يكشف مصدر سياسي وثيق الصلة بمؤسسة الرئاسة المصرية، لـ"العربي الجديد"، أن جهات في الدولة، امتنع عن تسميتها، "أفشلت اتفاقاً للتهدئة مع روابط الأولتراس، منتصف العام الماضي". ويشير المصدر إلى أن "الاتفاق كان على وشك الحصول، ورحّب به عدد كبير من قيادات أولتراس أهلاوي وأولتراس وايت نايتس (مشجعي نادي الزمالك)، وكان من أهم نتائج الاتفاق عودة الجماهير للمدرجات". ويلفت إلى أنه "عُقد وقتها اجتماع غير معلن، لممثلين عن الأولتراس، مع وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم". لكن يضيف المصدر "فوجئنا بعدها بتخطيط مجزرة الدفاع الجوي، التي راح ضحيتها 22 من مشجعي نادي الزمالك ورابطة أولتراس وايت نايتس، قبل المباراة التي جمعت فريقي الزمالك وإنبي باستاد الدفاع الجوي، التابع للمؤسسة العسكرية في فبراير/شباط 2015".
ويكتفي المصدر بالتلميح، من دون أن يجزم، بأن أطرافاً بوزارة الداخلية هم من وقفوا وراء إفشال المبادرة، ويقول "للأسف، هناك ضباط وشخصيات كبيرة بالوزارة، لا يريدون نسيان دور هؤلاء الشباب في ثورة 25 يناير". ويلفت إلى أنّ بعضهم يرى أنه في حال السماح لهؤلاء الشباب بدخول المدرجات من جديد فإن ذلك يعد انتصاراً لهم.
وكانت الواقعة المعروفة إعلامياً بـ"مجزرة بورسعيد" من أبرز الأحداث التي راح ضحيتها العشرات من أعضاء أولتراس النادي الأهلي في استاد بورسعيد، خلال مباراة جمعت ناديي الأهلي والمصري في 1 فبراير/شباط 2012، إذ لقي أكثر من 72 من مشجعي النادي الأهلي مصرعهم في المدرجات.
اقرأ أيضاً: بكري يبدأ رحلة تفتيت "دعم مصر"..والسيسي يدعو شباب "الأولتراس"
وتبع ذلك ردود أفعال غاضبة عنيفة تضمّنت تنظيم تظاهرات شهدها محيط وزارة الداخلية في القاهرة، بالإضافة إلى تنظيم احتجاجات أخرى تزامنت مع جلسات الحكم في نفس القضية. وكان أبرزها، ما شهده مقر اتحاد كرة القدم المصري ونادي الشرطة من أعمال تخريب في 9 مارس/آذار 2013، بعدما أيّدت محكمة مصرية الحكم بالإعدام على 21 متهماً بقتل مشجعي الأولتراس، عقب مباراة الأهلي والمصري في بورسعيد. وبعد 30 يونيو/حزيران 2013، قضت محكمة الأمور المستعجلة في 15 مايو/أيار 2015 بـ"حظر روابط الأولتراس واعتبارها كيانات إرهابية".
الأمور كانت تسير بهدوء قبل أن يقوم الآلاف من أعضاء أولتراس أهلاوي بإحياء الذكرى الرابعة للمذبحة بمدرجات ملعب مختار التتش بوسط القاهرة، يوم الاثنين الماضي، بهتافات مطالبة بالقصاص لزملائهم، كان منها "الشعب يريد إعدام المشير" في مشهد هو الأكثر سخونة، منذ فترة. خرج على أثرها السيسي في مداخلة تلفزيونية، مساء الاثنين، مطالباً الشباب بالهدوء، وموجّهاً لهم دعوة للحوار وتشكيل لجنة مكونة من 10 أعضاء منهم، للاطلاع على نتائج التحقيقات في المجزرة، ليردّ عليه الشباب بعدها ببيان أكدوا خلاله تمسكهم بالقصاص لدماء الضحايا.
في المقابل، دعت رابطة مشجعي نادي الزمالك، يوم الأربعاء الماضي، الجمهور إلى إحياء الذكرى الأولى لشهداء مجزرة الدفاع الجوي بما يستحقونه من تكريم، وتصحيح مسار قضيتهم للقصاص لدمائهم من المسؤولين عن قتلهم بحسب بيان للرابطة.
وأوضح البيان أن "ما حدث يومها كان جريمة مكتملة الأركان، بمن دبّر لاجتذاب الجمهور ومن شارك في تصفيتهم وهم يغنون". وأضاف البيان "اتهموا الجماهير في قتل إخوتهم ووضعوهم في القفص، المجني عليهم أصبحوا الجناة، والجاني حر طليق وما زال يمارس نفس أساليبه ليقضي على الشباب، ويتفاخر في كل لحظة بأنه قتل الأولاد، بأنه قضى على الأولتراس والمحبين. الرفقاء في السجون، والإخوة في القبور، والدماء تغلي من الظلم والقمع والبطش الذي نتعرض له في كل يوم، بفتح قضايا جديدة وحبس المزيد لعرقلتنا عن إحياء ذكرى ضحايانا. لن نتوانى أبداً في أي مبادرة تهدف إلى الحل واحتواء الجماهير ومعالجة الأزمات، بل بالعكس نحن قدمنا الكثير والكثير من قبل، لتفادي قتل الأبرياء في ساحات كرة القدم، فنحن أبناء هذا الوطن نحيا فيه وبه سندفن في ترابه".
وتابع الأولتراس، في بيانه، أنه "أيام قليلة تفصلنا عن ذكرى المجزرة. عام مر من دون أن تُردّ الحقوق إلى أهلها"، داعياً الجميع وعلى رأسهم جماهير الزمالك من كل مكان، للمشاركة في إحياء ذكرى شهداء مجزرة الدفاع الجوي بما يستحقونه من تكريم، وتصحيح مسار قضيتهم للقصاص لدمائهم من المسؤولين عن قتلهم، غداً الاثنين.
اقرأ أيضاً: أحداث "بورسعيد"..الفاتورة التي تدفعها كرة القدم المصرية..حتى الان!