سلّطت زيارة رأس الكنيسة الأنغليكانية جوستن ويلبي إلى السودان السبت الماضي الضوء على أوضاع المسيحيين، الذين يعاني بعضهم انتهاكات متكررة لحقوقهم بالرغم من تكريسها في الدستور
يعيش بعض المسيحيين في السودان أوضاعاً صعبة يزيد من حدتها انفصال جنوب السودان ذي الأغلبية المسيحية في استفتاء 2011، وتكوين دولته المستقلة. تحول ملف الكنائس في الخرطوم إلى ملف أمني بحت تقلصت معه حقوق المسيحيين، وزادت شكواهم من التضييق الحكومي، وهو ما أثر بشكل مباشر في تأخير قرار أميركي برفع العقوبات الاقتصادية عن السودان في يونيو/ حزيران الماضي.
يقدّر عدد المسيحيين في السودان بعد انفصال الجنوب بنحو 1.4 مليون نسمة، أي ما يعادل 1.5 في المائة من عدد سكان السودان وفقاً لإحصائيات غير حكومية أصدرتها مراكز بحثية.
ضغوط
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد قرر تمديد مهلة الستة أشهر التي أقرها سلفه باراك أوباما لتقييم مدى التزام السودان بالمسارات الخمسة التي ستؤهله ليحظى بقرار رفع العقوبات الاقتصادية عنه بشكل كامل، ثلاثة أشهر إضافية حتى أكتوبر/ تشرين الأول المقبل. وهو ما يلفت النظر إلى أوضاع "الأقليات الدينية" في السودان، لا سيّما أنّ تصريحات الإدارة الأميركية ربطت ما بين تمديد مهلة العقوبات وأوضاع الحريات الدينية، خصوصاً أنّ القرار سبقته تصريحات للسفارة الأميركية في الخرطوم انتقدت فيها أوضاع حقوق الإنسان والحريات الدينية في البلاد، وأشارت إلى انتهاكات فيها، مشيرة إلى مصادرة الصحف واعتقال السياسيين السودانيين، فضلاً عن عمليات هدم الكنائس التي دفعت تقريراً أميركياً إلى تصنيف السودان من ضمن الدول المنتهكة لحرية الأديان.
في تطور جديد أقرت الحكومة السودانية قراراً ألزمت من خلاله المدارس التابعة للمؤسسات الكنسية بما فيها المدارس الخاصة، كمدارس "الكمبوني" الدينية بالتعطيل يوم السبت "باعتباره عطلة رسمية، ومزاولة نشاطها يوم الأحد" الأمر الذي اعتبره مسيحيون تضييقاً إضافياً عليهم وخطوة استفزازية، إذ دأبوا منذ إعلان الحكومة يومي الجمعة والسبت عطلة رسمية قبل عدة أعوام، على استئناف الدراسة السبت، وأخذ الأحد إجازة رسمية لتمكين المتعلمين والمعلمين المسيحيين من ممارسة شعائرهم الدينية والصلاة في الكنيسة. وجاءت هذه الخطوة خلال استعداد الخرطوم لاستقبال كبير أساقفة كنيسة كانتربري جوستن ويلبي، رأس الكنيسة الأنغليكانية حول العالم، الذي بدأ زيارة إلى البلاد السبت الماضي على رأس وفد يضم عدداً من أساقفة الكنيسة على مستوى العالم، للمشاركة في افتتاح الكنيسة الأنغليكانية في الخرطوم الأحد الماضي، بعد انتقال الكنيسة القديمة إلى دولة جنوب السودان عقب الانفصال. وهي زيارة سلطت الضوء على حقوق المسيحيين.
اقــرأ أيضاً
هدم كنائس
تواجه الحكومة السودانية من وقت إلى آخر انتقادات لاذعة من جهات ومنظمات دولية فضلاً عن المعارضة الداخلية بشأن انتهاكها الحريات الدينية وتضييقها على المسيحيين. شهدت الفترة الماضية محاكمات وصلت عقوبتها إلى الإعدام لعدد من القساوسة بسبب قضايا جنائية تتصل باتهامهم بالتخابر لصالح دول أجنبية وتقويض النظام الدستوري في البلاد، قبل أن تفرج عن بعضهم استجابة لضغوط دولية. وفي كلّ مرة تسارع الحكومة السودانية إلى استصدار بيانات عبر وزارة الخارجية لدحض الاتهامات بانتهاك حرية الأديان والتأكيد على احترام حقوق الأديان جميعها بالتساوي ومن دون تمييز.
