وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن من المتوقع أن تعلن إدارة الرئيس دونالد ترامب عن الخطوة في وقت قريب ربما يكون يوم الجمعة.
ويفصل السودان، أسبوع، عن القرار الأميركي برفع العقوبات الاقتصادية عن البلاد من عدمه، وهو قرار من شأنه أن يحدد مصير العلاقة والتعاون بين السودان والمجتمع الدولي والإقليمي عموماً، والسودان والولايات المتحدة على وجه الخصوص، ولا سيما أن السودان واجه قرار ترامب، بتمديد البت في القرار النهائي لثلاثة أشهر تنتهي في 12 أكتوبر/تشرين الأول المقبل برفض شديد أوقف معه لجان التفاوض مع واشنطن وإن تراجع بعدها.
وكانت الإدارة الأميركية السابقة برئاسة باراك أوباما، قد اتخذت قراراً بتجميد العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان لستة أشهر، وكان من المقرر أن يبت ترامب في أمر الرفع النهائي للعقوبات عن الخرطوم من عدمه في الثاني عشر من يوليو/تموز الماضي، إلا أن الأخير أرجأ القرار لثلاثة أشهر أخرى على أن يخضع السودان خلالها لتقييم حول عملية تنفيذ المسارات الخمسة التي اتفق البلدان عليها، ومن بينها إيقاف الحرب في السودان وإحداث تسوية سياسية داخلية، فضلاً عن تسهيل وصول المنظمات الإنسانية للمتضررين في مناطق النزاع في دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، والحد من التدخّل في شؤون دولتي جنوب السودان وليبيا والعمل على استقرارهما بدعم جهود السلام فيهما.
وقبيل إصدار القرار النهائي بشأن العقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة على السودان منذ ما يزيد على عشرين عاماً، اتخذت الإدارة الأميركية قرارين بشأن السودان خلال أقل من أسبوعين، أحدهما يتعلق بإنهاء حالة الحماية المؤقتة للمواطنين السودانيين التي اتخذ قرار بشأنها في نوفمبر/تشرين الثاني 1997، ما يُعدّ اعترافاً أميركياً باستقرار الأوضاع في البلاد، والآخر خاص برفع اسم السودان من قائمة الدول التي قيدت عملية دخول مواطنيها للأراضي الأميركية.
واعتبرت الحكومة في الخرطوم وبعض المراقبين أن القرار بمثابة مؤشر لاتجاه أميركي برفع العقوبات الاقتصادية، وباتت الحكومة في الخرطوم أكثر ثقة في الخطوة. وسارعت وزارة الخارجية السودانية للترحيب بالقرار الأميركي بإزالة اسم السودان من قائمة الدول التي قيّد دخول مواطنيها إلى الولايات المتحدة.
وأكدت الوزارة أن الخطوة ثمرة لحوار وتفاوض بين الحكومتين السودانية والأميركية، واعترفت بشكل ضمني أنه نتاج لعمل استخباراتي بين الدولتين حول المعلومات الخاصة بمكافحة الإرهاب.
ويُعدّ السودان واحداً من البلدان التي رفدت الإدارة الأميركية بحزمة من المعلومات الاستخباراتية حول المجموعات الإرهابية، بدءاً بتنظيم "القاعدة" الذي استضاف السودان في وقت من الأوقات زعيمه أسامة بن لادن، وصولاً إلى تنظيم "داعش" الذي يضم الكثير من كوادر "القاعدة"، انتهاء بجماعة "بوكو حرام" في نيجيريا التي تلقى زعيمها تعليمه في جامعة أفريقيا بالخرطوم. ووفق مراقبين، فإن السودان يملك مفاتيح الجماعات الإسلامية المتطرفة الإقليمية والدولية بسبب وجود احتكاك وعلاقة مباشرة وغير مباشرة بهم، في أوقات سابقة.
وتشابهت الأوضاع السائدة حالياً في السودان مع أوضاع مماثلة كانت سائدة قبيل قرار ترامب بتمديد البت في أمر العقوبات على السودان لثلاثة أشهر أخرى في يوليو/تموز الماضي، إذ تزامن القرار مع ضغوط من الكونغرس الأميركي على ترامب وأزماته الداخلية والروسية، فضلاً عن ملف الحريات الدينية الذي أثير عقب إقدام السلطات في الخرطوم على هدم مجموعة من الكنائس وإصدار السفارة الأميركية في الخرطوم بياناً شديد اللهجة ينتقد الحكومة السودانية حول حرية الأديان، ما اعتبره مراقبون حزمة عوامل عرقلت استصدار القرار النهائي بشأن العقوبات. ويدور حالياً جدل على مستوى محلي ودولي بشأن الأحداث التي وقعت في معسكر "كلمة" للنازحين في ولاية جنوب دارفور، غربي البلاد، بالتزامن مع زيارة الرئيس السوداني عمر البشير، إلى المنطقة، حيث خرج نازحون في تظاهرات احتجاجاً على هذه الزيارة وواجهتها السلطات الأمنية هناك بالرصاص.
واختلفت التقديرات بشأن أعداد القتلى جراء تلك الأحداث. وأكدت الحكومة مقتل شخصين فقط، واتهمت حركة "تحرير السودان" المسلحة بقيادة عبدالواحد نور، بإثارة الأحداث والمبادرة بإطلاق الرصاص على القوات الحكومية. وحاولت تصوير الوضع كأنه اشتباكات بين نازحي معسكر "كلمة" أنفسهم، المؤيدين والرافضين لزيارة البشير. وسارعت الخارجية في خطوة تعد الأولى من نوعها، لاستصدار بيان بشأن الأحداث، من أجل الحد من تأثيراتها السلبية على القرار الأميركي المنتظر.
وضاعفت الحكومة السودانية من تحركاتها الدبلوماسية للتأثير على الإدارة الأميركية لاستصدار قرار نهائي برفع العقوبات. وعقد مسؤولو وزارة الخارجية السودانية خلال الفترة الماضية، سلسلة لقاءات مع مسؤولين غربيين ومديري مكاتب المنظمات الدولية في السودان للضغط على الإدارة الأميركية لرفع قرار العقوبات الاقتصادية عن البلاد بشكل نهائي. وقالت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد"، إن القيادة السودانية أكدت بوضوح للأميركيين والغربيين عموماً، أنها ستوقف كافة أنواع التعاون، ولا سيما المتعلق بمكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر، في حال أخفقت واشنطن في الوفاء بوعودها برفع العقوبات المفروضة على الخرطوم.(العربي الجديد، رويترز)