغيرهم.
اقــرأ أيضاً
تجدر الإشارة إلى أنّ ثمّة مدرّسين لم يتمكّنوا من المضيّ قدماً في تأدية مهماتهم في المدارس، بعدما نصحت الحكومة الحوامل والذين يعانون أوضاعاً صحية دقيقة باتّباع المبادئ التوجيهية الخاصة بالتباعد الاجتماعي. كذلك تخلّف عن الحضور مدرّسون آخرون، إمّا بسبب انهماكهم في رعاية أطفالهم أو أهلهم، وإمّا لأنّهم عزلوا أنفسهم على خلفيّة معاناتهم هم أو أشخاص آخرين في أسرهم من أعراض محتملة أو شبيهة بأعراض مرض كوفيد - 19 الذي يسبّبه فيروس كورونا. وبقي السؤال: ما الذي تقدّمه المدارس لأبناء العاملين الأساسيين الذين تستمرّ في استقبالهم دون سواهم، فيما يلازم زملاؤهم منازلهم في ظلّ الوباء؟
ولا يبدو الأمر سهلاً بالنسبة إلى الأطفال، وأيضاً المدرّسين، إذ تشير ديانا إلى أنّ "الشعور بالخوف يتملّكنا كلّما حضرنا إلى المدرسة". وديانا (36 عاماً) مدرّسة فضّلت عدم الكشف عن هويتها كاملة، شارحة لـ"العربي الجديد" أنّ السبب إبلاغ المديرة لها أنّهم يتّبعون قانون اللائحة العامة لحماية البيانات. وتضيف: "نتناوب على العمل بواقع يومَين في الأسبوع لكلّ مدرّس، ثمّ نحصل على إجازة لثمانية أيام"، لافتة إلى أنّهم ومسؤولي الأقسام ينظّفون مكان عملهم في ظلّ غياب عاملي النظافة الذين يعجزون عن الحضور إلى المدرسة لظروف خاصة.
وتعبّر ديانا عن "الحزن الذي أشعر به حين ألاحظ التوتّر والخوف على وجوه الأطفال بسبب قلقهم على أهاليهم. من هؤلاء، تلميذ تعمل والدته في قسم لرعاية كبار السنّ يموت فيه شخص كلّ يوم تقريباً، علماً أنّ سبب الوفاة قد يكون بسبب التقدّم في العمر أو أيّ مرض آخر غير كوفيد - 19. لكنّ الصورة تبقى غامضة بالنسبة إلى هؤلاء الصغار الذي يظنّون أنّ أهلهم قد يلتقطون العدوى".
وتوضح ديانا: "نحاول إشغال التلاميذ بأنشطة ترفيهية من قبيل العمل في الحديقة أو ممارسة التمارين الرياضية أو تحفيزهم على القيام بأعمال فنية. أمّا الدروس فمعلّقة، لأنّنا - بحسب المفترض - في إجازة الربيع، فيما التلاميذ بمعظمهم في منازلهم. على الرغم من ذلك، لا أستطيع القول إنّ الأطفال يستمتعون في الواقع، في ظلّ هذه الأجواء غير الطبيعية". وتتابع: "نحن نتّخذ الاحتياطات اللازمة لحماية التلاميذ وأنفسنا من التقاط فيروس كورونا، فنلتزم مسافة البعد المفروضة فيما بيننا، ونعقّم أيديهم فور وصولنا إلى المدرسة. كذلك، نستخدم قاعة كبيرة واحدة، لا غرف الصفوف، لأنّنا بحاجة إلى مساحة شاسعة، فيما المسافة التي تفصل ما بين مقاعد التلاميذ تزيد على مترَين. أمّا نحن المدرّسين، فلا نقترب منهم لشرح أيّ شيء، بل نقوم بذلك من بعد".
