وتوضح مصادر قضائية مطلعة لـ"العربي الجديد"، أنّ "قاضي التحقيق بصدد تفتيش عدد من مراكز حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني خلال الشهر الحالي، للتأكد من سلامة الأوراق التي تتلقاها بشأن التمويل الأجنبي لأنشطتها، ومعرفة مصادره". وتتهم التحريات الأمنية جميع المشمولين بالتحقيق في القضية من النشطاء السياسيين والحقوقيين "بتلقي دعم مالي من الخارج، وتمويل أجنبي مخالف للقانون، واستخدامه في نشر أفكار ومعلومات كاذبة ومضللة، من شأنها الإخلال بالأمن والنظام العام". وتشير المصادر القضائية، إلى أنّ "قاضي التحقيق ﻻ يقتصر في تحقيقاته على الوقائع التي سبقت قيد القضية لدى نيابة أمن الدولة العليا عام 2012، بل يفحص أيضاً وقائع التمويل المتصلة بها، والتي حدثت بعد هذا التاريخ لغاية اليوم".
ويثير هذا الأمر مخاوف لدى الحقوقيين الذين يتم التحقيق معهم، إذ يمكن بذلك توجيه اتهامات لهم وفقاً للمادة 78 من قانون العقوبات بعد تعديلها بقرار من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في سبتمبر/ أيلول 2014، لتصبح شاملة لتجريم تلقي جميع المساعدات بأي شكل من أي دولة أجنبية. ويضاف إليها، توسيع الغرض الإجرامي ليصبح "المساس بالوحدة الوطنية واستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها أو القيام بأعمال عدائية ضد مصر أو الإخلال بالأمن والسلم العام". وهي عبارات فضفاضة يمكن بسهولة تطبيقها على الحقوقيين والنشطاء السياسيين.
وما يضاعف من هواجس الحقوقيين، أن قاضي التحقيق سأل خلال التحقيقات السرية معهم عن الأنشطة التي تقوم بها المراكز، والدوريات، والأوراق، والكتيبات التي تصدرها، ما يشير إلى أنه يبحث أيضاً في الغرض من التمويل الذي تتلقاه هذه المراكز، وما إذا كان يؤثر على أدائها تجاه الأوضاع الداخلية، وفقاً للمصادر ذاتها. وتؤكد هذه المصادر أنّ "قاضي التحقيق لم يقرر منع جميع من تم التحقيق معهم من السفر، بل منع عدداً محدوداً، ومعظمهم لم يُحقّق معهم بعد بشكل منفرد، أو لم يتم الحصول على المستندات الخاصة بمراكزهم".
أمّا الجهات التي يحق لها إصدار قرار المنع من السفر في مصر، فهي المحاكم في أحكامها وأوامرها الواجبة النفاذ، والنائب العام، وقاضي التحقيق، ومساعد وزير العدل للكسب غير المشروع، ورئيس المخابرات العامة، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية، ومدير إدارة المخابرات الحربية. يُضاف إليهم، مدير إدارة الشؤون الشخصية والخدمات الاجتماعية للقوات المسلحة، والمدعي العام العسكري، ومساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن الوطني، ومساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة الأمن العام.
وتختلف هذه القضية عن سابقتها، التي تفجّرت في عهد المجلس الأعلى للقوات المسلحة بين عامي 2011 و2012، واستهدفت المنظمات التابعة مباشرة لهيئات أميركية وأوروبية وألمانية، والتي تم تهريب المتهمين فيها، بأمر من المجلس العسكري. وكانت سلطات مطار القاهرة الدولي، أعلمت الحقوقي جمال عيد في 4 فبراير/شباط الحالي، بإدراج اسمه ضمن قوائم الممنوعين من السفر، وذلك أثناء إتمامه إجراءات جواز السفر المعتادة قبيل توجّهه إلى أثينا. وأفادت سلطات الأمن في المطار، بأن الحظر جاء بناءً على أمر من النائب العام من دون إبداء أسباب، على الرغم من أن عيد لم يتلق من قبل قراراً بمنعه من السفر أو استدعاءً للتحقيق من قبل النائب العام.
اقرأ أيضاً: مصر..19 منظمة حقوقية تطالب بوقف سياسات منع السفر