في سيناء، إضافة إلى الجهات المتقاتلة والأهالي الذين يشكون من ذلك الاقتتال وما يخلّفه من ويلات، ثمّة مسعفون يعانون وتستوجب أوضاعهم التوقّف عندها، في حين أنّ الجهات الرسمية لا تعيرهم أيّ اهتمام.
يبدو أنّ حادثة وفاة المسعف أحمد جمال بعد إهمال طبي استمرّ طيلة فترة إصابته برصاص تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم "داعش" الإرهابي، خلال محاولته إنقاذ مجنّدين مصريين مصابين عند أحد كمائن (حواجز أمنية) مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء، لم تكن كافية لاستدعاء الاهتمام الحكومي بالمسعفين العاملين بسيناء، خصوصاً هؤلاء الذين أصيبوا خلال عملهم لإنقاذ مصابي الجيش والشرطة في خلال السنوات الماضية التي شهدت سيناء فيها هجمات عسكرية متبادلة.
وحظيت حادثة إصابة أحمد جمال باهتمام إعلامي محلي، هو الذي عانى بسبب عدم الاهتمام الكافي بحالته من قبل الحكومة المصرية والمؤسسة العسكرية التي أصيب وهو يحاول إنقاذ مجنّديها ليلقى حتفه على أثر ذلك. وقد استدعى الاهتمام الإعلامي تحركات خجولة من قبل وزارة الصحة والجيش المصري، تمثلت في زيارة المستشفى حيث تلقّى العلاج قبل وفاته. لكنّ ذلك لم يشكّل ضغطاً حقيقياً يدفع المعنيين إلى إنقاذ المصابين من بين المسعفين، أو التعهد بعلاجهم في مستشفيات ذات قدرات عالية مثل تلك التابعة للجيش المصري والتي يتلقّى المجندون المصابون العلاج فيها، في حين يُترك المسعفون لمعاناتهم التي قد تفضي إلى موتهم مثلما جرى مع أحمد.
اقــرأ أيضاً
يفيد مصدر طبي في مستشفى العريش العام بأنّ "ما لا يقلّ عن 30 مسعفاً أصيبوا على مدى السنوات الماضية برصاص الجيش المصري أو المجموعات التابعة لتنظيم ولاية سيناء، في أثناء تأديتهم واجبهم في نقل المصابين من المدنيين والعسكريين على حد سواء، خصوصاً في مدينتَي الشيخ زويد والعريش". يضيف لـ"العربي الجديد" أنّه "على الرغم من أنّ عدداً منهم أصيب بجروح خطيرة نتيجة تعرّضهم لإطلاق نار مباشر، فإنّ علاج معظمهم اقتصر على مستشفيات سيناء، وفي أحسن الأحوال السويس أو الإسماعيلية".
ويشير المصدر نفسه إلى أنّ "حادثة الإهمال الطبي بحقّ المسعف أحمد جمال سوف تلقي بظلالها على العمل الصحي في سيناء، خصوصاً الميداني منه والمتعلق بنقل الجرحى والقتلى من قوات الجيش والشرطة والتي تصل نسبة المخاطرة فيه إلى مائة في المائة. ويعود ذلك إلى أنّ المسعفين يدخلون إلى مناطق الاشتباكات المسلحة العنيفة، من دون أيّ حماية أو تنسيق مع قوات الجيش، فيعرّضهم ذلك بالتالي إلى الاستهداف المباشر من قبل التنظيم أو غير المقصود من قبل الجيش في حالة الاستنفار العسكري بعد التعرّض لهجوم ما. وهذا ما حدث كثيراً خلال السنوات الماضية".
وكان التنظيم قد هدّد العاملين في مجال الإسعاف بسيناء أكثر من مرّة، خصوصاً عندما كان في أوج قوته في أواخر عام 2015. وجاء في بيان أصدره مهدّداً المسعفين: "ما أسرع سيارتكم عند سماع دوي الانفجارات التي تمزقهم وتقطعهم وما أحرصكم على نجدتهم وما أبطأ سيركم وما أكثر أعذاركم عند ضعاف المسلمين ومرضاهم. (...) تجنّبوا إسعاف هؤلاء الطواغيت والابتعاد عن أماكنهم وأماكن استهدافهم قدر المستطاع ومن أصابه أذى منكم فلا يلومنّ إلا نفسه وقد أعذر من أنذر فإننا سنستهدف حتى المصابين منهم".
تجدر الإشارة إلى أنّ التنظيم هاجم نقاطاً للإسعاف بسيناء خلال السنوات الماضية واستولى على سيارات وأجهزة إرسال وأدوية، كذلك أطلق النار على سيارات الإسعاف عشرات المرّات خلال محاولتها إنقاذ قوات الجيش والشرطة التي تتعرض لهجمات مستمرة من قبل التنظيم. وقد أوقع ذلك خسائر بشرية ومادية في صفوف كوادر الإسعاف، وجعل عملهم محفوفاً بالمخاطر التي قد تودي بحياتهم أو التي لا تحظى بالاهتمام اللازم من قبل وزارة الصحة والمؤسسة العسكرية.
