كانت كرانيس مدينةً عامرة بالحياة والنشاط منذ أن أنشأها بطليموس الثاني، في القرن الثالث قبل الميلاد، قبل أن تتدهور أحوالها فى نهاية القرن الثالث الميلادي، لتعالي الحكومة، وازدياد الضرائب، وتدهور الأخلاق، واضطهاد الشعب. ثم نهايتها تماماً بسبب الجفاف في القرن الخامس.
تقع كرانيس في منطقة كوم أوشيم، شمال شرقي الفيوم، على طريق القاهرة الفيوم الصحراوي، حيث كانت هذه المنطقة في تلك الأزمنة، محطّ اهتمام كبير من البطالمة لخصوبتها. إذ كانت تستقي الماء اللازم لها من بحيرة قارون الواسعة، قبل أن ينحسِر ماؤها، وتتحوَّل إلى صحراء.
يأتي ذكر المدينة في البرديات القديمة اللاتينية واليونانية، بوصفها مركزاً للمحاربين القدامى، ثمّ مكاناً مناسباً لتوطين الجنود في زمن أغسطس، الذي أعاد بناءها وإعمارها لأغراض عسكرية، وبعث العمال لتنظِيف القنوات المائيّة، وإعادة بناء السدود التي تهدّمت، لاسترداد الطاقة الإنتاجية للمنطقة، فتمدَّدت المدينة نحو الشمال واتّسعت شيئاً ما.
وكان من إنجازات أغسطس بناء معبد على الطراز الروماني على أطلال المعبد القديم في القرن الأول قبل الميلاد، ثم بنيت أيضاً معابد مصرية بالمنطقة الشمالية من المدينة على الطراز المصري، ولكنْ أصغر حجماً، وخُصِّص المعبد الجنوبي لبعض الآلهة المحلية، ولكنه لم يخصّص المعبد الشمالي لآلهة محددة.
في أواخر القرن الثاني، كان هناك ركودٌ واضح في الحالة الاقتصادية في الإمبراطورية كلها، فانعكس ذلك على المدينة القديمة؛ إذ انخفض عدد المنازل فيها بنهاية القرن الثالث الميلادي، ثم جرى التخلّي عن المدينة وهجرانها نهائيّاً بحلول القرن الخامس. وكان المناخ الجاف في المنطقة هو الذي حفظ البرديات التي اكتشفت بعد ذلك، وأدّت إلى تكوين معرفة جيدة بالمدينة وتاريخها وأحوالها من جانب علماء الآثار.
أما الحفائر الأولى لاكتشاف المدينة، فقد بدأت على يد عالمين بريطانيين هما هانت وجرنفل سنة 1895، وقد خلصا إلى أنّ أكثر كنوز المدينة قد تعرَّضت للنهب من قبل لصوص الآثار. ثم جاءت بعثة متشجن الأميركية في الفترة من 1914 وحتى 1935، قبل أن تتشكَّل بعثة من جامعة القاهرة سنة 1968. بينما كانت هناك بعثة استكشافية دولية سنة 2005 ضمت باحثين من جامعات كاليفورنيا في لوس أنجليس، وأوكلاند بنيوزيلانده، وغرونينغن الهولندية وآخرين.
الحفريّات التي جرت بالمنطقة، حدثَت فيها مشاكل كبيرة، بعد أن بدأ أهالي الفيوم في نهاية القرن التاسع عشر في استخدام تربة المدينة القديمة لتخصيب زراعاتهم لاحتوائها على مواد عضويّة متحلّلة اعتبروها سماداً غنياً للمزروعات.
تتبقى من كرانيس، اليوم، مجموعة من المنازل المبنية من الطين والحجر، وبعض معاصر العنب والزيتون، وطواحين الغلال، وحمامان من العصر الروماني، إضافة إلى المعبد الشمالي والمعبد الجنوبي الذي بني في عهد الإمبراطور نيرون، والجبانة. كما عثرت البعثات المتتالية على أعداد هائلة من التوابيت والأواني الفخارية والمعدنية والمغازل واللوحات والآثار الخشبية والرسومات والزخارف وغيرها. وتقدِّم البرديّات صورة مُصغَّرة عن الحياة التي عاشها الناس العاديون في مصر منذ نشأة المدينة، مروراً بعلاقة مصر بالإمبراطورية الرومانية.
