يكتمل اليوم السبت، وصول الدفعة الأخيرة من قوات المعارضة الجنوبية بقيادة رياك مشار، إلى جوبا، في إطار تنفيذ اتفاقية السلام الشامل التي وقعتها المعارضة المسلحة مع الحكومة الجنوبية، في أغسطس/آب الماضي، بضغط من القوى الدولية والإقليمة.
وينتظر أن يصل زعيم المعارضة المسلحة مشار إلى جوبا، في الثامن عشر من الشهر الحالي، بعدما بعث برسالة خطية لمفوضية المراقبة والتقييم، تؤكد وصوله في التاريخ المحدد
ليربك بذلك حسابات وضعتها المفوضية في وقت سابق، حين أعلنت عن جدول لتكوين الحكومة الانتقالية حددت فيه وصول مشار إلى جوبا بعد غد الاثنين، على أن يعقد اجتماعاً مع الرئيس الجنوبي سلفاكير ميارديت، في اليوم التالي لوصوله، فيما يعقد البرلمان الانتقالي أولى جلساته الأربعاء، ويعقد مجلس الوزراء الجديد أولى جلساته منتصف الشهر.
ويرى مراقبون، أن خطوة مشار بتأجيل وصوله من شأنها أن تشجع رافضي السلام داخل الحكومة في جوبا، بالإقدام على تشكيل وإعلان الحكومة الانتقالية من جانب واحد، كما يرجح ألا يلتزم مشار بالوصول في التاريخ الذي أعلنه باعتبار أنه ينتظر الاستقرار الأمني.
ويقول المحاضر في جامعة هارفرد الأميركية، لوكا بيونق، لـ"العربي الجديد"، إن تأجيل عودة مشار حتى تاريخ 18 من هذا الشهر يرسل إشارة سيئة للاتفاقية، كما أنه يفتح الباب أمام من يقف ضد الاتفاقية لاستغلال الخطوة بشكل سيئ.
ويرى أن "أمام مشار فرص الأجدر أن يستغلها بدلا من تضييعها"، موضحاً أنه "إذا لم يتقيد بالتاريخ الجديد بالتأكيد فإنها ستحسب عليه"، ويرى بيونق أيضا أن وصول مشار لجوبا بمثابة خطوة أولى نحو تحقيق السلام رغما عن التحديات الكبيرة التي ستواجه التنفيذ.
المحاضر شدد على ضرورة أن تبتعد الأطراف عن العراك السياسي فيما يتصل بالقضايا المختلف عليها ومناقشتها بمرونة، واقترح لتجاوز عقبة تقسيم الولايات بإسناد الأمر لجهة مختصة لتقييم العملية ودراستها بشكل شامل، فضلا عن إيلاء اتفاقية اروشا لتوحيد الحركة الشعبية اهتماما أكبر باعتبار أن معظم القضايا تحتاج للحسم عبر المؤسسية، وهو إطار توفره أروشا، فيما حذر من استثمار سلفاكير ومشار الفترة الانتقالية والدخول في معارك لكسب الانتخابات، قاطعا بأن ذلك سيكون مشكلة كبيرة تواجه الفترة الانتقالية.
ويتمسك مشار بتنفيذ بند الترتيبات الأمنية لاسيما فيما يتصل باكتمال وصول ونشر قواته وطاقم حراسته في جوبا، فضلا عن خروج الجيش الحكومي من العاصمة، كشرط أساسي قبل وصوله واستلام مهامه كنائب أول لرئيس الجمهورية.
ووفقا لمراقبين، فإن مشار بات مترددا في الوصول إلى جوبا في إطار افتقاده الثقة في الحكومة في جوبا، ما يجعله يحرص على عملية التأمين لمواجهة أي طارئ، ولاسيما أن الرجل على دراية بوجود تيارات نافذه داخل الحكومة تتربص بالاتفاقية الهشة.
وتنتظر ملفات مهمة زعيم المعارضة، وتضع الاتفاقية برمتها على برميل من البارود وتهدد بنسفها في أية لحظة، أهمها مضي الحكومة في جوبا بعملية تقسيم الدولة الجديدة إلى "28" ولاية بدلا عن عشر، فضلا عن تحديد حجم قوات المعارضة وهو أمر لم تحسمه الاتفاقية فضلاً عن أزمة الثقة بين الطرفين.
وينظر المجتمع الدولي والإقليمي بحذر للتطورات في جنوب السودان، لاسيما بعد إحكام القبضة عليه بتوقف المؤسسات الدولية عن تمويله والتهديد بعقوبات من وقت لآخر. ومدد مجلس الأمن الدولي، الخميس، العقوبات المفروضة على دولة جنوب السودان لثلاثة اشهرـ وجاءت العقوبات تحت البند السابع والذي يتيح للقوات الأممية في جوبا استخدام القوة العسكرية لحماية المدنيين.