في السياق، التقى مراسل "العربي الجديد" أحدَ المسعفين الذين أصيبوا خلال إنقاذ مجندين من قوات الشرطة تعرّضوا لهجوم من قبل تنظيم ولاية سيناء على الطريق الدولي الرابط بين مدينتَي العريش وبئر العبد قبل عام. هو ما زال يعاني من آثار الإصابة التي خلّفت لديه عجزاً بنسبة 35 في المائة نتيجة إصابته برصاصة في يده وأخرى في قدمه.
يخبر المسعف وقد تحفّظ عن كشف هويته: "أصبت قبل أكثر من عام، ولم يزرني أحد من الوزارة ولا من المؤسسة الأمنية. كأنّني تعرّضت لإصابة خلال عمل كنت أقوم به في بيتي، وليس خلال إسعافي رجال الشرطة". يضيف المسعف نفسه: "احتجت إلى أدوية وإلى علاج طبيعي، ولولا علاقاتي بكوادر طبية لكانت حالتي أسوأ ممّا أنا عليه اليوم. ولو رجعت إلى تلك الأيام، ما كنت لأستجيب للإشارة التي وصلتنا في نقطة الإسعاف". ويؤكد أنّه اضطر إلى مراجعة الأطباء على حسابه الخاص، من أجل متابعة حالته الصحية والتخفيف من آثار الإصابة التي ما زال يعاني منها، على الرغم من مرور أكثر من عام عليها.
اقــرأ أيضاً
ويدعو المسعف نفسه "جميع العاملين في مجال الإسعاف بسيناء، إلى ضرورة التهيؤ لوقفة حقيقية في وجه الوزارة والمؤسسة العسكرية، من أجل الاهتمام بالمسعفين عموماً وتحقيق شبكة أمان لهم، خصوصاً المصابين منهم، من خلال تأمين العلاج اللازم في أحدث المستشفيات التابعة للمؤسسة العسكرية. كذلك، لا بدّ من منحهم المكافآت اللازمة ليتمكنوا من الاستمرار في عملهم الذي يخاطرون خلاله بحياتهم. إلى ذلك، يجب توفير الأدوية والعلاجات اللازمة للمصابين، وتعويض أسر المسعفين الشهداء بالطريقة الملائمة بدلاً من إهمال ملفاتهم واضطرار عائلاتهم للتوجه إلى الإعلام من جديد".
يبدو أنّ حادثة وفاة المسعف أحمد جمال بعد إهمال طبي استمرّ طيلة فترة إصابته برصاص تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم "داعش" الإرهابي، خلال محاولته إنقاذ مجنّدين مصريين مصابين عند أحد كمائن (حواجز أمنية) مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء، لم تكن كافية لاستدعاء الاهتمام الحكومي بالمسعفين العاملين بسيناء، خصوصاً هؤلاء الذين أصيبوا خلال عملهم لإنقاذ مصابي الجيش والشرطة في خلال السنوات الماضية التي شهدت سيناء فيها هجمات عسكرية متبادلة.
وحظيت حادثة إصابة أحمد جمال باهتمام إعلامي محلي، هو الذي عانى بسبب عدم الاهتمام الكافي بحالته من قبل الحكومة المصرية والمؤسسة العسكرية التي أصيب وهو يحاول إنقاذ مجنّديها ليلقى حتفه على أثر ذلك. وقد استدعى الاهتمام الإعلامي تحركات خجولة من قبل وزارة الصحة والجيش المصري، تمثلت في زيارة المستشفى حيث تلقّى العلاج قبل وفاته. لكنّ ذلك لم يشكّل ضغطاً حقيقياً يدفع المعنيين إلى إنقاذ المصابين من بين المسعفين، أو التعهد بعلاجهم في مستشفيات ذات قدرات عالية مثل تلك التابعة للجيش المصري والتي يتلقّى المجندون المصابون العلاج فيها، في حين يُترك المسعفون لمعاناتهم التي قد تفضي إلى موتهم مثلما جرى مع أحمد.
يفيد مصدر طبي في مستشفى العريش العام بأنّ "ما لا يقلّ عن 30 مسعفاً أصيبوا على مدى السنوات الماضية برصاص الجيش المصري أو المجموعات التابعة لتنظيم ولاية سيناء، في أثناء تأديتهم واجبهم في نقل المصابين من المدنيين والعسكريين على حد سواء، خصوصاً في مدينتَي الشيخ زويد والعريش". يضيف لـ"العربي الجديد" أنّه "على الرغم من أنّ عدداً منهم أصيب بجروح خطيرة نتيجة تعرّضهم لإطلاق نار مباشر، فإنّ علاج معظمهم اقتصر على مستشفيات سيناء، وفي أحسن الأحوال السويس أو الإسماعيلية".