مع انفصال جنوب السودان، اتخذت الحكومة حزمة إجراءات غيرت معها سياساتها تجاه الأقليات الدينية، فعمدت إلى إلغاء عطلة عيد الميلاد المجيد (الكريسماس) القومية، وقصرها على المسيحيين فقط، على أن يكون ذلك اليوم يوم عمل عادياً للمؤسسات والمدارس والهيئات الحكومية والخاصة، بعدما كانت عطلة رسمية. كذلك، عمدت إلى تصفية بعض المؤسسات المتصلة برعاية شؤون المسيحيين، وتعيين مسلمين في البعض الآخر.
من جهتها، أصدرت حكومة ولاية الخرطوم قراراً بإزالة 27 كنيسة في مناطق متفرقة من العاصمة بذريعة المخالفات في بنائها. وقد عمدت بالفعل إلى إزالة عدد من الكنائس، وهو ما أدى إلى انتقادات داخلية ودولية. ردّت الخرطوم أنّ الخطوة لم تقتصر على الكنائس، بل طاولت عمليات الإزالة مساجد وخلايا ومدارس مخالفة أيضاً.
ملف الحريات الدينية كان حاضراً على الدوام في زيارات خبير الأمم المتحدة المستقل الخاص بأوضاع حقوق الإنسان في السودان أريستيد نوننسي، وقد سأل الحكومة السودانية في زيارته الأخيرة عن هدم الكنائس.
وكانت البلاد قد شهدت كذلك خلال الفترة الماضية زيارات لمسؤوليين أميركيين وغربيين معنيين بملف الأديان، للاطمئنان على حقوق الأقليات الدينية في السودان، سبقتها تقارير حول انتهاك البلاد تلك الحريات والتضييق على الأديان إلى جانب الحكم بإعدام من يعتبر مرتداً عن الإسلام.
يشهد المسؤول السابق في مجلس التعايش الديني، الطيب زين العابدين بوجود تمييز ضد "الأقليات الدينية" في البلاد، بالرغم من تأكيده على تأمين معظم الحقوق الدينية لهم. يوضح: "هناك ظلم واقع على المسيحيين في ما يتصل بالتشدد في منحهم أراضي لإقامة كنائس، فضلاً عن عدم اعتماد وزارة التربية والتعليم معلمين للتربية المسيحية في المدارس المختلفة، بالرغم من تعيينها موجهين للتربية المسيحية ووضع امتحانات خاصة بها". يتابع: "المتعلمون المسيحيون يلجؤون إلى الكنائس لدرس التربية المسيحية عبر قساوسة الكنيسة هناك". يضيف: "العدالة المطلقة تتطلب توفير مدرسين للتربية المسيحية". يشير زين العابدين إلى حجج ظلت تسوّقها وزارة التربية عند إثارة مجلسه تلك النقطة معها بالتأكيد على غياب معلّمين مؤهلين. يؤكد أنّ حجج الوزارة انتهت تماماً بعدما استوفت كليات "كمبوني" الدينية المسيحية الشروط التي خطتها الوزارة لتعيين معلّمين للتربية المسيحية، ومن بينها حصول المعلّم على درجة علمية محددة. يعتبر أنّ ملف الحريات الدينية على المستوى الشعبي لا مشاكل فيه بالنظر إلى التعايش الديني الواضح في المجتمع السوداني: "في جبال النوبة جنوب البلاد، قد تجد في المنزل الواحد ديانات مختلفة مسلمة ومسيحية أو حتى لا دينية، وكلٌّ يمارس شعائره بحرية تامة".
