مستثمرو العراق يلجؤون لشراء جنسيات أخرى لتسهيل تجارتهم

11 مايو 2018
قلق في الأسواق من هروب المستثمرين (حيدر حمدان/فرانس برس)
+ الخط -
قال مسؤولون عراقيون في بغداد لـ"العربي الجديد" إن ما لا يقل عن 200 رجل أعمال عراقي بارز حصلوا على جنسيات دول أخرى خلال العامين الأخيرين بهدف تسهيل تحركهم وتنقلهم بين الدول، وذلك بسبب العوائق المفروضة على حاملي جواز السفر العراقي الذي يتطلب تأشيرة للدخول إلى أغلب دول العالم، خاصة الاتحاد الأوروبي.

وتذيل جواز السفر العراقي دول المنطقة والعالم في آخر تصنيف لموقع "باسبورت اندكس" حول قائمة أسوأ جوازات السفر في العالم.

وسبق لعدد من رجال الأعمال العراقيين وأعضاء غرف التجارة في بغداد والمحافظات مطالبة الحكومة بمنحهم جوازات سفر دبلوماسية لتسهيل تحركهم من وإلى البلاد تماشياً مع وعود الحكومة بتنشيط القطاع التجاري الخاص بالعراق ودعمه، إلا أن الحكومة رفضت الطلب ووعدت اتحاد رجال الأعمال العراقيين بمفاتحة دول أوروبية وآسيوية بتسهيل دخولهم إلى تلك البلدان لأغراض تجارية دون أن يتم تنفيذ ذلك.

ووفقاً لمسؤول حكومي في بغداد لـ"العربي الجديد" فإن الـ 200 رجل أعمال عراقي حصلوا على جنسيات تركية ويونانية وأردنية ودول أوروبية أخرى من خلال القوانين النافذة في تلك الدول المتعلقة باكتساب الجنسية التي تتمحور حول إيداع مبالغ مالية كبيرة في بنوكها أو افتتاح مشروع استثماري فيها.

واعتبر المسؤول، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أن سبب حصولهم على تلك الجنسيات هو تجاري بحت كونهم يحتاجون للسفر والتنقل في أكثر من مكان ووضع الجواز العراقي يعتبر معرقلاً لهم حالياً.

وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه، أنه "ربما يكون لهذه الخطوة خطورة أكبر على السوق العراقية أو بداية هجرة رؤوس الأموال فيما إذا وجد رجال الأعمال مكاناً آمناً لأعمالهم في الدول التي اكتسبوا جنسياتها".

وأدى تراجع أسعار النفط العالمية إلى أزمة مالية خانقة تسببت بالتزامن مع الحرب على تنظيم "داعش" في توقف مئات المعامل والمصانع الحكومية، فضلاً عن إلغاء أكثر من 13 ألف مشروع استثماري كانت مقررة ضمن خطة التنمية الخمسية 2013 ــ 2018، ما أدى الى زيادة الاعتماد على القطاع الخاص خاصة في مجال المشاريع والاستثمارات قصيرة المدى.

وارتفع الناتج المحلي من القطاع الخاص العراقي وفق تقارير سابقة لوزارة التخطيط العراقية بأكثر من 33 % خلال العاميين الأخيرين وهو أعلى معدل يحققه خلال السنوات الأخيرة.

ودخل القطاع الخاص منافسا في مشاريع واستثمارات مختلفة مثل صناعة الحديد والصلب والإسمنت والإنشاءات المختلفة ومصانع التعليب والأغذية وقطاع الاستيراد والتصدير والتجارة العامة المحلية عدا عن المصارف الذي ارتفعت أعدادها إلى 48 مصرفاً أهلياً خاصاً بالعراق في السنوات الأربع الماضية تبلغ قيمتها الفعلية أكثر من 116 مليار دولار بحسب تقرير للبنك المركزي العراقي عام 2014 بالوقت الذي تمتلك فيه الحكومة ستة مصارف فقط.

وأعلن مؤخراً رئيس هيئة التقاعد العامة العراقية أحمد الساعدي بأن عدد العراقيين الذين يشتغلون بالقطاع الخاص تجاوز حاجز الاثني عشر مليون عراقي وهو أعلى معدل تصله البلاد حتى الان.


