اعتبر وزير الصحة اللبناني الدكتور جميل جبق أن مراكز الرعاية الصحية هي خط الدفاع الأول عن الصحة في لبنان، خصوصاً أن 1.8 ملايين لبناني لا يشملهم الضمان الاجتماعي ووجود تلك المراكز يخفف من معاناتهم.
وجاءت تصريحات الوزير جبق خلال اجتماعه وفريق من وزارته مع إداريي مراكز الرعاية الصحية المشاركة في "مشروع إعادة تأهيل الرعاية الصحية الأولية نحو التغطية الصحية الشاملة"، صباح اليوم الثلاثاء، في فندق البريستول في العاصمة اللبنانية بيروت.
وتضمن الاجتماع عرضاً لبعض التجارب في الرعاية الصحية الأولية في إطار المشروع المخصص للبنانيين، كما استمع الوزير وفريقه لشكاوى وملاحظات الإداريين في المراكز، الذين طرحوا جملة من التساؤلات والاستفسارات تخص المشروع.
ووصف وزير الصحة في كلمة ألقاها في الاجتماع، مراكز الرعاية الصحية بأنها خط الدفاع الأول للصحة في لبنان، شارحاً أهمية تلك المراكز في تخفيف النفقة الطبية من خلال التشخيص المبكر، وحماية المريض من تداعيات المرض ودخول المستشفى، الذي يلقي بالعبء على الخزينة اللبنانية.
وقال جبق: "في لبنان 1.8 مليون مواطن لا يشملهم أي ضمان، ووجود المراكز يخفف معاناة المواطنين"، مشيراً إلى أنه زار عينة من المراكز التي "كانت مشرفة" بحسب وصفه، لافتاً إلى أن ما بين 70 إلى 80 في المائة من الحالات يكتفي المريض بالعلاج في المركز". ووعد جبق بتفعيل دور الوزارة في تأمين حاجات تلك المراكز.
وأعقب كلمة الوزير عرض لتجارب عدد من المراكز، وتحدثت الدكتورة ابتسام خوري من مركز النجدة الشعبية في كفر صارون (شمال) عن اعتماد برنامج طب العائلة بالتعاون بين الوزارة والجامعة اللبنانية والجامعة الأميركية في بيروت، ضمن استراتيجية الطب الوقائي.
وعرض الدكتور جمال طليس تجربة مركز الشهيد فرج بلوق (بعلبك)، وآلية العمل المتبعة لاستقطاب المواطنين عبر الانتقال إلى المنازل والأحياء ما مكنهم من الوصول إلى نحو 80 في المائة من العائلات المستهدفة. كما لفت إلى تجاوز العقبة التي واجهها المركز مع ذوي الاحتياجات الخاصة غير القادرين على الوصول إليه من خلال تجهيز فريق طبي كامل لزيارة تلك الفئة في المنازل، أو إرسال سيارة إسعاف لنقلهم إلى المركز لتلقي العناية اللازمة.
وخلال الحوار، عبر العاملون في المراكز عن المشاكل التي تعترضهم خلال العمل، ومنها العجز المالي والنقص في الأدوية، وغياب آلية تبادل المعلومات المتعلقة بالمستفيدين من الخدمات بين المراكز، حتى في ما يتعلق بالتلقيح.
وأكد المسؤول عن البرنامج الإلكتروني في وزارة الصحة، علي الروماني، أن الوزارة بصدد تطوير تطبيق جديد يسمح بتبادل المعلومات بين المراكز. وأشار إلى أن المشكلة تكمن حالياً في عدم القدرة على تحديد هوية الأشخاص عبر التطبيق من خلال الاسم لعدم وجود هوية فريدة، وهو ما تعمل الوزارة على إنجازه من خلال منح المستفيدين رقماً يسمح بتحديد هويته.
وعن نقص الدواء في المراكز، أكدت رئيسة دائرة الرعاية الصحية الأولية في الوزارة، الدكتورة رندا حمادة، أن النقص حصل بسبب تراجع الدعم الدولي خلال الأشهر الثلاثة الماضية، إضافة إلى تأخر تحويل الأموال من الاتحاد الأوروبي إلى منظمة "يونيسف" التي تمنح لبنان أدوية.
وتابعت حمادة: "هناك نقص مخيف في الأدوية المزمنة، والوزارة لجأت إلى الشراء المحلي من أجل تغطية النقص في 12 صنفاً من الأدوية والأمور تسير باتجاه التحسن". لكنها أشارت إلى التقصير بموضوع تلقيح الأطفال.
ولا يشمل المشروع النازحين السوريين على الأراضي اللبنانية، وأشار بعض مسؤولي مراكز الرعاية في حديثهم لـ"العربي الجديد" إلى تفاوت الخدمات التي يلقاها السوريون بين مركز وآخر ومنطقة وأخرى في لبنان.
وأوضح مدير مركز الأبرار الطبي في قضاء راشيا (البقاع)، الدكتور محمد خير فرج، لـ"العربي الجديد" أن 40 في المائة من المستفيدين من خدمات المركز هم من السوريين، لافتاً إلى اختلاف العناية الطبية التي يتلقاها السوريون عن تلك التي يتلقاها اللبنانيون.
وتابع "فعّلت وزارة الصحة تغطية الأمراض المزمنة للسوريين. ونتعاون مع جهات دولية من أجل تأمين رعاية كاملة للمرضى السوريين. والهيئة الطبية الدولية كانت تؤمن الدعم للوافد السوري لكنها أوقفت دعمها وما عاد بقدرتنا تحمل الكلفة، كما أن منظمة ريليف تقدم مساعدات الآن لكنها غير كافية".
ولفت فرج إلى أنه اقترح على مدير عام وزارة الصحة السماح للمراكز بأن يكون نحو 10 في المائة من أطبائها من الجنسية السورية، معتبراً أن طرحه هذا أتى من منطلق إنساني، "لأن الطبيب السوري أكثر دراية ومعرفة بالواقع الطبي للمرضى السوريين، وأكثر قدرة على إقناعهم والتفاهم معهم".
من جهته، قال مدير مركز الإيمان الطبي في منطقة الميناء في طرابلس، جهاد فهمي، في حديث إلى "العربي الجديد" أن 60 في المائة من المستفيدين من خدمات المركز هم من السوريين. وأكد أن وضع هؤلاء جيد جداً لناحية الخدمات التي يتلقونها في المركز بأسعار رمزية، مشيراً إلى أن الهيئة الطبية الدولية زادت دعمها للمركز، مقابل خفض الدعم من جهات أخرى بعد انتهاء المشاريع التي عملت عليها. وأكد فهمي تحسن إقبال اللبنانيين على هذه المراكز بسبب برامج وزارة الصحة.