غبن
في هذا الإطار، تعتبر المواطنة السودانية هيلين (45 عاماً) أنّ "هناك ممارسات حكومية تشعر المسيحيين بالغبن، ويتضح فيها التمييز، ما يجعلنا مواطنين من الدرجة الثانية، آخرها قرار إرغام المدارس الكنسية على إلغاء عطلة الأحد، فضلاً عن إلغاء إجازة الكريسماس". تتابع: "مشاركة المسلمين لنا في عيد الكريسماس بمباثة دافع إيجابي للتعايش. في الوقت الراهن لم يعد جيراني المسلمون يتذكرون الكريسماس لتهنئتنا وزيارتنا، كما كان قبل الانفصال". تضيف: "صادف أحد أعياد الكريسماس امتحانات ابنتي الكبرى في الجامعة واضطررنا إلى استغلال العيد لإيصالها إلى الجامعة وتقديم الدعم النفسي لها، فمن الصعب التغيب عن الامتحانات، لما في ذلك من خطورة على العام الدراسي كاملاً. آثرنا إضاعة فرحة العيد ذلك العام على إضاعة ابنتنا عاماً دراسياً كاملاً".
من جهته، يقول الأستاذ الجامعي والناشط المسيحي جمعة كنده إنّ التحديات التي واجهت مسيحيي السودان بعد الانفصال مختلفة في مستوياتها وطبيعتها. يشير إلى الفراغ الكبير في المؤسسات الخاصة بإدارة الشأن المسيحي بعد انفصال الجنوب، وينتقد خطوة الحكومة بإلغاء عطلة الكريسماس، وهي عطلة تحمل مدلولاً إيجابياً في ما يتصل بالتعايش السلمي بين الأديان. يعلّق: "الآن تقتصر العطلة على المسيحيين ولا معنى لها، فكيف أكون في عطلة وجيراني في الحي قد خرجوا إلى العمل؟ حتى إنّ بعض المسيحيين قد يكون لهم موعد معاملة رسمية في هذا النهار أو حتى امتحانات".
ينتقد كنده قرار الخرطوم إلزام المدارس الكنسية بالتعطيل السبت بدلاً من الأحد، ويشير إلى أنّ الخطوة تثير علامة استفهام كبيرة، وتشير إلى التضييق على المسيحيين: "يعني ذلك أن يذهب ابني إلى المدرسة بدلاً من الصلاة في الكنيسة". يضيف: "في رأيي هناك كثير من المسؤولين السودانيين الذين يعتقدون أنّه بعد انفصال الجنوب لم يعد هناك مجال للحديث عن حقوق المسيحيين بالرغم من تضمينها في الدستور والقوانين. فما يجري على الأرض مختلف عمّا في النصوص".
اقــرأ أيضاً
يعيش بعض المسيحيين في السودان أوضاعاً صعبة يزيد من حدتها انفصال جنوب السودان ذي الأغلبية المسيحية في استفتاء 2011، وتكوين دولته المستقلة. تحول ملف الكنائس في الخرطوم إلى ملف أمني بحت تقلصت معه حقوق المسيحيين، وزادت شكواهم من التضييق الحكومي، وهو ما أثر بشكل مباشر في تأخير قرار أميركي برفع العقوبات الاقتصادية عن السودان في يونيو/ حزيران الماضي.
يقدّر عدد المسيحيين في السودان بعد انفصال الجنوب بنحو 1.4 مليون نسمة، أي ما يعادل 1.5 في المائة من عدد سكان السودان وفقاً لإحصائيات غير حكومية أصدرتها مراكز بحثية.
ضغوط
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد قرر تمديد مهلة الستة أشهر التي أقرها سلفه باراك أوباما لتقييم مدى التزام السودان بالمسارات الخمسة التي ستؤهله ليحظى بقرار رفع العقوبات الاقتصادية عنه بشكل كامل، ثلاثة أشهر إضافية حتى أكتوبر/ تشرين الأول المقبل. وهو ما يلفت النظر إلى أوضاع "الأقليات الدينية" في السودان، لا سيّما أنّ تصريحات الإدارة الأميركية ربطت ما بين تمديد مهلة العقوبات وأوضاع الحريات الدينية، خصوصاً أنّ القرار سبقته تصريحات للسفارة الأميركية في الخرطوم انتقدت فيها أوضاع حقوق الإنسان والحريات الدينية في البلاد، وأشارت إلى انتهاكات فيها، مشيرة إلى مصادرة الصحف واعتقال السياسيين السودانيين، فضلاً عن عمليات هدم الكنائس التي دفعت تقريراً أميركياً إلى تصنيف السودان من ضمن الدول المنتهكة لحرية الأديان.
