كشف مصدر مقرب من برلمان طبرق، شرق ليبيا، لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، خفايا الدور الإماراتي للسيطرة على موارد النفط في البلاد، خصوصاً أن قرار اللواء المتقاعد خليفة حفتر القاضي بتحويل تبعية حقول وموانئ النفط إلى مؤسسة النفط الموازية في بنغازي مازال يثير جدلا وتساؤلات عديدة.
مصدر مقرب من لجنة الطاقة والموارد الطبيعية بمجلس برلمان طبرق كشف أن القرار تقف وراءه شخصيات من دولة الإمارات، مؤكداً أن من بينهم ممثلين عن مجموعة الغرير الإماراتية، كانوا ضمن غرفة متكاملة للتخطيط للسيطرة كليا على موارد النفط.
وقال المصدر لـ"العربي الجديد" إن الإمارات "وقفت بقوة خلال معركة سيطرة حفتر الأخيرة على الهلال النفطي، بعد أن شاركت في التحضير لها بشكل كبير على صعيد السلاح والتمويل أيضا".
ولفت المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى أن الإمارات "تمتلك مشاريع عديدة تتقاسم رغبة تنفيذها مع دول حليفة لها كمصر وروسيا وفرنسا، مضيفاً "الإمارات وصلت مبكرا إلى النفط الليبي بواسطة تعاقدات رسمية مع النظام السابق، وتحديدا في راس لانوف منذ عام 2009، وتحديداً من خلال شركة تراسا للطاقة، وهي شركة لآل الغرير الإماراتية، لتنتج بذلك شركة ليبية إماراتية عرفت باسم "ليركو" لا تزال تحتفظ بحقوقها في راس لانوف حتى الآن".
كما أشار إلى أن "تراسا التي يملكها رجل الأعمال الإماراتي عيسى الغرير، لم تتوقف عن السعي للاستحواذ على شركة "ليركو" بكاملها، وكانت آخر محاولاتها الضغط على الجانب الليبي من خلال دعوى قضائية رفعتها ضد مؤسسة النفط الليبية أمام محكمة غرفة التجارة الدولية بباريس لتعويضها بـ 812 مليون دولار، لكنها خسرتها برفض المحكمة طلب التعويض في يناير/كانون الثاني الماضي".
وحسب المصدر فإن "قرارات نظام القذافي المتعلقة بتقنين جديد لحصص ونسب الشركات النفطية العاملة في ليبيا تسبب في خلافات كبيرة لليبيا مع تلك الشركات، وطاولت إرباكات ذلك القرار استثمارات آل الغرير، لتبدأ الأخيرة بقيادة ابنها محمد في شراء ذمم الكثير من المسؤولين الليبيين رفيعي المستوى".
وكشف المصدر عن عدد من الأسماء التي ارتبطت بعلاقات وشركات مع دولة الإمارات، على رأسهم السياسي الليبي البارز محمود جبريل رئيس حزب تحالف القوى الوطنية من خلال قريبه عارف النايض، الذي شغل منصب سفير ليبيا لدى أبوظبي لسنين، وبحسب المصدر فقد "مهد الأخير لعلاقات مع متنفذين ليبيين في قطاع النفط".
بدايات تورط مسؤولين ليبيين
وبحسب المصدر، فإن "أولى تلك المحاولات التي ظهرت للعلن محاولة إبراهيم الجضران رئيس حرس المنشآت النفطية السابق، والذي كان في عام 2013 يترأس كيانا محليا عرف باسم مكتب إقليم برقة الفدرالي، عندما استقبل ناقلة نفط عرفت قضيتها باسم (حادثة الناقلة مورننغ غلوري) وهي ناقلة هندية في الأصل كانت حملت شحنة نفط من ميناء السدرة في مارس/آذار 2014 لصالح آل الغرير من خلال شركتهم ENoc كوسيط في هذه العملية غير القانونية"، وتابع "تلك المحاولة الفاشلة تورط فيها مسؤولون ليبيون، وهم حافظ قدارة وعارف النايض وزكريا صهد، وانتهت تداعيات فشلها إلى حد الإطاحة برئيس الحكومة الليبية وقتها علي زيدان".
