تتجّه كوبنهاغن لتبني مقترح زعيم اليمين المتشدد، كريستيان ثولسن دال، بتشديد قانون الأجانب، في ما يتعلق باللاجئين، ويشمل نحو 4500 سوري وفلسطيني، بـ9 نقاط مقترحة لترحيلهم إلى بلدهم الأصلي بعد تأمين موافقة يسار الوسط.
وفي تفاصيل النقاشات الجارية بشأن تلك النقاط، تصف صحافة البلد ومعلقوها وخبراء سياسات الهجرة تلك التعديلات بالأكثر تشددا وبـ"التحول السياسي الكبير"، خصوصا أن أكبر أحزاب المعارضة في يسار الوسط، "الحزب الاجتماعي الديمقراطي"، بزعامة ميتا فردريكسن، يبدي تأييده وينظر بإيجابية إلى أغلب النقاط المقترحة، والتي تحيل إقامة آلاف السوريين، وغيرهم، الدائمة في الدنمارك إلى مهمة شبه مستحيلة، حتى لو قضوا سنوات في البلد. بل إنّ المقترحات التي يؤيدها الحزب الليبرالي، الذي يقود تحالف حكومة يمين الوسط، أقرب إلى تبنيها ليجعل حتى قضية لمّ شمل الأسر مستحيلة وخاضعة لمساومة مالية للتخلي عنها.
ويهدف مشروع التعديلات بعنوان "برنامج الإعادة إلى الوطن للمقيمين مؤقتا"، وفق المسودة المطروحة، إلى استبدال سياسة "الحماية المؤقتة" إلى برنامج تأهيل للترحيل إلى الوطن الأصلي بإلغاء الدمج وتعلم اللغة والانخراط في السوق الدنماركي، في مقابل محفزات مالية للعائدين طوعيا، ولمن يتخلون عن حق لم الشمل.
وشهد العام الماضي بداية طرح "الشعب الدنماركي" لمشروع شبيه، أوقف بفعل رفض يسار الوسط له، ليعود الأخير ويوافق عليه اليوم. وهو أمر يرى فيه اليسار "رضوخا أمام تأثير اليمين الشعبوي على السياسات الدنماركية".
نقاط برنامج الإعادة إلى الوطن
نقاط "برنامج الإعادة إلى الوطن" تعتبر تغييرا جذريا يطاول مستقبل الآلاف من الحاصلين على "لجوء مؤقت". فعلى عكس المعمول به اليوم، بتحويل الحماية المؤقتة إلى دائمة من خلال تجميع نقاط اندماج وتعلم لغة وانخراط في عمل ودراسة، فإن العمل سيتركز على تسريع الترحيل، بموافقة وتأييد يسار الوسط.
وعمليا يشمل ذلك بشكل أساس 4500 من سورية ممن تصنفهم قوانين اللجوء بأنهم "لا يعانون من ملاحقة فردية (في البلد الأصلي)". ويبدي يسار الوسط موافقة على هذه النقطة، التي ستحرم وبمفعول رجعي الآلاف من الاستقرار في البلد. ويعتبر اليسار المعارض هذه النقطة مخالفة للالتزامات الدولية، فيما مؤيدو شطب الدمج لهذه الفئة يصرون على أن قانون اللجوء يقوم على "وجود تهديد فردي".
وفي ما يرتبط بسعي اللاجئين إلى العمل على تجميع نقاط لتحويل الإقامة المؤقتة إلى دائمة يذهب المقترح في بنده الثاني إلى أنه "يجب أن يكون واضحا أن إجادة اللغة الدنماركية ليست في حد ذاتها كافية للحفاظ على تصريح الإقامة".
وبالنسبة للأطفال، عكس المعمول به اليوم، باحتساب سنوات بقائهم في البلد لقياس مدى الصلة الوثيقة بالدنمارك مقارنة بالوطن الأصلي "وبغض النظر عن عمر الطفل خلال السنوات الخمس الأولى من الإقامة، فلن يشمل تقييم الحالات سنوات الإقامة في ما يخص سحبها من الأسرة تمهيدا للترحيل".