في تطور جديد أقرت الحكومة السودانية قراراً ألزمت من خلاله المدارس التابعة للمؤسسات الكنسية بما فيها المدارس الخاصة، كمدارس "الكمبوني" الدينية بالتعطيل يوم السبت "باعتباره عطلة رسمية، ومزاولة نشاطها يوم الأحد" الأمر الذي اعتبره مسيحيون تضييقاً إضافياً عليهم وخطوة استفزازية، إذ دأبوا منذ إعلان الحكومة يومي الجمعة والسبت عطلة رسمية قبل عدة أعوام، على استئناف الدراسة السبت، وأخذ الأحد إجازة رسمية لتمكين المتعلمين والمعلمين المسيحيين من ممارسة شعائرهم الدينية والصلاة في الكنيسة. وجاءت هذه الخطوة خلال استعداد الخرطوم لاستقبال كبير أساقفة كنيسة كانتربري جوستن ويلبي، رأس الكنيسة الأنغليكانية حول العالم، الذي بدأ زيارة إلى البلاد السبت الماضي على رأس وفد يضم عدداً من أساقفة الكنيسة على مستوى العالم، للمشاركة في افتتاح الكنيسة الأنغليكانية في الخرطوم الأحد الماضي، بعد انتقال الكنيسة القديمة إلى دولة جنوب السودان عقب الانفصال. وهي زيارة سلطت الضوء على حقوق المسيحيين.
تواجه الحكومة السودانية من وقت إلى آخر انتقادات لاذعة من جهات ومنظمات دولية فضلاً عن المعارضة الداخلية بشأن انتهاكها الحريات الدينية وتضييقها على المسيحيين. شهدت الفترة الماضية محاكمات وصلت عقوبتها إلى الإعدام لعدد من القساوسة بسبب قضايا جنائية تتصل باتهامهم بالتخابر لصالح دول أجنبية وتقويض النظام الدستوري في البلاد، قبل أن تفرج عن بعضهم استجابة لضغوط دولية. وفي كلّ مرة تسارع الحكومة السودانية إلى استصدار بيانات عبر وزارة الخارجية لدحض الاتهامات بانتهاك حرية الأديان والتأكيد على احترام حقوق الأديان جميعها بالتساوي ومن دون تمييز.
مع انفصال جنوب السودان، اتخذت الحكومة حزمة إجراءات غيرت معها سياساتها تجاه الأقليات الدينية، فعمدت إلى إلغاء عطلة عيد الميلاد المجيد (الكريسماس) القومية، وقصرها على المسيحيين فقط، على أن يكون ذلك اليوم يوم عمل عادياً للمؤسسات والمدارس والهيئات الحكومية والخاصة، بعدما كانت عطلة رسمية. كذلك، عمدت إلى تصفية بعض المؤسسات المتصلة برعاية شؤون المسيحيين، وتعيين مسلمين في البعض الآخر.
من جهتها، أصدرت حكومة ولاية الخرطوم قراراً بإزالة 27 كنيسة في مناطق متفرقة من العاصمة بذريعة المخالفات في بنائها. وقد عمدت بالفعل إلى إزالة عدد من الكنائس، وهو ما أدى إلى انتقادات داخلية ودولية. ردّت الخرطوم أنّ الخطوة لم تقتصر على الكنائس، بل طاولت عمليات الإزالة مساجد وخلايا ومدارس مخالفة أيضاً.
ملف الحريات الدينية كان حاضراً على الدوام في زيارات خبير الأمم المتحدة المستقل الخاص بأوضاع حقوق الإنسان في السودان أريستيد نوننسي، وقد سأل الحكومة السودانية في زيارته الأخيرة عن هدم الكنائس.
وكانت البلاد قد شهدت كذلك خلال الفترة الماضية زيارات لمسؤوليين أميركيين وغربيين معنيين بملف الأديان، للاطمئنان على حقوق الأقليات الدينية في السودان، سبقتها تقارير حول انتهاك البلاد تلك الحريات والتضييق على الأديان إلى جانب الحكم بإعدام من يعتبر مرتداً عن الإسلام.
