مرّت أكثر من أربعة أعوام على ثورة 14 يناير/ كانون الثاني 2011 في تونس، تلك الثورة التي أطاحت بالنظام السابق، وراح ضحيتها 321 شهيداً، و3750 جريحاً معظمهم من الشباب. هؤلاء بالذات ما زال الكثير منهم يعاني من مشاكل طبية وإصابات دائمة حرمت بعضهم المشي على قدميه.
من هؤلاء، مسلم قصد الله (27 عاماً) من منطقة الوردانين في محافظة المنسيتر بالساحل التونسي. أصيب برصاصتين ليلة 15 يناير/كانون الثاني 2011. كان حينها أحد شباب لجان حماية الأحياء. وكان حاضراً خلال مرور موكب سيارات ابن شقيق الرئيس المخلوع، زين العابدين بن علي، قيس بن علي، الذي حاول الهرب. وحين حاول قصد الله التصدي له، واجه وبقية الشباب الرصاص، فقتل أربعة شبان وجرح هو وعدد من رفاقه، فقد أصيب برصاصتين في ساقه اليمنى.
إصابة قصد الله قلبت حياته بالكامل. وما زال يعاني من تدهور صحي حتى اليوم. ورغم ذلك يعلن: "حين طلبوا مني التضحية ضحيت بساقي. وإن طلبوا مني روحي لفعلت، لأنّ لي أصدقاء اليوم لا يبخلون عن حملي إذا سقطت ودفعي إلى الأمام حين أعجز عن المشي".
كان قصد الله قبل الثورة عاملاً يومياً بسيطاً يبيع الخضار يوماً وغير ذلك في أيام أخرى. وكان يعيش مع والديه في منطقة صغيرة في الساحل التونسي.
بعد إصابته نقل إلى المستشفى العام في محافظة سوسة الساحلية حيث أقام أكثر من عام. لم تتحسن حالته رغم إخراج الرصاصتين، فقد أدت الإصابة إلى التهاب ساقه. واستمر في تلقي العلاج حتى مايو/ أيار 2013، عندما سافر إلى قطر للعلاج برفقة 6 جرحى آخرين. هناك قرر الأطباء بتر ساقه بعد الفشل في إنقاذها.
شعر بالإحباط من هذا القرار، ومع ذلك ظنّ أنّه سيودع آلامه مع بتر الساق، لكن لم تنته المعاناة. سافر إلى فرنسا من أجل تركيب ساق اصطناعية، لكن لم يستطع الأطباء هناك أيضاً التخفيف من آلامه. أجرى أكثر من 26 عملية جراحية حتى بات أسير كرسي متحرك.
كل ذلك ولم يلق قصد الله اهتماماً كبيراً من السلطات الرسمية، ولا من لجنة شهداء وجرحى الثورة في المجلس التأسيسي، بحسب قوله، بل لقي الدعم فقط من المنظمات ومؤسسات المجتمع المدني والأصدقاء الذين ساعدوه في مصاريف العلاج.
ومنذ ذلك الحين، يعيش أزمة نفسية، خصوصاً بعد نقله إلى مستشفى الرازي للأمراض العصبية قبل عامين. هناك حاول الانتحار 5 مرات، منها عبر قطع شرايينه وبطنه بقطعة زجاج. كما كان آخرها بتاريخ 8 يونيو/ حزيران الماضي بتناوله كمية كبيرة من الأدوية.
يقول إنّ محاولته الأخيرة بالذات تعود إلى إحباطه ويأسه من تهميش الدولة ملف شهداء وجرحى الثورة، وما يحتاجونه من علاج. كما يؤكد المشرفون عليه حاجته الدائمة والملحة للرعاية النفسية والاجتماعية.
وعن وضعه الحالي، يقول قصد الله: "أود أن تصل هذه الصورة لمن وعدنا بالوقوف إلى جانبنا، لكن بعد فترة من تحقيق مبتغاه نسي وعوده. أدركت جيداً أنّ الصعود إلى القمة يجعلك تدوس على من استندت عليهم في الصعود. هذه الجروح التي لم تلتئم شبيهة بأقوالكم ووعودكم التي لم يتحقق منها شيء".