وتؤكّد: "نعقّم كلّ شيء في المكان، بما في ذلك الطاولات ومقابض الأبواب يومياً، فنحن ندرك حجم المسؤولية والمخاطر". وتشير إلى أنّه "إذا شعر أيٌّ منّا بأعراض، من قبيل التعب أو السعال والعطس، حتى لو كانت أعراض حساسية موسمية مع حلول فصل الربيع، يتوقّف مباشرة عن المجيء إلى المدرسة ويعزل نفسه لمدّة سبعة أيام للتأكّد من أنّه على ما يرام. والأمر ذاته ينطبق على التلاميذ، يعني أنّ المدرسة تقوم بكل ما يمكن لحماية الجميع".
وتكمل ديانا: "أنا شخصياً أشعر بالحزن حين أنظر إلى مدرسة كبيرة من دون التلاميذ وضحكاتهم وبراءتهم ومشاغباتهم التي تثير جنوننا أحياناً. غياب معظم التلاميذ يناقض الطبيعة". وتشدّد قائلةً: "نحن اليوم ندرك واجبنا ومسؤوليتنا، ونعلم أنّنا جزء من هذا المجتمع، ونقوم بالمطلوب منّا، لأنّه من دون الخدمات التي يقدّمها أهالي هؤلاء الصغار، من ممرّضين أو عاملي نظافة أو باعة سوبرماركت أو أشخاص يوفّرون خدمة توصيل الطعام أو عناصر شرطة، فإنّنا لن نكون بأمان. بالتالي، على الرغم من الشعور بالخوف والقلق، فإنّنا سعداء لأنّنا نحمل جزءاً من المسؤولية في خلال هذه الأزمة الوطنية، لا بل العالمية".
في العشرين من مارس/ آذار الماضي، أغلقت مدارس بريطانيا أبوابها بناءً على قرار من الحكومة للمساهمة في الحدّ من انتشار الفيروس، غير أنّ القرار لم يشمل جميع التلاميذ، واستمرّ المدرّسون، بمعظمهم، وأبناء العاملين في الوظائف الأساسية في البلاد بالذهاب إلى المدارس. ونشرت الحكومة قائمة بهؤلاء الذين رأت أنّهم يؤدّون دوراً حاسماً في مكافحة فيروس كورونا، من أمثال العاملين في الخدمات الصحية الوطنية وموظفي السوبرماركت وسائقي خدمات التوصيل وعاملي النظافة في المستشفيات وغيرهم.
تجدر الإشارة إلى أنّ ثمّة مدرّسين لم يتمكّنوا من المضيّ قدماً في تأدية مهماتهم في المدارس، بعدما نصحت الحكومة الحوامل والذين يعانون أوضاعاً صحية دقيقة باتّباع المبادئ التوجيهية الخاصة بالتباعد الاجتماعي. كذلك تخلّف عن الحضور مدرّسون آخرون، إمّا بسبب انهماكهم في رعاية أطفالهم أو أهلهم، وإمّا لأنّهم عزلوا أنفسهم على خلفيّة معاناتهم هم أو أشخاص آخرين في أسرهم من أعراض محتملة أو شبيهة بأعراض مرض كوفيد - 19 الذي يسبّبه فيروس كورونا. وبقي السؤال: ما الذي تقدّمه المدارس لأبناء العاملين الأساسيين الذين تستمرّ في استقبالهم دون سواهم، فيما يلازم زملاؤهم منازلهم في ظلّ الوباء؟
ولا يبدو الأمر سهلاً بالنسبة إلى الأطفال، وأيضاً المدرّسين، إذ تشير ديانا إلى أنّ "الشعور بالخوف يتملّكنا كلّما حضرنا إلى المدرسة". وديانا (36 عاماً) مدرّسة فضّلت عدم الكشف عن هويتها كاملة، شارحة لـ"العربي الجديد" أنّ السبب إبلاغ المديرة لها أنّهم يتّبعون قانون اللائحة العامة لحماية البيانات. وتضيف: "نتناوب على العمل بواقع يومَين في الأسبوع لكلّ مدرّس، ثمّ نحصل على إجازة لثمانية أيام"، لافتة إلى أنّهم ومسؤولي الأقسام ينظّفون مكان عملهم في ظلّ غياب عاملي النظافة الذين يعجزون عن الحضور إلى المدرسة لظروف خاصة.
