قالت مجلة دير شبيغل الألمانية إن صندوق النقد الدولي ربما يساهم في خمسة مليارات يورو (5.33 مليارات دولار) لإنقاذ الاقتصاد اليوناني، وذلك قبل اجتماع مقرر لمنطقة اليورو يوم 20 فبراير/شباط الجاري.
وذكرت المجلة في تقرير نشرته الجمعة، من دون أن تكشف عن مصدره، إن المقرضين يتوقعون حالياً إسهاماً بهذا الحجم بعدما كانوا يأملون في البداية أن يصل حجم الإسهام إلى 16 مليار يورو، ومشاركة الصندوق في برنامج الإنقاذ غير مؤكدة.
وفي وقت سابق من اليوم الجمعة قالت متحدثة باسم وزارة المالية الألمانية وفقاً لـ"رويترز" إن برلين تعتبر مشاركة الصندوق ضرورية.
وذكر تقرير دير شبيغل أن صندوق النقد الدولي يشارك الآن المقرضين الأوروبيين الرأي بأن على اليونان أن تحقق فائضاً مبدئياً في الموازنة نسبته 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي لكي تحصل على مساعدات جديدة.
وكان مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الاقتصادية بيار موسكوفيسي قد التقى كبار المسؤولين اليونانيين في أثينا الأربعاء، في مسعى لحل أزمة الديون بين اليونان التي تعاني ضائقة مالية والجهات الدائنة.
وتاتي زيارة موسكوفيسي، وزير المالية الفرنسي السابق، بعد أشهر من المحادثات الفاشلة بين أثينا ودائنيها وهم منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي، ما أثار مخاوف من أزمة ديون جديدة.
وحال الخلاف دون الإفراج عن قروض جديدة في إطار صفقة المساعدات البالغة 86 مليار يورو تحتاجها اليونان لتسديد ديون بقيمة سبعة مليارات يورو (7,44 مليارات دولار) هذا الصيف.
وقال موسكوفيسي وفقا لـ"فرانس برس" "لا تزال أمامنا طريق طويلة قبل التوصل إلى اتفاق نهائي"، بحسب ما نقل عنه الإعلام اليوناني قبل الاجتماعات.
وعقب محادثات مع وزير المالية اليوناني يوكليد تساكالوتوس، تحدث موسكوفيسي الذي يعتبر حليفاً لليونان، عن إحراز تقدم، معرباً عن أمله في التوصل إلى حل، وقال "بالإرادة يمكن تحقيق أي شيء".
ويعتبر الاجتماع المقبل لوزراء منطقة اليورو في 20 شباط/فبراير مهلة نهائية غير رسمية لحل جميع القضايا.
ويخشى من أن تؤدي سلسلة من الانتخابات الحاسمة في أوروبا تبدأ في هولندا في 15 آذار/مارس، إلى التأخر في اتخاذ قرار بشكل خطير.
نفق التقشف
يدور خلاف طويل بين صندوق النقد الدولي وأوروبا بشأن طلب منطقة اليورو بأن تحقق اليونان فائضاً في الميزانية قبل تسديد ديونها يصل إلى 3.5% من إجمالي الناتج المحلي. وقال صندوق النقد الدولي إن نسبة 1.5% تكفي.
وترفض حكومة رئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس خفض معاشات التقاعد وزيادة الضرائب وهو ما يطالب به صندوق النقد الدولي بدعم خفي من ألمانيا، ويؤكد أنه ضروري لكي تحقق اليونان أهدافها.
وكتب موسكوفيسي على تويتر أثناء اجتماعه مع تسيبراس "الشعب اليوناني يحتاج لأن يرى ضوءاً في نهاية نفق التقشف، وأنا متفائل".
والثلاثاء أعلنت الحكومة اليونانية عن أرقام تظهر أن البلاد عادت إلى تحقيق نمو سنوي في 2016، واستخدمت هذه الأرقام لشن هجوم جديد على إجراءات التقشف. وأشارت تقديرات أولية من مكتب الإحصاءات الوطني وتوقعات بروكسل إلأى تحقيق الاقتصاد اليوناني نمواً بنسبة 0.3% العام الماضي.
وقبل الزيارة أعرب موسكوفيسي عن استعداده للعمل على تقليص الخلافات بين أثينا والجهات الدائنة، داعياً إلى التوصل إلى "اتفاق متوازن".