ويضيف: "لا أحد من لجنة الدولة المكلفة بملفات عائلات شهداء وجرحى الثورة اهتم بملفي ومتابعة علاجي. ما زلت حتى اليوم أعاني الكثير من تهميش الدولة لي وعدم اهتمامها أبداً بحالتي الصحية، خصوصاً أنّ الطبيب أعلمني بضرورة إجراء عملية جراحية أخرى تهدف إلى تركيب جهاز صغير في ساقي يخفف عني الآلام، وهي العملية السابعة والعشرون، بحسب ما أذكر".
على مدى السنوات الماضية بدأ قصد الله أكثر من إضراب عن الطعام للمطالبة بالاهتمام بملف شهداء وجرحى الثورة. هو لا يطالب بتعويضات.. فقط يطالب بحقه في العناية الصحية اللازمة بعد أن أصبح أسير كرسي متحرك أو عكازين. تحصّل أسوة بغيره من جرحى الثورة على عمل بسيط كحارس في سكن جامعي. هناك يقطن اليوم مع والديه. وبات هذا العمل مورد رزقه الوحيد بالرغم من أنّ دخله الشهري لا يكفي لتغطية نفقاته الصحية. فهو ما زال يبحث عن حلّ لآلامه التي ضجر منها، وأمضى أكثر من 4 أعوام بين المستشفيات يطارد هذا الأمل.
لا يبدي مسلم قصد الله ندماً على مشاركته في الثورة بأيّ شكل. صحيح أنّه تعرّض للرصاص وأصيب وما زال يعاني من إصابته، لكنّه راضٍ عن مشاركته تلك التي منحت وطنه الحرية. ومع ذلك، فهو يتألم من الخذلان الذي تعرض له بعد أن نال مع غيره حريتهم. حرية ضحى من أجلها بالكثير كما ضحى المئات من الشهداء والجرحى.
اقرأ أيضاً: حقوقية تونسية: التعذيب متواصل في السجون ومراكز التوقيف
من هؤلاء، مسلم قصد الله (27 عاماً) من منطقة الوردانين في محافظة المنسيتر بالساحل التونسي. أصيب برصاصتين ليلة 15 يناير/كانون الثاني 2011. كان حينها أحد شباب لجان حماية الأحياء. وكان حاضراً خلال مرور موكب سيارات ابن شقيق الرئيس المخلوع، زين العابدين بن علي، قيس بن علي، الذي حاول الهرب. وحين حاول قصد الله التصدي له، واجه وبقية الشباب الرصاص، فقتل أربعة شبان وجرح هو وعدد من رفاقه، فقد أصيب برصاصتين في ساقه اليمنى.
إصابة قصد الله قلبت حياته بالكامل. وما زال يعاني من تدهور صحي حتى اليوم. ورغم ذلك يعلن: "حين طلبوا مني التضحية ضحيت بساقي. وإن طلبوا مني روحي لفعلت، لأنّ لي أصدقاء اليوم لا يبخلون عن حملي إذا سقطت ودفعي إلى الأمام حين أعجز عن المشي".
كان قصد الله قبل الثورة عاملاً يومياً بسيطاً يبيع الخضار يوماً وغير ذلك في أيام أخرى. وكان يعيش مع والديه في منطقة صغيرة في الساحل التونسي.
بعد إصابته نقل إلى المستشفى العام في محافظة سوسة الساحلية حيث أقام أكثر من عام. لم تتحسن حالته رغم إخراج الرصاصتين، فقد أدت الإصابة إلى التهاب ساقه. واستمر في تلقي العلاج حتى مايو/ أيار 2013، عندما سافر إلى قطر للعلاج برفقة 6 جرحى آخرين. هناك قرر الأطباء بتر ساقه بعد الفشل في إنقاذها.