وتعبّر ديانا عن "الحزن الذي أشعر به حين ألاحظ التوتّر والخوف على وجوه الأطفال بسبب قلقهم على أهاليهم. من هؤلاء، تلميذ تعمل والدته في قسم لرعاية كبار السنّ يموت فيه شخص كلّ يوم تقريباً، علماً أنّ سبب الوفاة قد يكون بسبب التقدّم في العمر أو أيّ مرض آخر غير كوفيد - 19. لكنّ الصورة تبقى غامضة بالنسبة إلى هؤلاء الصغار الذي يظنّون أنّ أهلهم قد يلتقطون العدوى".
وتوضح ديانا: "نحاول إشغال التلاميذ بأنشطة ترفيهية من قبيل العمل في الحديقة أو ممارسة التمارين الرياضية أو تحفيزهم على القيام بأعمال فنية. أمّا الدروس فمعلّقة، لأنّنا - بحسب المفترض - في إجازة الربيع، فيما التلاميذ بمعظمهم في منازلهم. على الرغم من ذلك، لا أستطيع القول إنّ الأطفال يستمتعون في الواقع، في ظلّ هذه الأجواء غير الطبيعية". وتتابع: "نحن نتّخذ الاحتياطات اللازمة لحماية التلاميذ وأنفسنا من التقاط فيروس كورونا، فنلتزم مسافة البعد المفروضة فيما بيننا، ونعقّم أيديهم فور وصولنا إلى المدرسة. كذلك، نستخدم قاعة كبيرة واحدة، لا غرف الصفوف، لأنّنا بحاجة إلى مساحة شاسعة، فيما المسافة التي تفصل ما بين مقاعد التلاميذ تزيد على مترَين. أمّا نحن المدرّسين، فلا نقترب منهم لشرح أيّ شيء، بل نقوم بذلك من بعد".
وتؤكّد: "نعقّم كلّ شيء في المكان، بما في ذلك الطاولات ومقابض الأبواب يومياً، فنحن ندرك حجم المسؤولية والمخاطر". وتشير إلى أنّه "إذا شعر أيٌّ منّا بأعراض، من قبيل التعب أو السعال والعطس، حتى لو كانت أعراض حساسية موسمية مع حلول فصل الربيع، يتوقّف مباشرة عن المجيء إلى المدرسة ويعزل نفسه لمدّة سبعة أيام للتأكّد من أنّه على ما يرام. والأمر ذاته ينطبق على التلاميذ، يعني أنّ المدرسة تقوم بكل ما يمكن لحماية الجميع".
وتكمل ديانا: "أنا شخصياً أشعر بالحزن حين أنظر إلى مدرسة كبيرة من دون التلاميذ وضحكاتهم وبراءتهم ومشاغباتهم التي تثير جنوننا أحياناً. غياب معظم التلاميذ يناقض الطبيعة". وتشدّد قائلةً: "نحن اليوم ندرك واجبنا ومسؤوليتنا، ونعلم أنّنا جزء من هذا المجتمع، ونقوم بالمطلوب منّا، لأنّه من دون الخدمات التي يقدّمها أهالي هؤلاء الصغار، من ممرّضين أو عاملي نظافة أو باعة سوبرماركت أو أشخاص يوفّرون خدمة توصيل الطعام أو عناصر شرطة، فإنّنا لن نكون بأمان. بالتالي، على الرغم من الشعور بالخوف والقلق، فإنّنا سعداء لأنّنا نحمل جزءاً من المسؤولية في خلال هذه الأزمة الوطنية، لا بل العالمية".