نفقات دفاعية
من جهة أخرى رأى محللون، وفقاً لـ"الأناضول"، أن خطط اليونان المحتملة لتخصيص موازنة تقدر بعشرة مليارات دولار أميركي لشراء طائرات مقاتلة ومعدات لدعم وتعزيز القطاع العسكري "فضيحة وتناقض كبير"، لا سيما في ظل الضائقة المالية التي تعيشها البلاد منذ سنوات.
ومؤخرًا قال وزير الدفاع اليوناني، بانوس كامينوس، في بيان "لقد أصدرنا أوامر بتعزيز القدرات العسكرية الجوية في البلاد، حيث تم طلب شراء مقاتلات الجيل الخامس من الولايات المتحدة".
وأضاف كامينوس أن "عمليات الصيانة الخاصة بصواريخ أرض - جو اليونانية، روسية الأصل، من طراز S-300 وصلت مراحلها النهائية".
وتعليقًا على ذلك، أوضح قائد القوات الجوية اليونانية، الجنرال كريستوس كريستودولو، في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي أن "هذا ليس سوى جزء من خطة لتعزيز القدرات العسكرية".
وبيّن كريستودولو أن "التكلفة التقديرية لصيانة الطائرات اليونانية من طراز F16 وتطويرها تراوح بين 1.2 و1.7 مليار دولار".
ولفت إلى أن وزارة الدفاع الأميركية، وشركة "لوكهيد مارتن" الأميركية للصناعات العسكرية والأسلحة، ستكونان المسؤولتين عن تطوير تلك الطائرات.
كذلك قامت الحكومة اليونانية بطلب عرض أسعار من واشنطن لشراء مقاتلات متعددة المهام، من طراز F-35، ذات المحرك الواحد.
وفي السياق نفسه، قال مصدر عسكري في وزارة الدفاع اليونانية لـ"الأناضول"، مفضلاً عدم الكشف عن اسمه، نظرًا لحساسية الموضوع، إن "الخطة العسكرية الجديدة تتضمن شراء أسطول من مقاتلات F-35، مكون من 20 طائرة".
ويقدر سعر المقاتلة الواحدة، من طراز F-35، بدون أسلحة وقطع غيار وخدمة الصيانة الدورية، بمائة مليون دولار.
وأشار المصدر إلى أن "التكلفة التقديرية لعمليات الصيانة الخاصة بصواريخ S-300، تصل لنحو 9.5 ملايين دولار أميركي"، لافتًا إلى أنه لا يمكن تطويرها لـS-400 بسبب العقوبات الاقتصادية الأوروبية على روسيا.
وعن الخطة العسكرية، أوضح أن "اليونان تسعى للاستثمار في طائرات بدون طيار، وصيانة الأسلحة والتدريب وغيرها".
من جانبه، أكد خبير عسكري لدى وزارة الدفاع اليونانية، مفضلاً هو الآخر عدم الكشف عن اسمه للسبب نفسه، أن "التكلفة الإجمالية لتنفيذ تلك الخطط تقدر بنحو عشرة مليارات دولار".
ومع ذلك، فإنه لا يزال الغموض يلف كيفية تمكّن اليونان المثقلة بالديون من توفير الموازنة اللازمة لتعزيز القطاع العسكري.
وردًا على سؤال حول هذا الموضوع، خلال برنامج إذاعي محلي، قال نائب وزير الدفاع اليوناني ديميتريس فيتساس: "ليس لدي إجابة بعد".
وأضاف "سيكون لدينا مقترح، وسنحدد التكلفة الفعلية للخطة، في غضون أربعة إلى ستة أشهر".
وأوضح أن "تعزيز القدرات العسكرية هي جزء من خطة مدتها 10 سنوات، مدرجة فعليًا في موازنة وزارة الدفاع، ولن يتم إنفاق يورو واحد إضافي عليها".
من جانبه، قال كوستاس غريفاس، أستاذ مشارك في الجغرافيا السياسية لدى الأكاديمية العسكرية اليونانية إن "بعض خطط وزارة الدفاع تعتبر فضيحة وتناقضاً كبيراً، لا سيما في ظل الضائقة المالية التي تعيشها البلاد منذ سنوات".
(العربي الجديد)