اتجه عدد من المدن الليبية إلى تصعيد حالة الطوارئ، عبر غلق منافذها الرئيسية وحظر تجول شامل في نطاقها، لمجابهة تفشي وباء كورونا الذي بدأ بالظهور في البلاد منذ أسبوعين.
يأتي ذلك في وقت لم تعلن حكومة الوفاق عن تصعيد جديد، مكتفية بعدد من الإجراءات من بينها غلق المدارس والمساجد والأسواق الشعبية والتجمعات، بالإضافة لفرض حظر تجول يبدأ من الساعة 2 ظهراً من كل يوم وحتى صباح اليوم التالي.
وأعلن المركز الوطني لمكافحة الأمراض (حكومي) عن خلو تسع عينات جديدة من الفيروس، مؤكدا أن البلاد لا تزال تحتضن ثماني حالات فقط.
وحول آخر مستجدات استعدادات الحكومة لمواجهة تفشي المرض في البلاد، أكدت وزارة الصحة بالحكومة، اليوم الثلاثاء، أنها جهزت مبنى مكوناً من أربعة طوابق بجانب المبنى الرئيسي لمستشفى العيون بالعاصمة طرابلس كمقر من مقرات العزل الصحي للمصابين بكورونا، مشيرة إلى أن المبنى يضم 50 سريرا، منها 16 للعناية الفائقة.
لكن الطبيب الليبي رمزي أبوستة، عضو أحد فرق الطوارئ التابعة للحكومة، أكد أن إجراءات الحكومة لا تتناسب مع حجم الخطر، متسائلا "إذا كان هذا المبنى لا يكفي لمدينة فلمن سنترك بعض مدن البلاد؟".
وأضاف متحدثاً لـ"العربي الجديد"، أن "أفضل الحلول هو تطبيق قانون الإدارة المحلية وتفويض البلديات بجميع صلاحيات الطوارئ وتسييل الميزانيات".
لكن العديد من البلديات عبرت في بيانات متتالية عن قلقها البالغ من عدم تجاوب الحكومة مع مطالبها بشأن سرعة توفير الإمكانيات الصحية لمواجهة الوباء في حال تفشيه، وخاطبت بلدية طرابلس، أمس الإثنين مواطنيها، بأنها لم تستلم أي دعم مادي متعلق بميزانية الطوارئ التي تم الإعلان عنها من قبل حكومة الوفاق منذ أسبوعين لمواجهة تباعات انتشار الفيروس.
وأكدت البلدية، أن الخدمات التي تقدمها للمواطنين هذه الفترة، تستند إلى ما يقدمه المتبرعون والمتطوعون في إطار تعاون مشترك بخطة تعتمد بشكل كبير على المجهود الذاتي، مشيرة إلى أن خطابها لمواطنيها يأتي ضمن مسؤوليتها لتوضيح مجريات الأحداث والتطورات في ملف الوباء المستجد.
ويبدو أن هذه الأسباب حدت بالعديد من المدن إلى تجاوز إجراءات الحكومة وبدء خطوات لتصعيد حالة الطوارئ كفرض حظر التجول الشامل على ساكنيها، أو غلق منافذها ومنع المرور منها.
وأعلنت بلدية سبها، جنوب البلاد، غلق جميع منافذ المدينة بشكل تام، بدءا من اليوم الثلاثاء، مطالبة المواطنين بضرورة التقيد بالقرار لمنع وصول الفيروس المتفشي ببعض المدن الأخرى.
واستثنيت من القرار شاحنات المواد الغذائية وسيارات الوقود التي تدخل من منافذ المدينة الشمالية، أو التي تخرج منها إلى مدن الجنوب كأوباري ومرزق وغات والقطرون لتزويدها بالمؤن والوقود.
مصراته: الرقم الأكبر بالإصابات
لكن أبرز المدن الليبية التي أصابها فيروس كورونا هي مصراته، صاحبة الرقم الأعلى بين المصابين بالوباء حيث أصيب 6 من مواطنيها بالفيروس من أصل ثمانية في مجمل أنحاء البلاد، حيث قررت بلدية المدينة غلق منافذ المدينة بشكل نهائي ومنع المرور من خلالها، باستثناء حركة المسلحين الذين يشاركون في عمليات القتال جنوب طرابلس أو باتجاه سرت.
كما فرضت بلدية المدينة حظر تجول شاملا على ساكنيها، بناء على توصيات "اللجنة العليا لإدارة الأزمة والاستجابة لمجابهة فيروس كورونا بالبلدية"، بحسب بيان البلدية مساء أمس الإثنين.
وأوضح البيان أن القرار جاء "بعد تأكيد وجود حالات إصابة بالفيروس داخل نطاق البلدية والعديد من حالات الاشتباه"، لافتا إلى أن نسبة المخالطة للمصابين والمشتبه بهم عالية، ما استوجب اتخاذ أكبر قدر من الإجراءات الاحترازية لمنع الاختلاط ووقف تفشي الوباء لضمان السلامة العامة خلال فترة انتشاره ونشاطه".
وبينما أكد بيان البلدية أنه "دون تطبيق فرض الحظر التام لا تمكن السيطرة على انتشار الفيروس، في ظل ضعف البنية التحتية لقطاع الصحة"، اتجهت جهود البلدية إلى إشراك أطباء من المدينة في دورات تدريبية يجريها عدد من الدول الداعمة لليبيا، مثل الصين، للتعرف على كيفية التعامل مع المصابين بالوباء.
وفي ذات السياق، قدمت غرفة الطوارئ بمديرية أمن مدينة مسلاته (100) كم شرق طرابلس، خطة أمنية يُفرض بموجبها حظر تجول شامل على ساكني المدينة، بالإضافة لغلق منافذها.
وبحسب تصريحات لمسؤولي الغرفة، فإن ضباطاً كلفوا بتطبيق الخطة لمتابعة ما يستجد من أحداث في ما يتعلق بمنع تفشي الفيروس بالمدينة، مؤكدة أن أهم التدابير في هذا الشأن حظر التجول الشامل داخل المدينة وتسيير دوريات أمنية داخل المدينة لفرض القرار.
من جانبها، أقامت مدينة غدامس، الحدودية مع الجزائر، نقاط حراسة وتفعيل نقاط التمركز في منافذها الرئيسية للكشف الصحي على ساكني المدينة العائدين من خارجها.
وكانت البلدية قد قررت غلق منافذ المدينة الرئيسية خوفا من تفشي الوباء فيها، لا سيما وأنها تقع على الحدود الجزائرية مع ليبيا، وسط مطالبات عديدة وجهتها لسلطات البلاد بضرورة توفير أجهزة الكشف والمراقبة على المنفذ الحدودي مع الجزائر.
وكانت بلدية بني وليد (180) كم جنوب شرقي طرابلس، أولى المدن الليبية التي بادرت بالإعلان عن إجراءات احترازية فردية، على رأسها عزل المدينة عن محيطها بغلق الممرات الفرعية والمنافذ الرئيسية، منذ الأسبوع الماضي.
وقالت لجنة الطوارئ بالمدينة، والتي تشكلت من حراك اجتماعي قبلي، إن القرار جاء للوقاية من تسرب الفيروس للمدينة، مشددة على أن إجراءات الطوارئ تفرض على جميع المراكز الصحية والعناصر الطبية والأجهزة الأمنية والعسكرية العمل على مدى 24 ساعة، والتزام المواطنين بالتعليمات لتجنب الإصابة بالفيروس.