اقــرأ أيضاً
تقع كرانيس في منطقة كوم أوشيم، شمال شرقي الفيوم، على طريق القاهرة الفيوم الصحراوي، حيث كانت هذه المنطقة في تلك الأزمنة، محطّ اهتمام كبير من البطالمة لخصوبتها. إذ كانت تستقي الماء اللازم لها من بحيرة قارون الواسعة، قبل أن ينحسِر ماؤها، وتتحوَّل إلى صحراء.
يأتي ذكر المدينة في البرديات القديمة اللاتينية واليونانية، بوصفها مركزاً للمحاربين القدامى، ثمّ مكاناً مناسباً لتوطين الجنود في زمن أغسطس، الذي أعاد بناءها وإعمارها لأغراض عسكرية، وبعث العمال لتنظِيف القنوات المائيّة، وإعادة بناء السدود التي تهدّمت، لاسترداد الطاقة الإنتاجية للمنطقة، فتمدَّدت المدينة نحو الشمال واتّسعت شيئاً ما.
وكان من إنجازات أغسطس بناء معبد على الطراز الروماني على أطلال المعبد القديم في القرن الأول قبل الميلاد، ثم بنيت أيضاً معابد مصرية بالمنطقة الشمالية من المدينة على الطراز المصري، ولكنْ أصغر حجماً، وخُصِّص المعبد الجنوبي لبعض الآلهة المحلية، ولكنه لم يخصّص المعبد الشمالي لآلهة محددة.
في أواخر القرن الثاني، كان هناك ركودٌ واضح في الحالة الاقتصادية في الإمبراطورية كلها، فانعكس ذلك على المدينة القديمة؛ إذ انخفض عدد المنازل فيها بنهاية القرن الثالث الميلادي، ثم جرى التخلّي عن المدينة وهجرانها نهائيّاً بحلول القرن الخامس. وكان المناخ الجاف في المنطقة هو الذي حفظ البرديات التي اكتشفت بعد ذلك، وأدّت إلى تكوين معرفة جيدة بالمدينة وتاريخها وأحوالها من جانب علماء الآثار.
أما الحفائر الأولى لاكتشاف المدينة، فقد بدأت على يد عالمين بريطانيين هما هانت وجرنفل سنة 1895، وقد خلصا إلى أنّ أكثر كنوز المدينة قد تعرَّضت للنهب من قبل لصوص الآثار. ثم جاءت بعثة متشجن الأميركية في الفترة من 1914 وحتى 1935، قبل أن تتشكَّل بعثة من جامعة القاهرة سنة 1968. بينما كانت هناك بعثة استكشافية دولية سنة 2005 ضمت باحثين من جامعات كاليفورنيا في لوس أنجليس، وأوكلاند بنيوزيلانده، وغرونينغن الهولندية وآخرين.
الحفريّات التي جرت بالمنطقة، حدثَت فيها مشاكل كبيرة، بعد أن بدأ أهالي الفيوم في نهاية القرن التاسع عشر في استخدام تربة المدينة القديمة لتخصيب زراعاتهم لاحتوائها على مواد عضويّة متحلّلة اعتبروها سماداً غنياً للمزروعات.
تتبقى من كرانيس، اليوم، مجموعة من المنازل المبنية من الطين والحجر، وبعض معاصر العنب والزيتون، وطواحين الغلال، وحمامان من العصر الروماني، إضافة إلى المعبد الشمالي والمعبد الجنوبي الذي بني في عهد الإمبراطور نيرون، والجبانة. كما عثرت البعثات المتتالية على أعداد هائلة من التوابيت والأواني الفخارية والمعدنية والمغازل واللوحات والآثار الخشبية والرسومات والزخارف وغيرها. وتقدِّم البرديّات صورة مُصغَّرة عن الحياة التي عاشها الناس العاديون في مصر منذ نشأة المدينة، مروراً بعلاقة مصر بالإمبراطورية الرومانية.