شعر بالإحباط من هذا القرار، ومع ذلك ظنّ أنّه سيودع آلامه مع بتر الساق، لكن لم تنته المعاناة. سافر إلى فرنسا من أجل تركيب ساق اصطناعية، لكن لم يستطع الأطباء هناك أيضاً التخفيف من آلامه. أجرى أكثر من 26 عملية جراحية حتى بات أسير كرسي متحرك.
كل ذلك ولم يلق قصد الله اهتماماً كبيراً من السلطات الرسمية، ولا من لجنة شهداء وجرحى الثورة في المجلس التأسيسي، بحسب قوله، بل لقي الدعم فقط من المنظمات ومؤسسات المجتمع المدني والأصدقاء الذين ساعدوه في مصاريف العلاج.
ومنذ ذلك الحين، يعيش أزمة نفسية، خصوصاً بعد نقله إلى مستشفى الرازي للأمراض العصبية قبل عامين. هناك حاول الانتحار 5 مرات، منها عبر قطع شرايينه وبطنه بقطعة زجاج. كما كان آخرها بتاريخ 8 يونيو/ حزيران الماضي بتناوله كمية كبيرة من الأدوية.
يقول إنّ محاولته الأخيرة بالذات تعود إلى إحباطه ويأسه من تهميش الدولة ملف شهداء وجرحى الثورة، وما يحتاجونه من علاج. كما يؤكد المشرفون عليه حاجته الدائمة والملحة للرعاية النفسية والاجتماعية.
وعن وضعه الحالي، يقول قصد الله: "أود أن تصل هذه الصورة لمن وعدنا بالوقوف إلى جانبنا، لكن بعد فترة من تحقيق مبتغاه نسي وعوده. أدركت جيداً أنّ الصعود إلى القمة يجعلك تدوس على من استندت عليهم في الصعود. هذه الجروح التي لم تلتئم شبيهة بأقوالكم ووعودكم التي لم يتحقق منها شيء".
ويضيف: "لا أحد من لجنة الدولة المكلفة بملفات عائلات شهداء وجرحى الثورة اهتم بملفي ومتابعة علاجي. ما زلت حتى اليوم أعاني الكثير من تهميش الدولة لي وعدم اهتمامها أبداً بحالتي الصحية، خصوصاً أنّ الطبيب أعلمني بضرورة إجراء عملية جراحية أخرى تهدف إلى تركيب جهاز صغير في ساقي يخفف عني الآلام، وهي العملية السابعة والعشرون، بحسب ما أذكر".
على مدى السنوات الماضية بدأ قصد الله أكثر من إضراب عن الطعام للمطالبة بالاهتمام بملف شهداء وجرحى الثورة. هو لا يطالب بتعويضات.. فقط يطالب بحقه في العناية الصحية اللازمة بعد أن أصبح أسير كرسي متحرك أو عكازين. تحصّل أسوة بغيره من جرحى الثورة على عمل بسيط كحارس في سكن جامعي. هناك يقطن اليوم مع والديه. وبات هذا العمل مورد رزقه الوحيد بالرغم من أنّ دخله الشهري لا يكفي لتغطية نفقاته الصحية. فهو ما زال يبحث عن حلّ لآلامه التي ضجر منها، وأمضى أكثر من 4 أعوام بين المستشفيات يطارد هذا الأمل.
لا يبدي مسلم قصد الله ندماً على مشاركته في الثورة بأيّ شكل. صحيح أنّه تعرّض للرصاص وأصيب وما زال يعاني من إصابته، لكنّه راضٍ عن مشاركته تلك التي منحت وطنه الحرية. ومع ذلك، فهو يتألم من الخذلان الذي تعرض له بعد أن نال مع غيره حريتهم. حرية ضحى من أجلها بالكثير كما ضحى المئات من الشهداء والجرحى.
اقرأ أيضاً: حقوقية تونسية: التعذيب متواصل في السجون ومراكز التوقيف