دانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ما وصفته بـ"محاولات ترهيب أهالي ضحية المقطم محمد عبد الحكيم محمود، الشهير بـ(عفروتو)، والذي قُتل داخل حجز قسم شرطة المقطم يوم السبت 6 يناير/كانون الثاني الماضي، والمتضامنين معهم من أجل التأثير على مسار القضية".
ورصدت المبادرة المصرية حملات الاعتقال المتكررة لأهالي المنطقة من جيران عفروتو، والتي وصل عدد المعتقلين فيها إلى أكثر من مائة شخص، بعضهم لم يكن موجودا في مكان الواقعة الأصلية، وأكدت أنه "لا يجب عقاب أهالي منطقة مساكن المقطم لمطالبتهم بمحاسبة المسؤولين عن وفاة عفروتو (20 سنة)".
وتم تجديد حبس 92 من المقبوض عليهم لثالث مرة في جلسة استمرت لخمس دقائق يوم 7 فبراير/شباط الحالي. ووفقًا لمحامي المتهمين، لم يرَ القاضي الذي نظر تجديد أمر الحبس أيًّا من المتهمين، وسمح لاثنين فقط من المحامين بالحديث في الجلسة، ثم قام بإصدار قرار بتجديد الحبس لخمسة عشر يومًا إضافية.
في حين قام تسعة من المتهمين من أهالي المنطقة والمحبوسين على ذمة القضية باستئناف أمر حبسهم، وتحددت لنظر استئناف أمر الحبس جلسة 12 فبراير، وفيها قررت محكمة جنوب القاهرة إخلاء سبيل التسعة بكفالة قدرها خمسة آلاف جنيه لكل منهم.
ووقعت أحداث تجمهر يوم 6 يناير/كانون الثاني الماضي، بعد أن عَلِم أهل المنطقة بوفاة الشاب خلال احتجازه داخل قسم شرطة المقطم، بعد أن قامت قوة من شرطة القسم بالقبض عليه وآخرين من الشارع، وضربهم واقتيادهم إلى القسم.
وقام الأهالي بالتجمع خارج مستشفى المقطم التخصصي، حيث نقلت الشرطة الجثة، وحاولت إقناع الأهالي بأن سبب الوفاة لا علاقة له بالقبض عليه أو معاملته داخل الحجز، وأنه أصيب بألم حاد في البطن قاموا على أثره بنقله إلى المستشفى حيث تُوفي هناك.
ولاحقًا خرجت تصريحات لمسؤولين من وزارة الداخلية تنسب وفاته إلى تناوله كمية كبيرة من المخدر، في حين أن شهادة الوفاة الرسمية أقرّت بأن سبب الوفاة هو نزيف داخلي بالبطن وتهتك في الطحال.
وقامت قوات قسم الشرطة بالقبض على عدد ممن تجمهروا خارج المستشفى لتسلم الجثة والمطالبة بمحاسبة المتسبب في وفاة عفروتو داخل قسم الشرطة. كما قامت بشن عدة حملات للقبض على آخرين بشكل عشوائي في الأسابيع التي تلت الواقعة الأصلية.
وتطالب المبادرة المصرية بإخلاء سبيل الحالات التي انتفت مبررات حبسها الاحتياطي وإسقاط الاتهامات الملفقة لهم، حيث يظهر من هذه الحالات التي قامت المبادرة بتوثيقها ومن مقاطع الفيديو وشهادات الشهود مستوى غير مسبوق من التنكيل العشوائي بأهل المنطقة الذين تضامنوا مع أهل المجني عليه.
وعلى الرغم من أن تلك الممارسات متكررة في الحالات التي تبدأ النيابة العامة فيها في محاسبة أحد رجال الشرطة، وأنها عادة ما تستخدم للضغط على أهل المجني عليهم أو على المتضامنين معهم، فإن عدد المقبوض عليهم والذي يقترب أو يزيد على المئة شخص غير مسبوق في هذا السياق. وعليه فإن تجديد الحبس لهم بشكل مستمر لا يهدف إلا للتنكيل والعقاب الجماعي لسكان المنطقة.
وأكدت المبادرة "تتم معاملة المقبوض عليهم وذويهم بتعسف غير مسبوق، ويظن أهل الضحية وأهالي المقبوض عليهم أن الشرطة كانت تحاول مساومتهم والضغط على أهل المنطقة المتضامنين مع أهل عفروتو من أجل التنازل عن محاسبة الضابط والأمين المتهمين في القضية".
وقابلت المبادرة المصرية زوجة أحد المقبوض عليهم في الحملات العشوائية اللاحقة، بعد الواقعة الأصلية بما يقارب أسبوعين، وهو محمد عبد المجيد محيسن (39 سنة)، وقالت زوجته: "يوم الوفاة رئيس مباحث القسم اتصل بزوجي، وسأله: تعرف عفروتو؟ قال له ده زي ابني. وقال له إنه توفي وطلب منه أن يبلغ أهله. كل ما فعله زوجي أنه نقل أهل عفروتو في سيارته إلى المستشفى، ووقف معهم في المستشفى وعمل لهم العزاء فتم القبض عليه".
وحكى محمود عبد الحكيم، شقيق الضحية، ملابسات القبض على أحد العمال في محل بالمنطقة، ومن بين المقبوض عليهم مجند في الداخلية كان قد عاد إلى مساكن المقطم في إجازة، وقبض عليه بشكل عشوائي.
كما عاينت المبادرة المصرية مقطعًا تم تصويره بإحدى كاميرات المراقبة في أحد محلات الألبان بالشارع الذي يفصل بين قسم الشرطة ومستشفى المقطم التخصصي، يُظهر اقتحام الشرطة للمحل والاعتداء والقبض العشوائي على صاحب المحل واثنين آخرينِ تواجدوا في المحل بالصدفة.