عضو اتحاد رجال الاعمال العراقيين في بغداد بهاء البيطار قال لـ"العربي الجديد"، إن "العشرات من رجال الأعمال العراقيين وأصحاب رؤوس الأموال اشتروا جنسيات من دول أخرى".

وأوضح البيطار أن قوانين الكثير من الدول تتيح منح الجنسية من خلال إيداع مبالغ مالية تتراوح بين 400 إلى 500 ألف دولار أو افتتاح مشروع استثماري هناك، ومؤخراً حصل بعض العراقيين على جوازات سفر دون الجنسية من دول عربية أيضاً.

وأضاف البيطار: "عن نفسي حصلت على جواز يوناني قبل عامين من الآن وحالياً أذهب إلى الصين وإيران وتركيا وعدد من الدول العربية بلا تأشيرة دخول وأكمل تعاقدات هناك وأعود لبغداد، ومن المحزن أن ترفض دول عربية إدخالنا بجواز سفر عراقي وتدخلنا بجواز سفر يوناني". واعتبر البيطار "ذلك معيباً بيننا نحن العرب خاصة وأننا تجار ولسنا سياسيين" وفقاً لقوله.

وحول ذلك قال الخبير المالي العراقي أحمد السعدي لـ"العربي الجديد"، إن شراء رجال أعمال عراقيين لجنسيات أو جوازات سفر دول ثانية يعتبر إيجابيا ولا مخاوف من أن يؤدي إلى هجرتهم للبلاد.

وأضاف السعدي أن "السوق العراقية مربحة وواعدة ودفع رجل الأعمال أو التاجر نحو نصف مليون دولار لقاء حصوله على جواز يسهل تحركه تعني أنه واثق من قدرته على تعويض ما دفعه ورغبته في مواصلة العمل بالعراق والاستثمار فيه".

وكان وزير الدولة الأردني لشؤون الاستثمار مهند شحاذة قد أعلن في وقت سابق من هذا الأسبوع عن استكمال الإجراءات النهائية لخمسة طلبات تقدم بها مستثمرون عرب غالبيتهم من العراقيين للحصول على الجنسية الأردنية.

وقال شحادة في تصريحات صحافية إن "الطلبات التي استكملت إجراءات الحصول على الجنسية كانت ضمن الشروط الثلاثة التي تم وضعها من قبل الحكومة" في إشارة إلى الإجراءات القانونية للحصول على الجنسية الأردنية بالنسبة للمستثمرين الأجانب والتي تتطلب استثمار ما لا يقل عن مليوني دولار داخل الأردن.

ولا تتوفر لدى المسؤولين العراقيين أي أرقام دقيقة حول ما يمثله القطاع الخاص في التبادل التجاري بين العراق والدول الأخرى إلا أن المستشار السابق لوزارة التجارة العراقية إحسان الخالدي أوضح أنها مرتفعة، مضيفاً لـ"العربي الجديد" أن حجم التبادل التجاري العراقي مع دول إيران وتركيا والصين والأردن يتجاوز 30 مليار دولار سنوياً من بينها ما لا يقل عن 10 مليارات دولار من نصيب القطاع الخاص والنسبة الباقية تعاملات حكومية تشمل النفط والمواد المهمة المدعومة للشارع العراقي.

وقال رئيس مجلس الأعمال العراقي في عمّان، ماجد الساعدي، إن عدد رجال الأعمال العراقيين في الأردن وصل إلى 30 ألفاً وتبلغ حجم استثمارهم نحو يبلغ 18 مليار دولار.

وبين الساعدي، خلال جلسة بملتقى مجتمع الأعمال العربي السادس عشر في البحر الميت، الشهر الماضي، أن العراق بحاجة اليوم إلى 5 ملايين وحدة سكنية وإلى ما يتراوح بين 10 و20 ألف ميغاواط من الكهرباء وإلى 6 آلاف مدرسة.

وأوضح أن مستقبل العراق زاهر، خصوصاً بعد الانتصارات التي حققتها الدولة ضد الإرهابيين، معبراً عن أمله بعودة المنتجات العربية إلى السوق العراقية. وتسعى الحكومة العراقية إلى تقديم تسهيلات استثمارية من أجل جذب رجال الأعمال العراقيين والأجانب للمشاركة في مشروعات إعادة تعمير المدن المحرّرة من تنظيم داعش.
المساهمون
The website encountered an unexpected error. Please try again later.