أثناء تنفيذ أعمال الحفريات في بلدة بيت رأس، شمال مدينة إربد الشمالية، لأغراض مشروع صرف صحي، في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2016، وقع انهيار في شارع رئيسي، ليكشف عن مدفن يعود للعصر الروماني، ما بين القرنين الأول والثالث الميلاديين.
جذب المدفن الفريد من نوعه على مستوى الأردن، والذي ينافس في جماله زخرفه المدافن الرومانية على مستوى العالم، اهتمام وزارة السياحة والآثار الأردنية وخبراء آثار غربيين، كما أحيا آمال سكان البلدة بالحصول على مكانة على الخرائط السياحية.
وأعلنت دائرة الآثار العامة في الأردن النتائج الأولية لمشروع مدفن بيت رأس الأثري، المغلق أمام الزوار بسبب تواصل أعمال التنقيب، أمس الثلاثاء.
ووصف مدير دائرة الآثار، منذر جمحاوي، المدفن بأنه "من أجمل المدافن التي عثر عليها في الأردن، وربما من أجمل المدافن الرومانية في العالم".
(دائرة الآثار العامة في الأردن)
جمال أرجعه جمحاوي إلى الرسومات والزخارف التي احتواها المدفن، وبيّن أنه "لم تكن الرسومات والزخارف سائدة في المدافن الرومانية في الأردن، ما يجعل الاكتشاف على درجة عالية من الندرة، كما أن روعة رسوماته وزخارفه ونجاتها من العبث تؤهله ليكون فريداً بين المدافن الرومانية".
وسجل خبراء الآثار على جدار المدفن 71 نقشاً مكتوباً بأحرف يونانية تحمل بعضها معلومات عن صاحب المدفن الذي لا تزال هويته مجهولة.
ويوفر المدفن "فرصة للباحثين لمزيد من الفهم للحقبة الرومانية"، وفق ما صرح جمحاوي الذي رأى في المدفن مقدمة لمزيد من الاكتشافات الأثرية في البلدة، وكذلك مقدمة لوضع البلدة على الخارطة السياحية.
أما وزيرة السياحة والآثار، لينا عناب، فأكدت خلال حفل إعلان النتائج الأولية، أن "إنجاز المرحلة الأولى من مشروع مدفن بيت رأس له أهمية، لما لهذا الاكتشاف الأثري من دور حيوي في تعزيز المصفوفة الأثرية على المستويين: الوطني ومدن الديكابوليس العشر التي تعد مدينة بيت رأس إحدى مدنها".
وتعهدت عناب بالاهتمام بالبلدة، وأكدت أنها "ستكون في صلب أولويات الوزارة وجهودها لتطوير المعالم والمرافق الأثرية فيها والبنية التحتية الضرورية لجعلها نقطة جذب سياحي".
وفتح الاهتمام الكبير باكتشاف المدفن شهية سكان البلدة المتشوقين لوضع بلدتهم على خارطة السياحة الأردنية، لكنها شهية يحد منها خوفُ أن يكون مصير الكشف الأثري إلى الإهمال، كما حدث مع ما سبقه من اكتشافات.
إذ اكتشف الكثير من المواقع الأثرية في البلدة، منها مدرج روماني هو الأكبر في الأردن، وبركة مياه عملاقة، ونفق لجر المياه طوله 900 متر، إضافة إلى بقايا السوق الأثري، المعبد والعديد من الكنائس، فيما يعتقد السكان أن غالبية الآثار لا تزال تحت الأرض.
وقال أحد سكان بيت رأس، مشرف الطعاني: "نأمل أن تكون الوعود هذه المرة صادقة، لو صدقت ووضعت البلدة على الخارطة السياحية وأصبحت مقصداً للسياح ستتوفر العديد من فرص العمل للشباب وكذلك سيتشجع السكان على إقامة المشاريع".
ورأى الطعاني، وهو معلم متقاعد، أن القرية تعاني من التهميش، ويبين "لم تشهد البلدة تنمية حقيقية، الآثار مهملة من دون ترميم أو تسويق. وقعت اعتداءات على الكثير منها. هذه فرصة مناسبة لإنقاذ القرية من الفقر والبطالة، عبر الاستفادة من الكنز الأثري ليكون مدخلاً للتنمية".
ويبلغ عدد سكان القرية 55 ألف نسمة، بينما تشير تقديرات غير رسمية إلى تجاوز البطالة نسبة الـ35 في المائة.