يشهد المسؤول السابق في مجلس التعايش الديني، الطيب زين العابدين بوجود تمييز ضد "الأقليات الدينية" في البلاد، بالرغم من تأكيده على تأمين معظم الحقوق الدينية لهم. يوضح: "هناك ظلم واقع على المسيحيين في ما يتصل بالتشدد في منحهم أراضي لإقامة كنائس، فضلاً عن عدم اعتماد وزارة التربية والتعليم معلمين للتربية المسيحية في المدارس المختلفة، بالرغم من تعيينها موجهين للتربية المسيحية ووضع امتحانات خاصة بها". يتابع: "المتعلمون المسيحيون يلجؤون إلى الكنائس لدرس التربية المسيحية عبر قساوسة الكنيسة هناك". يضيف: "العدالة المطلقة تتطلب توفير مدرسين للتربية المسيحية". يشير زين العابدين إلى حجج ظلت تسوّقها وزارة التربية عند إثارة مجلسه تلك النقطة معها بالتأكيد على غياب معلّمين مؤهلين. يؤكد أنّ حجج الوزارة انتهت تماماً بعدما استوفت كليات "كمبوني" الدينية المسيحية الشروط التي خطتها الوزارة لتعيين معلّمين للتربية المسيحية، ومن بينها حصول المعلّم على درجة علمية محددة. يعتبر أنّ ملف الحريات الدينية على المستوى الشعبي لا مشاكل فيه بالنظر إلى التعايش الديني الواضح في المجتمع السوداني: "في جبال النوبة جنوب البلاد، قد تجد في المنزل الواحد ديانات مختلفة مسلمة ومسيحية أو حتى لا دينية، وكلٌّ يمارس شعائره بحرية تامة".
غبن
في هذا الإطار، تعتبر المواطنة السودانية هيلين (45 عاماً) أنّ "هناك ممارسات حكومية تشعر المسيحيين بالغبن، ويتضح فيها التمييز، ما يجعلنا مواطنين من الدرجة الثانية، آخرها قرار إرغام المدارس الكنسية على إلغاء عطلة الأحد، فضلاً عن إلغاء إجازة الكريسماس". تتابع: "مشاركة المسلمين لنا في عيد الكريسماس بمباثة دافع إيجابي للتعايش. في الوقت الراهن لم يعد جيراني المسلمون يتذكرون الكريسماس لتهنئتنا وزيارتنا، كما كان قبل الانفصال". تضيف: "صادف أحد أعياد الكريسماس امتحانات ابنتي الكبرى في الجامعة واضطررنا إلى استغلال العيد لإيصالها إلى الجامعة وتقديم الدعم النفسي لها، فمن الصعب التغيب عن الامتحانات، لما في ذلك من خطورة على العام الدراسي كاملاً. آثرنا إضاعة فرحة العيد ذلك العام على إضاعة ابنتنا عاماً دراسياً كاملاً".
من جهته، يقول الأستاذ الجامعي والناشط المسيحي جمعة كنده إنّ التحديات التي واجهت مسيحيي السودان بعد الانفصال مختلفة في مستوياتها وطبيعتها. يشير إلى الفراغ الكبير في المؤسسات الخاصة بإدارة الشأن المسيحي بعد انفصال الجنوب، وينتقد خطوة الحكومة بإلغاء عطلة الكريسماس، وهي عطلة تحمل مدلولاً إيجابياً في ما يتصل بالتعايش السلمي بين الأديان. يعلّق: "الآن تقتصر العطلة على المسيحيين ولا معنى لها، فكيف أكون في عطلة وجيراني في الحي قد خرجوا إلى العمل؟ حتى إنّ بعض المسيحيين قد يكون لهم موعد معاملة رسمية في هذا النهار أو حتى امتحانات".
ينتقد كنده قرار الخرطوم إلزام المدارس الكنسية بالتعطيل السبت بدلاً من الأحد، ويشير إلى أنّ الخطوة تثير علامة استفهام كبيرة، وتشير إلى التضييق على المسيحيين: "يعني ذلك أن يذهب ابني إلى المدرسة بدلاً من الصلاة في الكنيسة". يضيف: "في رأيي هناك كثير من المسؤولين السودانيين الذين يعتقدون أنّه بعد انفصال الجنوب لم يعد هناك مجال للحديث عن حقوق المسيحيين بالرغم من تضمينها في الدستور والقوانين. فما يجري على الأرض مختلف عمّا في النصوص".