شهدت الجزائر، اليوم الجمعة، حدثاً تاريخياً بالغ الرمزية، بعدما نجحت الحكومة الجزائرية في استرجاع جماجم 24 من المقاومين وقادة المقاومة الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي، إذ وصلت إلى مطار الجزائر الدولي الطائرة التابعة للقوات الجوية قادمة من فرنسا وعلى متنها رفات 24 مقاوماً جزائرياً للاستعمار الفرنسي، حيث أقيمت على شرفهم مراسيم عسكرية ورسمية لموكبهم.
وكان في استقبال الرفات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وقائد أركان الجيش الفريق سعيد شنقريحة، ورئيس الحكومة الجزائرية عبد العزيز جراد، وأطلقت المدافع طلقات تشريفية للشهداء، كما أطلقت بواخر حربية كانت راسية قرب المطار رشقات تكريماً لهم، وحلّقت ثلاث طائرات عسكرية في سماء العاصمة الجزائرية في استعراض شرفي، وقفز خمسة من المظليين من هذه الطائرات يحملون العلم الوطني، ونزلوا عند المرور الشرفي المخصص لرفات الشهداء.
أطلقت المدافع طلقات تشريفية للشهداء، كما أطلقت بواخر حربية كانت راسية قرب المطار رشقات تكريماً لهم، وحلّقت ثلاث طائرات عسكرية في سماء العاصمة الجزائرية في استعراض شرفي
وقامت فرق عسكرية بحمل الصناديق الـ24 من الطائرة حتى القاعة الشرفية، حيث انحنى الرئيس وكبار المسؤولين في الدولة تحية للشهداء، ومنها تم حملها إلى قصر الثقافة وسط العاصمة، حيث أقيمت تأبينية. وقال رئيس أركان الجيش الفريق السعيد شنقريحة في حفل تأبين الشهداء: "لقد تحقق الأمل بعد كثير من الألم وعاد الأبطال مبجلين ليلقوا رفاقهم في الأرض الطيبة. جثامين الشهداء سرقها الاستعمار البغيض وعرضها في متحفه منذ أكثر من قرن ونصف قرن للتباهي دون حياء، إنه الوجه الحقيقي البشع للاستعمار"، مضيفاً أن "جثامين هؤلاء الأبطال أكثر من قرن ونصف قرن في غياهب الاستعمار، وكانوا محل ابتزاز ومساومة من لوبيات بقايا الاستعمار دعاة العنصرية، إلى أن تتحقق هذا اليوم المميز الذي نستكمل به مقومات سيادتنا".
ونقل التلفزيون الرسمي الحدث على المباشر ، وخصص يوماً مفتوحاً لتغطية الحدث التاريخي، كما خصصت القنوات المستقلة الجزء الغالب من برامجها لتغطية ومناقشة الملف والقضايا المرتبطة بالذاكرة، ولم تتح الأزمة الوبائية وانتشار فيروس كورونا إقامة استقبال شعبي للشهداء، برغم بعض مطالبات بعض التنظيمات المدنية التي كانت قد دعت إلى إقامة احتفالية شعبية، وخصصت مقابر داخل مربع الشهداء في مقبرة العالية في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية لدفنهم هناك.
وذكر المدير العام للأرشيف الوطني، مستشار الرئيس الجزائري، عبد المجيد شيخي، في تصريح بنفس المناسبة، إن الجزائر ستستهدف، بعد الجماجم، في المرحلة المقبلة، استرجاع أرشيفها الموجود بفرنسا. وقال: "الجزائر لن تتراجع أبداً عن مطالبتها باسترجاع الأرشيف ، جيل اليوم وكل الأجيال التي ستتعاقب ستظل متمسكة بمطلب استرجاع كل الأرشيف الوطني الذي يؤرخ لعدة حقب من تاريخنا والذي تم ترحيله إلى فرنسا".
واتهم شيخي الطرف الفرنسي بعدم الجدية: "لا توجد إرادة حقيقية لدى الجانب الفرنسي لطي هذا الملف نهائياً. تصرف ومواقف المسؤولين الفرنسيين المفاوضين في هذا الملف يثبتان أنهم لا يملكون صلاحيات لاتخاذ أي قرار"، لافتاً إلى أن "فرنسا قامت في 2006 بسن قانون يقضي بإدراج الأرشيف كجزء من الأملاك العمومية، وبالتالي لا يتنازل عنها ولا تسترد، كما تقررت أيضاً إعادة توزيع الرصيد الجزائري من الأرشيف المتواجد بفرنسا على مراكز أخرى دون علم الجزائر". وأكد شيخي أنه ستُعقد ربما في الشهر الحالي اللجنة الكبرى الجزائرية-الفرنسية وستكون مسألة استرجاع الأرشيف الوطني ضمن الملفات التي سيتم التطرق إليها.