09 سبتمبر 2019
مشاهير بالأصالة ومشاهير بالوهم
يتساءل فنانون ومحبون للفن كثيرون عن سر شهرة مبدعين، وتهميش آخرين، على الرغم من كونهم متمكنين من الأدوات والتقنيات الإبداعية، تمكّنا يجعلهم في أعلى المنازل.
تساؤل هؤلاء وأولئك مشروع ما دام الأمر يتعلق بالإبداع باعتباره جسرا لتمرير قناعات وتوجيهات، علاوة على الإمتاع، فكم من مبدع خبير بمقتضيات الإبداع ظلّ مهمّشا طوال حياته، وغيره مشهور شهرة مبنية على التلميع الإعلامي، وربما النقدي؟ وكم من مبدع ذاق مرارة الفقر وويلاته، ومات وحيدا، ولم يعرف إلا بعد موته بسنوات؟ وكم من مبدع ذاع صيته فجأة، فاستغرب الأمر بنفسه قبل غيره؟ وكم مبدع انتحل صفة الإبداع، فصار مبدعا شهيرا يحتفى به، يُكرَّم، وتُقدَّم له الجوائز فيتسلمها بلا حياء ولا ضمير، ويصفق له كي يخرج على الجماهير بإبداعات تقيَّم تقييما أعمى، بناء على الجوائز والألقاب الوهمية السابقة؟
اشتغل مبدعون في الظل، بعيدا عن الأضواء، فجاءت إبداعاتهم صادقةً نابعةً من ضمير وتجربة عميقة وأصيلة، ولم يفوزوا، بل لم يشاركوا أصلا في مسابقاتٍ تتطلب السفر والظهور أمام الكاميرات وفوق المنصات وأمام جماهير من كل الطبقات، اختاروا أن يعيشوا مستمتعين بإبداعاتهم، نافخين فيها ما يرونه مفسّرا ومغيّرا للواقع.
وهناك "مبدعون" بدأوا حديثا، فملأت أسماؤهم الآفاق، كتبت عنهم الأقلام، وزغردت لهم ألسنة، والتقطت الكاميرات صورهم، وبرزوا في الجرائد والإذاعات وعلى التلفزيون، وفي شبكات التواصل الاجتماعي، فأفلحوا ماديا ومعنويا على حساب مبدعين حقيقيين أخلصوا للإبداع فأثمر لهم بصدق، وجاءوا الإبداع من بابه، فخضع لهم، وبعدها لم يأبهوا بفلان وعلان ومن سار على منوالهم فاشتهر، تمسّكوا بالإبداع، وأدمنوا عليه، وصار لهم بمثابة الخبز والماء في حياتهم، فرافقوه ورافقهم حتى الموت، وبعد موتهم كانت إبداعاتهم الأصيلة تتحدى موت أصحابها، فتنشر رسائلهم الإنسانية في كل العالم.
الإعلام والقائمون عليه هو المنفذ الفعال لإشهار هذا المبدع على حساب غيره ممن لا علاقة حميمية له بالإبداع وآلياته ومقتضياته، ولم تكن له تجربة أصيلة مبنية على أسس متينة، ترقى به إلى مدارج الإبداع الحقيقي، إبداع مؤسس على الفرادة والأصالة والجمالية غير المكررة، ما يجعله يحمل استمراريته في قالبه ومحتواه.
علاوة على ذلك، الإبداع الحق قبل أن يصير كذلك عرج بصاحبه في تعب التلقي والملاحظة والتجريب والمحاولة بعد المحاولة، ما يجعله يستجيب لمتطلبات الجماهير التواقة إلى المتعة والتبصر في الواقع، قصد التعمّق في إدراك خباياه المظلمة، وبذلك يساهم في التنوير والتطوير والانعتاق.
تساؤل هؤلاء وأولئك مشروع ما دام الأمر يتعلق بالإبداع باعتباره جسرا لتمرير قناعات وتوجيهات، علاوة على الإمتاع، فكم من مبدع خبير بمقتضيات الإبداع ظلّ مهمّشا طوال حياته، وغيره مشهور شهرة مبنية على التلميع الإعلامي، وربما النقدي؟ وكم من مبدع ذاق مرارة الفقر وويلاته، ومات وحيدا، ولم يعرف إلا بعد موته بسنوات؟ وكم من مبدع ذاع صيته فجأة، فاستغرب الأمر بنفسه قبل غيره؟ وكم مبدع انتحل صفة الإبداع، فصار مبدعا شهيرا يحتفى به، يُكرَّم، وتُقدَّم له الجوائز فيتسلمها بلا حياء ولا ضمير، ويصفق له كي يخرج على الجماهير بإبداعات تقيَّم تقييما أعمى، بناء على الجوائز والألقاب الوهمية السابقة؟
اشتغل مبدعون في الظل، بعيدا عن الأضواء، فجاءت إبداعاتهم صادقةً نابعةً من ضمير وتجربة عميقة وأصيلة، ولم يفوزوا، بل لم يشاركوا أصلا في مسابقاتٍ تتطلب السفر والظهور أمام الكاميرات وفوق المنصات وأمام جماهير من كل الطبقات، اختاروا أن يعيشوا مستمتعين بإبداعاتهم، نافخين فيها ما يرونه مفسّرا ومغيّرا للواقع.
وهناك "مبدعون" بدأوا حديثا، فملأت أسماؤهم الآفاق، كتبت عنهم الأقلام، وزغردت لهم ألسنة، والتقطت الكاميرات صورهم، وبرزوا في الجرائد والإذاعات وعلى التلفزيون، وفي شبكات التواصل الاجتماعي، فأفلحوا ماديا ومعنويا على حساب مبدعين حقيقيين أخلصوا للإبداع فأثمر لهم بصدق، وجاءوا الإبداع من بابه، فخضع لهم، وبعدها لم يأبهوا بفلان وعلان ومن سار على منوالهم فاشتهر، تمسّكوا بالإبداع، وأدمنوا عليه، وصار لهم بمثابة الخبز والماء في حياتهم، فرافقوه ورافقهم حتى الموت، وبعد موتهم كانت إبداعاتهم الأصيلة تتحدى موت أصحابها، فتنشر رسائلهم الإنسانية في كل العالم.
الإعلام والقائمون عليه هو المنفذ الفعال لإشهار هذا المبدع على حساب غيره ممن لا علاقة حميمية له بالإبداع وآلياته ومقتضياته، ولم تكن له تجربة أصيلة مبنية على أسس متينة، ترقى به إلى مدارج الإبداع الحقيقي، إبداع مؤسس على الفرادة والأصالة والجمالية غير المكررة، ما يجعله يحمل استمراريته في قالبه ومحتواه.
علاوة على ذلك، الإبداع الحق قبل أن يصير كذلك عرج بصاحبه في تعب التلقي والملاحظة والتجريب والمحاولة بعد المحاولة، ما يجعله يستجيب لمتطلبات الجماهير التواقة إلى المتعة والتبصر في الواقع، قصد التعمّق في إدراك خباياه المظلمة، وبذلك يساهم في التنوير والتطوير والانعتاق.
لحسن ملواني
كاتب مغربي. يعبّر عن نفسه بالقول "الإبداع حياة".
لحسن ملواني