وتابع المصدر "في العام 2015 كان مسؤولون إماراتيون وراء قرار حكومة عبد الله الثني التابعة للبرلمان في طبرق بشأن إنشاء مؤسسة النفط الموازية في بنغازي والأمر بالبدء في إنتاج وتصدير النفط".
وكشف أن الحساب المصرفي الذي افتتح لهذه المؤسسة تلك الآونة، كان بمعرفة حكام الإمارات وتحديدا في بنك Deutsche Bank أحد البنوك التي تمتلك فروعا في دبي وبمعرفة رفيق النايض شقيق العارف النايض سفير ليبيا لدى الإمارات، والذي أسس أول فرع لهذه المؤسسة في دبي وبدأ اتصالات مكثفة لافتتاح فروع أخرى لها في عواصم أخرى.
السيطرة على موارد النفط
أما عن قرار حفتر الأخير الساعي للسيطرة على موارد النفط، فقال المصدر "جاء بعد اتفاق مع الإمارات التي ماطلت في تقديم الدعم له لأيام لاسترجاع سيطرته على منطقة الهلال لينصاع حفتر لرغباتها للاستحواذ على قرار تصدير وإنتاج النفط عبر عملائها شرق البلاد"، مؤكدا أن سلاح الجو الذي شارك في عملية إعادة سيطرة حفتر مؤخرا على الهلال النفطي كان إماراتيا خالصا".
وأشار إلى أن "ردود الفعل الدولية إزاء قرار حفتر الأخير، ومن قبلها القتال في منطقة الهلال التي يغلب عليها الصمت والشجب على أوراق البيانات، تشير إلى مساع إماراتية ومن القاهرة ودول أخرى لإقناع الدول الكبرى بجدوى القرار"، مؤكدا أن الإمارات تعلم جيدا أن قرارها من خلال حفتر سيبقى حبرا على ورق ما لم يحظ برضى دولي.
وقال "المعركة سياسية الآن بامتياز، فحلفاء حفتر يستثمرون ورقة النفط للسيطرة على مصير البلاد، فالنفط يعني السيطرة على البنك المركزي ومواقف حكومة الوفاق، حيث تأكد لديهم أن طرابلس مركز الحكم في ليبيا عصية على سيطرتهم".
وكشف المصدر أن "المسؤول البارز في مؤسسة النفط بطرابلس عثمان الحضيري والمقيم في لندن وهو أحد أركان نظام القذافي، هو الواسطة حاليا لفتح حسابات جديدة لمؤسسة نفط بنغازي من خلال ذات البنك السابق وهو بنك Deutsche Bank، الذي يمتلك فروعا حول العالم ومنها فرعه في دبي الذي يعمل فيه رفيق النايض".
كما كشف المصدر أن محمد عون ممثل حكومة الوفاق في منظمة الاوبك له علاقات وثيقة بالحضيري، ومتورط في دعم قرار حفتر الأخير.
إلى ذلك، رأى المصدر أن ما يدور حالياً يشبه الانقلاب، قائلا "رجل الإمارات الأول العارف النايض يعمل بشكل بطيء منذ سنوات من خلال "لوبي" عرف سابقا باسم مجموعة ليبيا للاستقرار، لكنه الآن يعمل تحت أكثر من مسمى بعد توسيعه وضم شخصيات متنفذة بعضها يسيطر على مفاصل مهمة في الدولة، لكن الشخصيات التي تعمل الآن في الخفاء لدعمهم قرار حفتر على علاقة بالأوبك من جهة، ومؤسسة النفط في طرابلس من جهة أخرى. ومن بينهم رئيس المحفظة الخضراء بأفريقيا وفيق الشاطر، ومحمد غانم ابن رئيس وزراء ليبيا السابق شكري غانم، وعاصم القوصبي صاحب شركة نفط للاستثمارات القابضة".