وتابعت هيئة كبار العلماء، اليوم الأحد، بحضور مفتي الجمهورية، شوقي علام، نقاش قضية وقوع الطلاق الشفوي أو عدمه واشتراط توثيقه الذي بدأته منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأحالت أسئلتها إلى لجان الفقه والفتوى والتفسير للإجابة عنها ومعرفة الرأي الشرعي بهذا الأمر.
وأثار طلب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إصدار تشريع لإلغاء الطلاق الشفهي، أزمةً بينه وبين علماء الأزهر، الذين رأوا أن هذا الطلاق هو من الشريعة الإسلامية، بينما أيّده مفتي الجمهورية، ووقعت مواجهة شديدة بين الطرفين.
وتشهد مصر أزمة سياسية ومجتمعية بسبب زيادة معدلات الطلاق إلى نحو 40% خلال العام 2015.
وأعرب السيسي، خلال الاحتفال بعيد الشرطة في 24 يناير/كانون الثاني الماضي، عن صدمته لدى اطلاعه على إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء التي تفيد بأن نسبة الطلاق وصلت إلى 40%.
وقال إن "هذا الأمر يمثل تهديدًا للأسر والعائلات وتفتيتًا لتماسكها، ويتطلب التدخل وتغيير القوانين لتجريم "الطلاق الشفهي"، واشتراط أن يكون "الطلاق مكتوبًا"، كفرصة يراجع فيها الزوجان موقفهما قبل الشروع في الطلاق الفعلي". كما أظهر عدم الرضا عن أداء شيخ الأزهر في هذه المسألة.
وقال أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر، الدكتور أحمد كريمة، إن الطلاق الشفهي الأصل في الشريعة الإسلامية، في تصريحات صحافية، وإن الدعوة إلى إلغاء الطلاق الشفهي، واشتراط أن يكون الطلاق موثقًا فقط، ليس من الشريعة الإسلامية.
أما المفتي السابق، علي جمعة، وهو من الشخصيات المقربة من السيسي، فقال إن "نسبة الطلاق لم ترتفع في مصر بسبب الطلاق الشفهي، وإنما ارتفعت عند المأذون"، مشيرًا إلى أنها "كانت 13% حسب إحصائية وزارة العدل، وأصبحت الآن 40%".
وأضاف خلال برنامجه "والله أعلم": "هناك فرق بين وقوع الطلاق وإثبات الطلاق، فالوقوع يكون بقول هذا اللفظ، ويشترط فيه القصد، وليس النية"، مشيرًا إلى أنه يجب أن تتوافر القصدية في الطلاق.
وتابع: "اشتراط وقوع الطلاق بالذهاب إلى المأذون موجود في القانون منذ عام 1931، ولم يحل المشكلة، وعدم توثيق الطلاق خلال 30 يومًا، جريمة تستوجب الحبس"، موضحًا أن دار الإفتاء تلقت 3300 سؤال عن الطلاق في العام الماضي، منها 3 حالات فقط وقع فيها الطلاق، لعدم توافر الشروط الشرعية. واستطرد: "في حالة خروج فتوى بعدم وقوع الطلاق الشفهي، سنكون أضحوكة الشرق والغرب"، على حد قوله.
وكتب المتحدث باسم الأزهر، عبد المنعم فؤاد، مقالًا بعنوان "المأذون ليس الحل"، في جريدة "الأخبار" الحكومية، رفض فيه اقتراح السيسي، بل وهاجمه بشدة، معتبراً أن "الطلاق والزواج أمر شرعي، له ضوابط وشروط، ولا تُؤخذ فيه آراء فردية، مهما كان علو كعب صاحبها".
وتابع: "طالما أن الزوج نطق به صراحة، وبكامل قواه العقلية، وغير مجبر، كما قرر الفقهاء، ثم يكون التوثيق للعلة السابقة نفسها لضمان الحقوق".
ويؤيد المفتي الحالي، الدكتور شوقي علام، دعوة السيسي إلى إيقاف الطلاق الشفهي. وقال إن "معظم حالات الطلاق، خاصة في سنوات الزواج الأولى، تنحصر في أن الزوجين ليسا مدركين للحقوق الزوجية التي لهما، والواجبات التي عليهما"، مشيرًا إلى أن "الطلاق الشفهي يحتاج إلى إعادة نظر عبْر إصدار تشريع للتحقق منه وتوثيقه".
وأضاف، في تصريحات صحافية، أنه "يجب التيقُّن أن الزوج تلفظ بالطلاق، وهو قاصد إنهاء العلاقة الزوجية بلفظ ونية صريحة، ولذلك، لا نجيب في دار الإفتاء المصرية عن مسائل الطلاق إلا بحضور الزوج إلى الدار للتحقق من أن هذا الزوج بالفعل قصد الطلاق".
ورأى أنه "لا بد من العقل الذي يتعامل مع التراث أن ينظر إلى تطور العصور والمجتمعات والواقع ومشكلات الناس المعقدة".