بشتّى الطرق والوسائل، يحاول المستوطنون اليهود طمس الهوية العربية في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، نظراً لمكانتها الدينية وأهميتها التاريخية وقدم بيوتها وحاراتها الشعبية وأحيائها، في خطوة خطيرة لضرب الجذور العربية فيها، ومحاولة تحويل الصراع مع الفلسطينيين من صراع هوية إلى حرب دينية من جهة أخرى.
وضمن مسلسل التهويد المتواصل، قام متطرفون يهود خلال الأيام الماضية، بخلع اللوحات العربية التي تحمل أسماء الأحياء والشوارع الفلسطينية في مدينة الخليل، واستبدالها بلوحات بمُسمَّيات عبرية تهدف إلى تغيير معالمها، لا سيما في محيط البلدة القديمة والحرم الإبراهيمي، ومنطقة شارع الشهداء وتل رميدة والسهلة، في خطوة يصفها السكان بأنها محاولة للفت أنظار الزوار بأن المدينة التاريخية هي إسرائيلية.
ويقول أمين عام لجان المقاومة الشعبية الفلسطينية، عزمي الشيوخي لـ"العربي الجديد" إن خطوة تغيير اللوحات العربية إلى العبرية، هي عملية تهويد وشطب لتاريخ وتراث وحضارة الفلسطينيين، وحلقة جديدة من مسلسل تهويد قلب مدينة الخليل الذي بدأ منذ احتلالها عام 1967.
ويضيف بأنه عمل منظم وممنهج ومخطط له مسبقاً، ضمن برامج التهويد التي يحاول الفلسطينيون التصدي لها بكافة الطرق.
ويحاول المستوطنون ضرب عمق الفلسطينيين وجذورهم في أماكن تواجدهم، من خلال القيام بخطوات تحاول طمس معالم كل ما يدل علي فلسطينيتهم، في قراهم ومدنهم وحتى مساجدهم، إضافة إلى محاولة زعزعة استقرارهم وثقتهم بأنفسهم، لا سيما في مدينة الخليل التي يرفض سكانها الاستسلام لمحاولة تهجيرهم والاستيلاء على بلدتهم القديمة وحرمهم الإبراهيمي.
"وعلى الرغم من أن هدف المستوطنين هو إطلاق أسماء دينية على بعض الأحياء الفلسطينية لسرقة هويتها وتاريخها، وكذلك تمويه وقلب الحقائق أمام الزوار والسياح الأجانب الذين يتوافدون إلى المدينة، حيث سيجدون أسماء عبرية في مدينة بأحياء عربية، إلا أنها لن تؤثر على صمود أبناء الخليل، بل ستزيدهم إصراراً وتمسكاً بكل ذرة من ترابها ولن يتخلوا عنها، بل سيواصلون حمايتها والدفاع عنها" يقول الشيوخي.
وأكد على أن أهالي المدينة "لن يقبلوا بسلسة برامج التهويد التي يقوم بها الاحتلال على أرض الواقع، سواء في مدينة الخليل أو القدس على حد سواء، والتي تهدف إلى توسيع الاستيطان، ومصادرة الأراضي، والاعتداء على المقدسات، وسيواجهون ما يقوم به المستوطنون على كافة المستويات الميدانية، من خلال تعزيز صمود أبناء المدينة، ومن خلال المقاومة الإعلامية التي ستعكس الوجه القبيح للاحتلال، إضافة إلى المقاومة الشعبية المنظمة، وأيضاً من خلال الحراك على المستوى السياسي الذي يخوض معركة عالمية من أجل الدولة الفلسطينية المعترف بها في الأمم المتحدة" على حد قوله.
ويشير الشيوخي إلى أن المستوطنين يقومون بكافة أعمالهم التهويدية، ومن ضمنها تعليق اللوحات العبرية، بدعمٍ وحمايةٍ من جنود الاحتلال، الذين يساعدونهم في فرض سيطرتهم وتضييقهم على الفلسطينيين في المدينة من أجل تقسيمها وتهويدها، تمهيداً لتهويد وتقسيم مدينة القدس وفرض سياسة الأمر الواقع على الجميع.
ويواجه سكان مدينة الخليل في الآونة الأخيرة، حملة شرسة تمارسها سلطات الاحتلال والمستوطنون بشكل منظم، من خلال تعزيز تقسيم المدينة وإغلاق شارع الشهداء، وكذلك منع المصلين من الوصول إلى الحرم الإبراهيمي والصلاة فيه إضافة إلى منع الآذان.
وأيضاً استمرار الاعتداءات التي يقوم بها المستوطنون على البشر والحجر والشجر، والاعتداءات المنظمة مثل تغيير الأسماء العربية بدعم من جيش الاحتلال، إضافة إلى الهجمات المتكررة ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم من خلال حرق السيارات ومهاجمة المنازل وتكسير نوافذها، والاعتداء على الأطفال وتهديد طلبة المدارس أثناء توجههم إلى مقاعد الدراسة.