في مدينة صيدا، جنوبي لبنان، تعيش اللاجئة السورية مريم عبد اللطيف، منذ عام 2012، مع زوجها وأولادها. تخللت ذلك عودة قصيرة إلى مدينتهم حلب، في شمال سورية، لكنّ القصف أجبرها على المغادرة مجدداً إلى لبنان مع خمسة أبناء، ومن دون السادس الذي ساقه النظام السوري إلى الخدمة العسكرية، لكن تسنى له أن يتزوج هناك، وذلك في عام 2013.
تقول مريم عبد اللطيف: "الحياة المعيشية صعبة في لبنان، ومدخولنا لا يكفينا حتى لسداد إيجار المنزل وهو 450 دولاراً أميركياً. زوجي يعمل سائقاً، فلذلك كان لا بد لي من البحث عن حلّ لمساعدته في التخفيف من الأعباء. تعرفت إلى خبيرة تجميل تصنع الكريمات الطبية والصابون وغيرها، وصرت آخذ بضاعة منها وأحاول بيعها، لكنّ الأمر لم يكن مفيداً، إذ إنّ معظم النساء يشترين تلك المواد من الصيدليات". لم تتوقف عن المحاولة: "صرت أطبخ في البيت، وأوصل لمن يطلب وجبات وطبخات وحلويات، بعدما يجلب إليّ المواد الأولية. لم أتمكن من الاتفاق مع محال كبيرة تبيع المأكولات الجاهزة، كي أعدّ لها الوجبات اليومية، فهذه المحال لديها أساساً من يعمل لحسابها في هذا المجال. وهكذا، عن طريق بعض المعارف، وإنشاء صفحة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لعملي، بدأت في الطبخ لمن يطلب، وإن كان الطلب ضعيفاً، فأسدّ بعض احتياجات عائلتي". تضيف: "يُطلب مني الطبخ مرتين في الأسبوع الواحد، وبأجر زهيد لكنّه يكفيني مع عمل زوجي، وكذلك عمل اثنين من أبنائي يساهمان في الإنفاق على البيت".
لدى مريم ابنة واحدة، وخمسة أبناء ذكور، وبالإضافة إلى الشابين اللذين يعملان في فرن في صيدا، والآخر الذي اقتيد إلى الخدمة العسكرية ولم يسرّح منذ سنوات، هناك اثنان صغيران ما زالا في المدرسة. طلبت بعض الجمعيات من مريم، إذا أرادت أن تعمل لديها، أن تتعلم، وهكذا خضعت لدورة في صنع الصابون في جمعية "المواساة" في صيدا، استمرت ثلاثة وعشرين يوماً، وقد نالت شهادة فيها، وبدأت تعمل في البيت في هذا المجال، لكنّها لم تتمكن من تسويق الصابون، ولم تجد عملاً في الجمعيات. تتابع: "حاولت أيضاً أن أعمل في حياكة الصوف، لكنّي لم أجد رغبة كبيرة لدى الناس في الطلب والشراء إلا في ما ندر". تضيف: "لم أشارك في معارض الصوف في لبنان أو في سورية، بالرغم من أنّي في سورية، كنت أعمل في حياكته، وأبيع الكثير منه فالجميع في حلب يرغبون بارتداء ملابس الصوف المحاكة يدوياً ومنزلياً".