أثار إعلان حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة أن المصارف اللبنانية "غير مجبرة على إعطاء الدولارات للزبائن، وإنما فقط الليرة"، موجة من الذعر بين المودعين اللبنانيين وأصحاب الحسابات الجارية.
ويأتي موقف سلامة، الذي قاله مساء الخميس في حديث لتلفزيون محلي، في سياق معلومات يتم تداولها عن توقف المصارف اللبنانية عن تقديم الدولار مع نهاية الشهر الحالي، وتحويله قسراً إلى الليرة وفق السعر الرسمي. وأشار متابعون إلى أن ما صرح به سلامة يخالف القانون، إذ يجب على المصارف أن تعيد للزبائن أموالهم بالعملة التي تم إيداعها فيها.
وأكد هؤلاء أن التحويل القسري يعني خسارة المودعين وأصحاب الحسابات الدولارية أكثر من 60% من قيمة أموالهم، وشرحوا أن الدولار ارتفع حوالي 66% أما الليرة لدى الصرافين بعدما تراجعت الأخيرة إلى 2500 أمام الدولار، الخميس، فيما السعر الرسمي لا يزال ثابتاً عند 1507 ليرات. وقيام المصارف بحصر تسليم الأموال بالليرة وفق السعر الرسمي، يعني حسم نسبة ارتفاع الدولار من قيمة الوديعة أو الحساب، من دون أي مسوغ قانوني.
ويتزامن ما قاله سلامة مع موجة من العنف تشهدها المصارف اللبنانية، حيث شهد بنك عودة خلافاً، الجمعة، تطور إلى اعتداء عدد من الموظفين بالضرب المبرح على أحد المودعين، فيما استمر المودعون بالقيام بتحركات احتجاجية داخل المصارف وخارجها، رفضاً لاحتجاز رواتبهم وحساباتهم الجارية من دون أي سند قانوني، وتحديد سقوف متدنية للسحب بالدولار، يصل أقصاها إلى 300 دولار أسبوعياً، في مقابل منعهم من تحويل أموالهم إلى الخارج، فيما تم السماح لكبار المودعين والسياسيين بتهريب أموالهم منذ أغسطس/ آب من العام الماضي، بعد انكشاف الأزمة النقدية.
وقال سلامة في مقابلة تلفزيونية، الخميس، إن المصارف اللبنانية لا تعاني إفلاسا وإن الودائع آمنة لكن البلاد بحاجة للدعم الخارجي لانتزاع نفسها من الأزمة الراهنة. وجاءت تصريحات سلامة وسط أزمة مالية عميقة هزت الثقة في البنوك. وأضاف أن قطر أبدت استعدادا لمد يد العون للبنان الذي يواجه نقصا حادا في الدولار وأسوأ أوضاع اقتصادية منذ الحرب الأهلية التي دارت من عام 1975 إلى عام 1990.
وتابع أن "العمل على تأمين استمرارية التمويل للبنان ليس أمرا سهلا، ولبنان بحاجة لدعم خارجي". وتابع سلامة قائلا إن الدولة اللبنانية لم تجر مفاوضات مع صندوق النقد الدولي لمعرفة الشروط التي سيضعها. وشرح سلامة أن المصرف المركزي لديه سيولة حجمها 31 مليار دولار وإنه مستعد للتدخل لتأمين السيولة المطلوبة لدى المصارف.
ومنذ استقالة سعد الحريري من رئاسة الوزراء في 29 أكتوبر/ تشرين الأول في مواجهة احتجاجات غير مسبوقة على النخبة الفاسدة في البلاد، أخفق لبنان في تشكيل حكومة جديدة أو دفع الإصلاحات المطلوبة للحصول على دعم خارجي. وتعهد المانحون الأجانب في مؤتمر "سيدر" الذي عقد في باريس في 2018، بتقديم 11 مليار دولار لتمويل مشروعات في لبنان، لكنهم علقوا ذلك على تنفيذ إصلاحات اقتصادية أجّلتها بيروت منذ فترة طويلة وأخفقت في تنفيذها.