أما تجديد الإقامة للمقيمين بلجوء مؤقت، فسيدخل عليه تعديل يقضي بوجود "تعهد خطي موقع، حيث يعلن الأجنبي فيه عن موافقته، من بين أمور أخرى، على أن إقامته في البلد مؤقتة وأنه يجب عليه العودة إلى الوطن الأصلي حينما تتغير ظروف البلد". ويعني ذلك عمليا أن كل شخص يجدد أوراق إقامته سيكون ملزما قانونيا بتوقيع تعهد "ترك البلد حين يطلب منه أو تحين الظروف".
وفي المقترح الخامس، يعتبره الرافضون "تحولا فعليا في سياسة دولة الرعاية في بلد اسكندنافي في ما يخص عدم التمييز بين السكان، يبدو أن كوبنهاغن تسير نحو فرض إلغاء التزامات وواجب البلديات بتأمين مسكن ثابت للاجئي الحماية المؤقتة".
يعني عمليا ذلك تبنياً لسياسة شبيهة مطبقة في ألمانيا وغيرها من دول أوروبا، حيث يعاني اللاجئون في بحثهم عن سكن ثابت لهم ولأسرهم، في حال وجود أسرة.
ويأتي البند السادس ليشرح الهدف من "برنامج العودة" واستهداف منع لم الشمل أصلا. فمن بين أشياء أخرى تبرز المحفزات المالية لدفع السوريين بشكل أساسي، وفقا لمصادر صحيفة "بوليتيكن" وغيرها من وسائل الإعلام الدنماركية، للعودة إلى بلدهم "يجري العمل بخيار رفع قيمة مشروع العودة إلى الوطن بـ20 ألف كرونه، للحاصلين على لجوء مؤقت ويوافقون طوعيا على العودة قبل مضي 3 سنوات على تصريح الإقامة، وقبل تطبيق لم شمل الأسرة، ليصل المبلغ إلى نحو 156 ألف كرونه". وعمليا يعني ذلك أنه سواء كان المعني رجلا أو امرأة ينتظران لم شمل الأزواج والأطفال، وقبل مرور الفترة القانونية للانتظار وهي 3 سنوات، يمكنهما الحصول على المبلغ لبدء حياة جديدة في بلدهما.
ويرتبط المقترح السابع بما سبقه بلم الشمل "فإذا تخلى اللاجئ المؤقت عن حقه بطلب لم الشمل يمكن تعويضه شهريا بألف كرونه لمساعدة الأزواج والأطفال في بلد المنشأ، ولشخصين كحد أقصى. ويتطلب ذلك توقيعه تعهدا خطيا بتخليه عن حق لم شمل أسرته".
وتمضي المقترحات لتشمل ما يشبه فرض منع الاندماج وتعلم اللغة بمقترح "إلغاء المكافأة النقدية بقيمة 6 آلاف كرونه المعمول بها الآن (لمرة واحدة) في حال اجتياز اللاجئ بإقامة مؤقتة اختبار اللغة الدنماركية من الدرجة الثانية".
وبالرغم من التشكيك الذي يبديه الاجتماعي الديمقراطي بالنسبة لهذه النقطة تحديدا، فإن اليسار يرى في هذا التحفظ "حالة نفاق وازدواجية أمام موافقته على كل ما تقدم من نقاط"، وفقا لما يذهب عضو البرلمان عن اللائحة الموحدة، نيكولاي فيلومسن، اليوم الثلاثاء. وفي المقترح التاسع، الذي يبدي أيضا الاجتماعي الديمقراطي تحفظه عليه، فإنه سيجري "وقف تدريس الاندماج الأساسي للاجئين المؤقتين"، وتلك الدراسة المسماة اختصارا IGU (دراسة الدمج الأساسية) منحت الكثيرين فرصة لمواصلة تعليمهم ودخولهم إلى سوق العمل الدنماركي، فيما الإلغاء سيجعل الآلاف بلا تعليم أو معرفة بالمجتمع الذي يقيمون فيه.
بالمجمل يبدو عمليا أن بنود تشديد قانون اللجوء تهدف إلى "تحفيز وإقناع اللاجئين والمهاجرين، ممن لا يصنفون تحت بند اللجوء وفقا لمعاهدة جنيف بالخصوص، والفارين من ويلات الحروب، بأن يعيشوا على هامش المجتمع، بهدف فرض فكرة الرحيل عن الدنمارك في نهاية المطاف"، بحسب حزب "اللائحة الموحدة" اليساري.