ويشير المصدر نفسه إلى أنّ "حادثة الإهمال الطبي بحقّ المسعف أحمد جمال سوف تلقي بظلالها على العمل الصحي في سيناء، خصوصاً الميداني منه والمتعلق بنقل الجرحى والقتلى من قوات الجيش والشرطة والتي تصل نسبة المخاطرة فيه إلى مائة في المائة. ويعود ذلك إلى أنّ المسعفين يدخلون إلى مناطق الاشتباكات المسلحة العنيفة، من دون أيّ حماية أو تنسيق مع قوات الجيش، فيعرّضهم ذلك بالتالي إلى الاستهداف المباشر من قبل التنظيم أو غير المقصود من قبل الجيش في حالة الاستنفار العسكري بعد التعرّض لهجوم ما. وهذا ما حدث كثيراً خلال السنوات الماضية".
وكان التنظيم قد هدّد العاملين في مجال الإسعاف بسيناء أكثر من مرّة، خصوصاً عندما كان في أوج قوته في أواخر عام 2015. وجاء في بيان أصدره مهدّداً المسعفين: "ما أسرع سيارتكم عند سماع دوي الانفجارات التي تمزقهم وتقطعهم وما أحرصكم على نجدتهم وما أبطأ سيركم وما أكثر أعذاركم عند ضعاف المسلمين ومرضاهم. (...) تجنّبوا إسعاف هؤلاء الطواغيت والابتعاد عن أماكنهم وأماكن استهدافهم قدر المستطاع ومن أصابه أذى منكم فلا يلومنّ إلا نفسه وقد أعذر من أنذر فإننا سنستهدف حتى المصابين منهم".
تجدر الإشارة إلى أنّ التنظيم هاجم نقاطاً للإسعاف بسيناء خلال السنوات الماضية واستولى على سيارات وأجهزة إرسال وأدوية، كذلك أطلق النار على سيارات الإسعاف عشرات المرّات خلال محاولتها إنقاذ قوات الجيش والشرطة التي تتعرض لهجمات مستمرة من قبل التنظيم. وقد أوقع ذلك خسائر بشرية ومادية في صفوف كوادر الإسعاف، وجعل عملهم محفوفاً بالمخاطر التي قد تودي بحياتهم أو التي لا تحظى بالاهتمام اللازم من قبل وزارة الصحة والمؤسسة العسكرية.
في السياق، التقى مراسل "العربي الجديد" أحدَ المسعفين الذين أصيبوا خلال إنقاذ مجندين من قوات الشرطة تعرّضوا لهجوم من قبل تنظيم ولاية سيناء على الطريق الدولي الرابط بين مدينتَي العريش وبئر العبد قبل عام. هو ما زال يعاني من آثار الإصابة التي خلّفت لديه عجزاً بنسبة 35 في المائة نتيجة إصابته برصاصة في يده وأخرى في قدمه.
يخبر المسعف وقد تحفّظ عن كشف هويته: "أصبت قبل أكثر من عام، ولم يزرني أحد من الوزارة ولا من المؤسسة الأمنية. كأنّني تعرّضت لإصابة خلال عمل كنت أقوم به في بيتي، وليس خلال إسعافي رجال الشرطة". يضيف المسعف نفسه: "احتجت إلى أدوية وإلى علاج طبيعي، ولولا علاقاتي بكوادر طبية لكانت حالتي أسوأ ممّا أنا عليه اليوم. ولو رجعت إلى تلك الأيام، ما كنت لأستجيب للإشارة التي وصلتنا في نقطة الإسعاف". ويؤكد أنّه اضطر إلى مراجعة الأطباء على حسابه الخاص، من أجل متابعة حالته الصحية والتخفيف من آثار الإصابة التي ما زال يعاني منها، على الرغم من مرور أكثر من عام عليها.
ويدعو المسعف نفسه "جميع العاملين في مجال الإسعاف بسيناء، إلى ضرورة التهيؤ لوقفة حقيقية في وجه الوزارة والمؤسسة العسكرية، من أجل الاهتمام بالمسعفين عموماً وتحقيق شبكة أمان لهم، خصوصاً المصابين منهم، من خلال تأمين العلاج اللازم في أحدث المستشفيات التابعة للمؤسسة العسكرية. كذلك، لا بدّ من منحهم المكافآت اللازمة ليتمكنوا من الاستمرار في عملهم الذي يخاطرون خلاله بحياتهم. إلى ذلك، يجب توفير الأدوية والعلاجات اللازمة للمصابين، وتعويض أسر المسعفين الشهداء بالطريقة الملائمة بدلاً من إهمال ملفاتهم واضطرار عائلاتهم للتوجه إلى الإعلام من جديد".