قبل ساعات من بدء الهدنة في حلب، يزايد كل من النظام السوري وروسيا على تمديدها، والتي تبدأ صباح اليوم الخميس، تزامناً مع الاجتماعات الأوروبية التي تسعى بدورها إلى تمديد الهدن، وإدانة جرائم روسيا في هذه المدينة، فيما أوضح المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا أن هذه الهدنة "كافية" لإجلاء 200 جريح من الأحياء الشرقية للمدينة الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وبعدما أعلن الجيش الروسي، أمس الأربعاء، أنّ "الهدنة الإنسانية"، الخميس، في مدينة حلب ستستمر 11 ساعة "بناءً على طلب المنظمات الدولية"، بدل ثماني ساعات كانت مقررة أصلاً، أعلن النظام السوري، ليل الأربعاء - الخميس، أنّ التهدئة ستمتد لثلاثة أيام، بواقع ثماني ساعات يومياً.
ونقلت وكالة أنباء النظام الرسمية "سانا" عن القيادة العامة لقوات النظام أنّ، "التهدئة الإنسانية في الأحياء الشرقية لمدينة حلب ستمتد على مدى أيام 20 و21 و22 من أكتوبر/تشرين الأول الحالي، بدءاً من الساعة 8.00 صباحاً وحتى الساعة 16.00 ظهراً".
وقالت وزارة الدفاع الروسية، يوم الاثنين الماضي، إن الهدنة تشمل تعليق الضربات الجوية فيها لثماني ساعات، إضافة إلى فتح ممرين لخروج الفصائل العسكرية، إلا أنها عادت ومددتها لثلاث ساعات إضافية. وأوضح الجنرال من هيئة الأركان الروسية، سيرغي رودسكوي، أنّ "المقاتلات الروسية والسورية ستبقى على مسافة 10 كيلومترات من حلب خلال الهدنة".
في غضون ذلك، بحث رئيس النظام في سورية، بشار الأسد، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في اتصالٍ هاتفي، مساء أمس الأربعاء، الهدنة الإنسانية في الأحياء الشرقية لمدينة حلب المحاصرة.
من جهته، أعلن المبعوث الدولي الى سورية ستيفان دي ميستورا الأربعاء، أنّ الهدنة الإنسانية التي أعلنت عنها موسكو في مدينة حلب لمدة 11 ساعة نهار الخميس "كافية" لإجلاء 200 جريح من الأحياء الشرقية للمدينة الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وقال دي ميستورا في مقابلة مع قناة "آر تي إس" التلفزيونية السويسرية العامة، إنّ الهدنة "كافية إذا ما طبقناها سريعاً لتنفيذ عملية إخلاء طبي. في الواقع ما نحن بحاجة إليه في الحال هو التمكن من إجلاء 200 جريح منذ أيام عدة". ولم يوضح المبعوث الدولي ما إذا كانت ساعات الهدنة الـ11 ستسمح بإيصال مساعدات إنسانية إلى 275 ألف شخص محاصرين في الأحياء الشرقية بحسب الأمم المتحدة.
ورداً على سؤال عما إذا قصد فعلاً ما أعلنه قبل أيام من أنه مستعد لأن يرافق شخصياً مقاتلي جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً)، إذا ما وافقوا على مغادرة الأحياء الشرقية لحلب بأمان، أجاب المبعوث الدولي "حتماً أنا مستعد لذلك".
وأضاف "هناك أوقات يتحتم فيها على المرء أن يخرج من أماكن المؤتمرات والاجتماعات وأن يعطي ضمانات حقيقية ومادية، ولا سيما لأولئك الذين يكرهوننا ويحتاجون إلى الحصول على ضمانة". وأشار إلى أنه "لا يمكنني إعطاؤهم ضمانات سياسية لأنهم لن يصدقوها، ولكنهم قد يصدقون أنني أضع نفسي على المحك لمساعدتهم". في حين شدّد المبعوث الدولي على أن "الأزمة السورية" على صعوبتها لم تنل من عزيمته، وقال "لم أفكر بالاستقالة".
وشهدت مدينة حلب تراجعاً في حدة القصف الجوي، كما تمكّن مقاتلو المعارضة من صدّ هجوم لقوات النظام والمليشيات الموالية لها على جبهة "1070 شقة" جنوب غربي المدينة، وكبدتهم خسائر في الأرواح والمعدات، في حين تعرّضت بلدتا بيانون وحيان ومنطقة القبر الإنكليزي لقصف بالمدفعية الثقيلة من قوات النظام، من دون تسجيل خسائر بشرية.
إلى ذلك، دعا وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، أمس الأربعاء، روسيا وإيران إلى الضغط على النظام السوري لوقف هجماته العسكرية ضد مواقع المعارضة.
وقال شتاينماير، في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره الكويتي، صباح خالد الحمد الصباح، عقب لقائهما في العاصمة برلين إنه "يجب على روسيا وإيران استخدام نفوذهما تجاه النظام السوري لوقف هجماته العسكرية ضد مواقع المعارضة". وأضاف أن "قرار وقف إطلاق النار الذي من المتوقع أن يبدأ في مدينة حلب (شمالي سورية)، فرصة لإيصال المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة، لكن الفترة المحددة غير كافية".
بدوره، وعد الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، أمس الأربعاء، ببذل كل الجهود بالتعاون مع المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، لتمديد الهدنة في مدينة حلب السورية، وذلك قبل لقاء مرتقب مع ميركل والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مساء اليوم في برلين.
وقال الرئيس الفرنسي "سأبذل كل الجهود بالتعاون مع المستشارة ميركل حتى يتم تمديد هذه الهدنة". وجاء كلام هولاند قبل مغادرته إلى برلين، حيث يلتقي المستشارة الألمانية والرئيس الروسي في قمة مخصصة بشكل أساسي لأوكرانيا، لكن ستتناول أيضاً الملف السوري.